ترجمة وتحرير نون بوست
يعيش حوالي 80% من الفارين من الحرب السورية، داخل المخيمات الأردنية، في حالة من الإقصاء والاستبعاد الاجتماعي.
وقد حدثنا أحمد (34 عامًا) الذي غادر مع عائلته إدلب في شمال سوريا، بعد بضعة أشهر من بداية الحرب سنة 2011، واستقر في الأردن، أنه “منذ شهرين تقريبًا، أصبح غير قادر على دفع إيجار الشقة التي يعيش فيها”.
ويعتبر أحمد من بين اللاجئين المحظوظين، إذ تمكن بفضل خبرته في مجال الحلاقة، من العمل بصالون حلاقة في الأردن، مقابل نصف المداخيل اليومية لهذا المحل، ما مكنه من البقاء على قيد الحياة، ويعيش أحمد في شقة في الطابق الأرضي في غاندي الهاشمي، وهو أحد الأحياء الفقيرة في ضواحي عمان، كما أنه يمتلك في البيت فراشًا واحدًا للجلوس عليه في النهار وتقاسمه في الليل مع باقي أفراد الأسرة.
يقول أحمد: “أتقاضى شهريًا حوالي 250 دينارًا، لكن قيمة الإيجار تبلغ أكثر من 200 دينار، وبذلك، لن نتمكن من تسديد باقي نفقات البيت”.
كما يلتفت أحمد إلى زوجته رشا الحامل بالمولود الثالث، ويقول غاضبًا: “نحن ما زلنا لا نعرف كيف سندفع نفقات المستشفى”.
والجدير بالذكر أن هذا الصراع الذي دام أكثر من خمس سنوات، تسبب في تشريد 11 مليون سوري وأجبرهم على مغادرة منازلهم، هذا إلى جانب فرار حوالي خمسة ملايين آخرين من البلاد، وقد تم تسجيل 650 ألف لاجئ في الأردن، على الرغم من أن السلطات في عمّان أكدت أن عدد اللاجئين الحقيقي يقدر بضعف هذا العدد المذكور، نظرًا لتواجد لاجئين دخلوا بصورة غير قانونية.
ومن المتداول أن اللاجئين يعيشون مختلطين مع السكان المحليين، الذين يتشاركون معهم اللغة والثقافة والدين، إلا أن هناك العديد من الحالات الاستثنائية ونماذج للتهميش الاجتماعي.
أصبحت مخيمات الأمم المتحدة في الأردن، مثل مخيم الزعتري في شمال البلاد وهو ثاني أكبر مخيم لاجئين في العالم، مزدحمة للغاية وغير قادرة على استيعاب تدفق المهاجرين الناجم عن الحرب السورية اللامتناهية، ويعيش في هذا المخيم القريب من مدينة المفرق، حوالي 80 ألف سوري، نصفهم من الأطفال القاصرين، وفي الجهة الشرقية للبلاد، يتمركز حوالي 40 ألف لاجئ سوري آخر، في معسكر الأزرق الصحراوي.
أصبح اللاجئون السوريون، أمام تدهور أوضاعهم، على استعداد للعمل في أي قطاع وبأجور منخفضة إلا أن هذه الآلية أثارت مزيدًا من التوترات في سوق العمل الأردني.
ومن بين هؤلاء اللاجئين، حسام، الشاب السوري الذي يبلغ من العمر 35 سنة وأصيل درعا، والذي يقبل بأي عمل ويعتبر أن كل عمل له قيمته في ظل هذه الأزمة، كما أن المساعدات القليلة التي تقدمها المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ليست كافية لتلبية مستلزمات سبعة من أفراد عائلته.
وتحدث فاروق (17 عامًا) عن الظروف القاسية التي يعيشها حيث صرّح أنه عاد من الحقل فرحًا بعد أن تمكن من تقاضي أجر يقدر بسبعة دنانير، إضافة إلى صندوق من الطماطم سيتمكن من بيعه لباقي زملائه اللاجئين.
والجدير بالذكر أن الأمم المتحدة خصصت سنة 2016 أكثر من أربعة ملايين يورو لتلبية احتياجات اللاجئين السوريين في الخارج، لكن التقارير تفيد أنه في سبتمبر/ أيلول الحالي، لم تسدد بعد حوالي 40% من هذا المبلغ، وأمام عدم وجود تصريح عمل، فإن اللاجئين يضطرون إلى ترك مخيماتهم والتمركز في بعض المدن للبحث عن العمل وتلبية حاجيات الأسرة.
وفي خضم هذا الازدحام، تحولت المنطقة الحدودية في شمال عمّان، إلى “سوريا الصغيرة”، ومن جهته، قال لورانس أنه ينتظر في هذه الفترة الحصول على تأشيرة للهجرة إلى كندا كما أنه تحدث عن مشروع بيع البقول، الناجح رفقة شريكه الأردني، إلا أنه لا يرى مستقبله أو مستقبل عائلته في هذا المكان الذي يصل إليه صدى صوت القنابل.
ويواصل “إن الحرب لن تنتهي قبل 10 سنوات، وأريد أن أبدأ حياة جديدة في لندن، في ولاية أونتاريو، جنبًا إلى جنب مع أفراد أسرتي الذين يعيشون هناك”.
كما أن حياة، اللاجئة السورية، ترغب أيضًا في الهجرة إلى أونتاريو بلندن، أين سيستقبلها أفراد من عائلتها، وأشارت المرأة إلى أن ابنيها يعانيان من مرض السكري ولم يتمكنا من العلاج هنا في مخيمات اللاجئين.
وقالت حياة: “إن زوجي يعمل بصفة غير منتظمة لتسديد الإيجار، كما اضطر في كثير من الأحيان إلى بيع أقساط الغذاء التي تقدمها لنا الأمم المتحدة، لتسديد فاتورة الكهرباء”.
كما أشارت المرأة إلى أن أبناءها وأبناء جارها جلال إبراهيم، يدرسون فقط خلال الحصة المسائية في المدارس العامة الأردنية، كما يعمل أكثر من 200 مركز في جميع أنحاء البلاد، على تدريس الطلاب خلال حصتين: الأردنيون خلال الفترة الصباحية والسوريون خلال الفترة المسائية.
وعلى الرغم من أن السلطات الأردنية تمكنت من دمج حوالي 90 ألف تلميذ في مدارس بمختلف مناطق البلاد، إلا أن 15% من القاصرين السوريين، يضطرون للعمل في الأردن لمساعدة أسرهم.
كما وصف جلال إبراهيم مأساته في الأردن خاصة بعد وفاة زوجته بسبب السرطان منذ أشهر، ورعايته بمفرده لأطفال لا يتجاوز أكبرهم سن التاسعة، وأشار أيضًا إلى أنه يحصل على مساعدة قدرها 185 دينارًا في الشهر، إلا أن إيجار البيت يفوق 150 دينارًا.
وفي هذا السياق صرّح “الناس يساعدوننا، سواء من السوريين أو الأردنيين، بقدر المستطاع، وبهذه الطريقة فقط يمكننا البقاء على قيد الحياة في خضم هذه المأساة”.
المصدر: البايس الإسبانية