على ضفافِ ذلك الشاطئ تسكنُ الحياة، عمرُها لا يزيدُ ولا يقلُّ عن الستين عاما، تعيشُ بقايا أحلامِ والدِتها التي رافقتها عبر ذلك الشاطئِ قبلَ 60 عاما، في رحلةٍ شاقةٍ أتعبتْ قدميْها وأدمتْ شعبا طيبَ الأعراقِ من ورائِها.
لا عيشَ الا عيشُ السعداءِ بكلِّ الطرقِ وبالوسائلِ كافة، فعند اطرافِ بيتِنا مخيمٌ صغيرٌ لا يكادُ يتسعُ ساكنيه، بيوتُه متلاصقةُ شوارعٌه ضيقةٌ أزقتُه صنعتْ رجالا عاشوا تفاصيلَ حياتِهم الصغيرة في مخيمِهم العتيق.
على حُدودِ المخيمِ حنظله ورفاقه وفي قلبِه شارعٌ تنتشرُ على جانبيه حوانيتُ صغيرةٌ منها من يبيعُ الخضارَ والفواكه وآخرُ يبيعُ الأثريات والتحفَ القديمةَ، وهناك بائعُ الأقمشة يَخيطُ تفاصيلَ معاناةِ سكانِ مخيمٍ صغيرٍ تشردوا جميعا إلى قاعِ البحرِ في ظلمةِ الليلِ العسير، حيث لا حياةَ ولا موت .
إلّا أنّ الحياةَ لم تتوقفْ رغمَ تدفقِ الألم السنوي إلى حاراتِ المخيمِ وأزقته، ما أضيقَ مساحةَ الأمل التي يسكنُها الفقراءُ وما أصعبَ تحقيقَ أحلامِهم في وقتٍ عاش فيه الفقيرُ فقيرا وعاش البسيطٌ على الكفافِ التحفوا السماءَ وتغطوا بالأرض، مرت السنواتُ على المخيمِ ولم يتغيرْ لونُه ولا رائحتُه ولا طعمُه.
لهذه الكلماتِ ولغيرِها جاءتْ سفنُ التضامنِ مع الشعبِ الفلسطيني منذ أن بزغَ فجرُ الحصارِ على غزة، وتوالى المتضامنون الأجانبُ والعربُ إلى شاطئِ غزة محاولين غيرَ مقصرين مبادرين غيرَ متغافلين عن معاناةِ قرابةَ مليوني إنسان حرمَهم الحصارُ الإسرائيلي من ابسطِ سبلِ الحياة .
في الانتظارِ وصولُ سفينتي ” أمل وزيتونة ” إلى شاطئِ غزة ولكنْ هذه المرحلةُ بطابعٍ يحملُ في طياتِهِ خصوصيةَ المشاركةِ، عددٌ من سيداتِ المجتمعِ العربي والأوروبي قررن أن يخضْنَ معركةَ الوصولِ الي غزةَ عبر البحرِ لكسرِ الحصارِ عن السكانِ وتقديمِ المساعداتِ للفقراء .
في الافقِ يبدو الوصولُ مستحيلا في ظلِّ الممارساتِ الإسرائيلية التي تمنعُ وصولَ سفنِ المتضامنين الي قطاعِ غزة ولا ننسى ما حصل مع سفينةِ مرمرة التركية في العامِ 2010م، عندما اعترضت البحريةُ الإسرائيلية السفنَ التركيةَ وهاجمتها وسقطَ عددٌ من الشهداءِ والجرحى، ليكشفَ الاحتلالُ الإسرائيلي عن وجههِ الحقيقي وكيفيةِ تعاملِهِ مع المتضامنين الأجانب .
اللجنةُ الشعبيةُ لمواجهةِ الحصارِ في غزة تترقبُ وصولَ سفينتي أمل وزيتونة، أمل لزراعةِ الأملِ بأنّ الحصارَ الإسرائيلي على قطاعِ غزةَ إلى زوال، وزيتونة رمزُ السلامِ والمحبةِ وأن الشعبَ الفلسطينيَّ يبحثُ عن السلامِ وعن زراعةِ بذورِ السلام في الشرقِ الأوسط من خلالِ استقلالِه وإقامةِ دولتِهِ الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
“من ميناءِ برشلونة في اسبانيا انطلقتْ السفنُ وعلى متنِهما 30 متضامنةً دوليةً وذلك لكسرِ الحصارِ المفروضِ على قطاعِ غزة منذُ أكثرَ من عشرةِ أعوام “.
وكان في وداعِ المشاركاتِ في السفينتين حشدٌ كبيرٌ من المتضامنين الأجانب وذلك في رسالةِ تأييدٍ لهذه القافلةِ الإنسانيةِ بينهم عمدةُ برشلونة.
لا يختلفُ اثنان أن هذه خطوةٌ شجاعةٌ وتجرِبةٌ جديدةٌ في عالمِ التحررِ والحفاظِ على حريةِ الإنسان وأنّ الذي ” دفعَ نساءً من أكثرَ من عشرِ دولٍ أجنبيةٍ وعربيةٍ ركوب القوارب والمخاطرة في رحلةٍ محفوفةٍ بالمخاطرِ ” هو حبُّ غزةَ وأهلِها .
سفينة أمل
النائبُ في المجلسِ التشريعي الفلسطيني جمال الخضري رئيسُ اللجنةِ الشعبيةِ لمواجهةِ الحصارِ لا يتواني ولو للحظةٍ واحدةٍ عن تركِ مناسبةٍ إلا ويؤكدُ فيها على أهميةِ رفعِ الحصارِ عن غزة ورفعِ الظلمِ عن سكانِها، وإنّ مشاركةَ النساءِ في كسرِ الحصارِ عن غزةَ مرحبٌ به وإن رفعَ الحصارِ عن غزةَ يتطلبُ حراكاً دولياً سريعاً ينهي معاناةَ مليوني فلسطيني.
على شاطئِ غزةَ سترسو ” أمل وزيتونة ” سترسو على حلمٍ بالميناءِ البحري، صغارا وكبارا ينتظرون وصولَ السفنِ المتضامنةِ المحملةِ بالأمل لترسمَ البسمةَ على وجوهِ من تشردوا في حي الشجاعية نتيجةَ عدوانِ 2014م، لتحملَ الأملَ إلى قلوبِ الأيتام والفقراءِ والمستضعفين في أرضِ غزة .
أيتها السيداتُ الماجداتُ على متنِ سفينتي أمل وزيتونة نرسلُ لكم الدعواتِ بأن تصلوا أرضَ غزةَ وأنتم بأحسنِ حالٍ، نحن في انتظارِكم، نحبسُ الأنفاس ونخشى عليكم من الأمواجِ، هذه رسالتُنا لكم سنزرعُ أشجارَ الزيتون على مرفأ الميناء وسنوزعُ الأملَ على سكانِ غزةَ وأنتم شاهدون .