نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا في عددها الأخير، تحت عنوان “لعبة العروش الحقيقية” في السعودية، تناقش فيه التوتر والخلافات بين أفراد العائلة الحاكمة في السعودية، بشأن خليفة الملك سلمان القادم، رغم محاولات إظهار نوع من الانسجام بينهم.
وتقول المجلة: “لو بحثت عن الأخبار في السعودية قبل عقد من الزمان، فستجد أميرا شابا ذا توجهات إصلاحية، منشغلا بتأمين مستقبل المملكة، فقد كان الأمير محمد بن نايف في المقدمة، ويتعامل مع أهم قضية ملحة تواجهها المملكة، وهي الإرهاب، وكان ذكيا، ومحبوبا من الإعلام، وطموحا، ولم يشك أحد في رغبته بأن يصبح ملكا”.
وتضيف المجلة في تقريرها، الذي ترجمته “عربي21″، أنه “في نيسان/ أبريل، وبعد أربعة أشهر من وصول عمه الملك إلى العرش، أصبح وليا للعهد كما ينبغي، وكان هذا تحولا جذريا في التقاليد؛ لأن الملوك الستة السابقين للسعودية كانوا من أبناء الملك المؤسس، الذين لا يزال عدد آخر منهم على قيد الحياة، ينتظرون في طابور الإخوة، لكن في النهاية تم اتخاذ قرار بأن تقفز الخلافة جيلا، وأصبح الأمير محمد بن نايف (57 عاما) رسميا الثاني بعد الملك”.
ويعلق التقرير قائلا إن “هذا الأمر لم يعد مؤكدا، ففي العام الماضي، ظهر نجل الملك سلمان، والبالغ عمره 31 عاما، على الساحة وزيرا للدفاع، ونائبا لولي العهد، الذي يتولى مهمة فطام المملكة عن النفط، وطغى حضوره على حضور ابن عمه، حيث سلطت عليه الأضواء، ووعد بسلسلة من الإصلاحات الجذرية، وعلى ما يبدو فإن الملك سلمان يقوم بتهيئته لكي يكون الملك المقبل”.
ولا تتوقع المجلة قبول ولي العهد وضعا أنزل فيه منصبه، حيث واجه مصاعب من قبل، وعزز من موقعه في عام 2003، عندما قبل استسلام زعيم تنظيم القاعدة، مشيرة إلى أنه في عام 2009 كاد أن يقتل، عندما حاول إرهابي “تائب” تفجير قنبلة قريبا منه.
ويشير التقرير إلى أن الأمير محمد بن نايف قام في هذا الأسبوع بتمثيل بلاده في اجتماعات الجمعية العام للأمم المتحدة في نيويورك، التي يجتمع فيها قادة العالم، وأخمد الشائعات التي تحدثت عن إمكانية تهميشه لصالح ابن عمه، مستدركا بأنه رغم أن “تكهنات كهذه تعد محرمة في السعودية، إلا أن السعوديين يتهامسون فيما بينهم حول مؤامرات القصر، وكل أمير يحترم الآخر علنا، ولا يخفى وجود علامات توتر”.
وتلفت المجلة إلى الحرب السعودية في اليمن، التي قادها الأمير محمد بن سلمان، بعد أيام من تعيينه وزيرا للدفاع، وقام بإظهار قيادته، ولقاء الجنرالات، وزيارات للمسؤولين الأجانب، مستدركة بأنه عندما طالت الحرب تم تقديم قرار الحرب على أنه قرار جماعي، أي يتحمل الجميع المسؤولية.
وينقل التقرير عن بروس ريدل، من معهد بروكينغز، قوله: “ما هو واضح أن الأمير محمد بن نايف لم يسارع للقول: نعم هذا صحيح”، لافتا إلى أن الأمير محمد بن نايف بدا وكأنه “استاء” في كانون الأول/ ديسمبر، وسافر إلى الجزائر، حيث قضى هناك مدة ستة أسابيع، وأهمل واجباته في البلاد.
وتكشف المجلة عن أن “هناك محاولات لإظهار نوع من الانسجام داخل العائلة المالكة، لكن لو أصبح ولي العهد ملكا فإنه قد يعفي ابن عمه من منصبه، ولهذا يحتاج الملك البالغ من العمر 80 عاما للتحرك سريعا إن أراد تولي ابنه العرش من بعده”.
ويجد التقرير أن “هذا الأمر ربما كان صعبا؛ لأن المملكة حكمت، تقليديا عبر الإجماع، ويمقت الكثير من الأمراء قفز الأمير محمد بن سلمان عن قائمة الانتظار، فحرب اليمن أصبحت عبئا، وإصلاحاته الاقتصادية تسبب ألما حقيقيا”.
وتنوه المجلة إلى أن ولي العهد يتمتع بشعبية، وأثنى عليه الأمراء السعوديون والمسؤولون الغربيون، باعتباره رجلا جديا، ويعمل بدأب، ويعده الكثير من السعوديين حاميا لهم، وعزز من صورته هذا الشهر، من خلال الإشراف على مراسم الحج، بعد عام حادث التدافع في منى، أما منظمات حقوق الإنسان فهي أقل إعجابا به.
وتختم “إيكونوميست” تقريرها بالإشارة إلى أن “ولي العهد يبدو أكثر اتزانا من ابن عمه الشاب، وفي الوقت الذي تمر فيه البلاد بعملية إصلاح، فإنه لا أحد يعرف من سيكون القائد، ولكن ما هو مؤكد أن اسمه سيكون محمدا”.
المصدر: إيكونوميست – ترجمة: عربي ٢١