ترجمة وتحرير نون بوست
يلتقي زعماء العالم في نيويورك لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي انطلق رسميا في 20 أيلول/ سبتمبر. ومن أبرز الزعماء الذي سيحضرون اجتماعات هذا الأسبوع نجد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الرئيس الفرنسي، فرانسو هولاند، والرئيس الأمريكي باراك أوباما.
ونظرا لأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منشغل بالإشراف على نتائج الانتخابات البرلمانية التي عقدت في 18 أيلول /سبتمبر والتحضير لمعركة الميزانية في الكرملين، فقد حضر نيابة عنه وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف.
وخلال الأسبوع المنقضي كانت موسكو مشغولة في تحديد المرحلة المقبلة من عملية التفاوض مع الغرب حول وقف إطلاق النار في سوريا وأوكرانيا، أي اثنين من القضايا المهمة التي تتطلب تعاونا روسيا لوقف التصعيد. ومن المتوقع أن لافروف سيمضي قدما في الحوار مع الغرب من أجل التعاون فيما يتعلق بالملف السوري مع تقديم تنازلات في ما يتعلق بالملف الأوكراني، مع تفاوضه حول تخفيف العقوبات على القيود التجارية المفروضة على روسيا في مطلع العام المقبل.
وسيقوم لافروف، خصوصاً، بعقد اجتماعات مع ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة. ومن المرجح أن يضغط على نظرائه الغربيين لإقناع أوكرانيا بالوفاء بوعودها المتعلقة بالتنازلات السياسية المتفق عليها في شرق أوكرانيا. ولذلك ستكون اللقاءات بين الرئيس الأوكراني، بيترو بوروشينكو، والرئيس الأمريكي باراك أوباما، وكذلك بين بوروشينكو والمرشحة للرئاسة الأمريكية، هيلاري كلينتون، والتي تعقد بتاريخ 21 أيلول /سبتمبر مهمة وحاسمة.
ومن جهة أخرى، سيحاول بوروشينكو، إقناع الغرب على مواصلة الضغط على روسيا في ما يتعلق بالنزاع في شرق أوكرانيا لاسيما حول العقوبات الدولية المسلطة على روسيا.( ولقد التقى بوروشينكو بالفعل مع وزيري الخارجية الفرنسي والألماني في كييف في الآونة الأخيرة). ومن المرجح أن انعقاد اجتماع بين بوروشينكو والناطقة الرسمية لإدارة الخارجية الأمريكية، فيكتوريا نولاند، قد يؤثر على مصير هذه المفاوضات.
كما عقد اجتماع بين الرئيس الأمريكي اوباما ونظيره الفرنسي، فرانسوا هولاند، ورئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، ووزير الخارجية الروسي، لافروف، لمناقشة الشأن السوري في 21 أيلول/ سبتمبر. حيث سيتناول هذا الاجتماع مسألة وقف إطلاق النار ومدى نجاحه. ومن المتوقع أن يطرح الرئيس الأمريكي خطةً جديدة للولايات المتحدة لإعادة توطين أكثر من 100 ألف لاجئ، قدم 40 ألف منهم من منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
وفي الوقت نفسه سيقوم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالتأكيد على جهود بلاده الحثيثة لمعالجة وضعية المهاجرين في سوريا، مع محاولة الضغط أكثر من أجل الحصول على المزيد من الدعم الدولي لخططه الرامية إلى إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا.
وتجدر الإشارة إلى أن الجيش التركي قد استطاع دون الحصول على أي تأييد دولي أن يمضي قدماً نحو المنطقة الجنوبية من سوريا تحديداً إلى منطقة الباب بالتعاون مع القوات الأمريكية، متجنبا أي صدام محتمل مع روسيا على ميدان المعركة.
وستقدم الجمعية العامة فرصة للعديد من قادة العالم للتعرف على سياسات الفائز القادم في سباق الانتخابات للولايات المتحدة، لأن قادة منطقة آسيا والمحيط الهادئ قلقون حول مدى التزام واشنطن بسياسة الأمن والتجارة في المنطقة. ويلتقي رئيس الوزراء الياباني مع كلينتون، ومن المحتمل أن تبحث اليابان في هذه الجلسة في الضمانات التي يمكن الحصول عليها من اتفاق الشراكة الاقتصادية الإستراتيجية عبر المحيط الهادئ، الذي لن يتم التفاوض بشأنه في الوقت الحالي قبل التصديق عليه في البرلمان الياباني. كما ستناقش كل من الولايات المتحدة واليابان مسألة الحصول على مزيد من التعاون الأمني في بحر الصين الجنوبي من أجل التصدي لنفوذ الصين المتنامي.
وقد تعهدت اليابان مؤخرا بالمشاركة في مناورات الولايات المتحدة في بحر الصين الجنوبي، ولذلك فهي تقوم في الوقت الراهن بمراقبة الاستفزازات الصينية، عن كثب، في بحر الصين الشرقي.
ومن المتوقع أن يكون ملف كوريا الشمالية على جدول أعمال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، خاصة مع استمرار بيونغ يانغ في تسريع برنامجها النووي، مما سيدفع بأمريكا واليابان وكوريا الجنوبية على تشديد الإجراءات الأمنية عليها.
وسيمثل رئيس مجلس الدولة الصيني، لي كه تشيانغ، بكين في هذه القمة، الذي يجتمع مع اوباما يوم 19 سبتمبر/أيلول، حيث سعت الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد كوريا الشمالية، بما في ذلك تسليطها عقوبات شديدة عليها، ولكن بكين تشعر بالقلق من أن هذه التدابير ستعيق مسار المفاوضات الدبلوماسية مع بيونغ يانغ.
ووصل وزير الخارجية الياباني فوميو كيشيدا، إلى مدينة نيويورك يوم 18 أيلول/سبتمبر، أين أجرى محادثات مع نظرائه من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية من أجل التوصل إلى طرق لتشديد العقوبات على كوريا الشمالية، وتم الاتفاق على الاعتماد المبكر لقرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بفرض عقوبات إضافية عليها. وأثناء لقاء ثنائي، ناقش كيشيدا مع وزير خارجية كوريا الجنوبية، يون بيونج سي، مسألة قضية نساء المتعة، التي مثلت نقطة خلاف أساسية بينهما مما أعاق دعم التعاون بين سيول وطوكيو. وسيجتمع كيشيدا مع مسؤولين من مجموعة الدول الصناعية السبع التي تضم كلا من كندا، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا العظمى، إيطاليا، اليابان، والولايات المتحدة على هامش اجتماعات الأمم المتحدة لمناقشة التطورات النووية والصاروخية لكوريا الشمالية. وسيسعى كيشيدا أيضا إلى إجراء محادثات مع نظرائه من البرازيل والهند وألمانيا يوم 21 أيلول/ سبتمبر.
وسيناقش وزراء خارجية الدول الست الكبرى (المملكة المتحدة والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة) الاتفاق النووي الإيراني يوم 22 أيلول/ سبتمبر مع وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، وربما مع الرئيس حسن روحاني. أما بالنسبة للمسؤولين الإيرانيين فإن هدفهم يتمثل في الوقت الراهن في إرضاء الجماهير المحلية بعد التقدم الاقتصادي الذي تم إحرازه منذ رفع العقوبات. كما ينوي روحاني كسب مشاعر جمهوره المحلي عند إلقائه كلمته في اجتماع الجمعية العامة، لذلك هو سيعمل على عقد اجتماع مع أوباما لأهمية مثل هذا اللقاء في تحسين صورته داخل إيران مع اقتراب موعد الانتخابات الإيرانية. وتجدر الإشارة إلى أن المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب قد دعا لإعادة التفاوض حول الاتفاق النووي وإتخاذ موقف متشدد ضد استفزازات فيلق الحرس الثوري الإسلامي البحري في مضيق هرمز.
وسيكون هناك لقاء جانبي بين وزراء الخارجية يوم 22 أيلول/ سبتمبر لمناقشة تداعيات الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا، ويمكن القول أن هذا الاجتماع هو أقل أهمية من الاجتماعات التي عُقدت في القاهرة والتي سعت إلى تحديد بنية المجالس القيادية في ليبيا. وتجدر الإشارة إلى أن رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، سيحضر اجتماعات الجمعية العامة لحشد الدعم الدولي من أجل تأسيس حكومة وحدة وطنية.
وفي هذا السياق، تحدث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن دعمه لحل الأزمات السياسية في كلا من ليبيا واليمن أيضا، ولكن دعم مصر لخليفة حفتر يكشف رغبة مصر في تولي هذا الجنرال الليبي السابق مواجهة ميليشيات تنظيم الدولة في ليبيا.
كذلك تحدث رئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف، عن خططه حول تقرير المصير في كشمير الهندية بعد أشهر من احتجاجات دامية في العاصمة سريناجار. ومن المنتظر أن تكون مهمة شريف معقدة وصعبة نوعا ما خاصة بعد الهجوم الإرهابي الذي وقع في 18سبتمبر/ أيلول، عندما قام أربعة مسلحين من أصول باكستانية بقتل 18 جنديا هنديا في قاعدة للجيش في بلدة أوري الحدودية. وعلى إثر ذلك اتهمت الهند باكستان على الفور برعاية جماعات إرهابية، وهو ما سيدفع الوفد الهندي إلى تسليط الضوء، خلال اجتماع الجمعية العامة، على هذه النقطة، على الرغم من أن رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، لن يحضره.
وأخيراً، ينوي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، استضافة لقاء بهدف التشجيع على المصادقة على اتفاقية باريس بشأن المناخ. وقد صادقت كلا من الولايات المتحدة والصين على هذا الاتفاق في حين لا تزال 55 دولة لم توقع بعد، وهذا يعني أن اللقاء سيكون حاسما وفاصلا في تحديد مصير هذا الاتفاق، هذا إذا ما اعتبرنا أنه بحلول نهاية عام 2016 ستتبين طبيعة موقف الرأي العام العالمي بشأن تغير المناخ، ومدى قدرته على تغيير السياسات العالمية والدفع نحو مزيد تقديم الدعم المالي والتكنولوجي لتطوير تكنولوجيات بديلة أكثر قدرة على المحافظة على المناخ.
المصدر: ستراتفور