اشترى جهاز قطر للاستثمار 25% من أسهم الشركة المشغلة لمطار بولكوفو في مدينة بطرسبورغ الروسية مقابل 239 مليون يورو، علمًا أن جهاز قطر للاستثمار يعد الذراع الاستثمارية للحكومة القطرية وهو صندوق سيادي يختص بالاستثمار المحلي والخارجي تم تأسيسه في العام 2005 لإدارة فوائض النفط والغاز الطبيعي.
قبل تأسيس الجهاز كان هناك فريقًا إداريًا صغيرًا في وزارة المالية مسؤولاً عن استثمار فوائض الميزانية المالية الناجمة عن بيع النفط والغاز الطبيعي، وبسبب حجم الأموال الفائضة التي تراكمت بعد ارتفاع أسعار الطاقة في السنوات العشر الماضية، وضرورة تنويع إيرادات الميزانية بعدم الاعتماد على إيرادات الطاقة فقط ولمواجهة العجز المالي في موازناتها في حال هبوط أسعار النفط والغاز وتمكين الحكومات من توفير الخدمات لمواطنيها، قامت الحكومة القطرية بتأسيس الجهاز ويرأسه تميم بن حمد أمير الدولة.
استثمارات الصندوق
تقدر أصول الصندوق بنحو 304 مليار دولار حيث يصنف الجهاز في المركز التاسع من بين صناديق الثروة العالمية التي يتقدمها صندوق التقاعد النرويجي بأصول مالية تناهز الـ 882 مليار دولار، وفي المرتبة الرابعة على مستوى الصناديق السيادية في منطقة الشرق الأوسط بحسب مجلة فوربس الشرق الأوسط.
اشترى جهاز قطر للاستثمار في العام الجاري برج “آسيا سكوير” في سنغافورة الذي يضم مكاتب لشركات عالمية من بينها غوغل وسيتي غروب مقابل 2.4 مليار دولار أي ما يعادل 1960 دولار للقدم المربع ما جعل الصفقة إحدى أغلى الصفقات ثمنًا في شراء المباني في العالم.
وفي العام الجاري أيضًا أتم الجهاز صفقة شراء 3 من أشهر الفنادق العالمية في بريطانيا والولايات المتحدة التابعة لمجموعة “صحارى” الهندية الاستثمارية العالمية، حيث بلغت الصفقة نحو 772 مليون دولار مقابل فندق “غروفنر هاوس” في لندن وفندقي “بلازا” و”دريم دوان تاون” في نيويورك.
برج إمباير ستايت في نيويورك
وفي مدينة نيويوروك أيضًا اشترى الجهاز 10% في شركة “إمباير ستايت” العقارية التي تدير مبنى “إمباير ستايت” في صفقة قدرت بـ 622 مليون دولار أي ما يعادل 29.6 مليون سهم من الفئة A” ” مقابل 21 دولارًا للسهم الواحد.
بالإضافة إلى مشتريات كثيرة أضافها الصندوق إلى أصوله، مثل شركة “سونغبيرد” العقارية البريطانية التي تملك حي “كناري وراف” المالي في لندن مقابل 3.9 مليار دولار، و10% في سلسلة متاجر “كورتو إنجليس” وهي أكبر سلسلة محال سوبر ماركت ومتاجر تجزئة في إسبانيا مقابل 1.1 مليار دولار، كما أضاف إلى محفظته حصة تصل قيمتها إلى نحو مليار دولار في بنك “أوف أميرك”ا ثاني أكبر المصارف التجارية في الولايات المتحدة الأمريكية، و2% حصة في شركة النفط الفرنسية العملاقة توتال بقيمة تجاوزت ملياري يورو، و20% من شركة “بي إيه إيه” التي تدير عددًا من المطارات في بريطانيا وعلى رأسها مطار هيثرو مقابل 900 مليون جنيه استرليني، وفي صفقات الملابس اشترى الجهاز بيت الأزياء الإيطالي الشهير فالنتينو مقابل 857 مليون دولار، و 5.2% من أسهم شركة المجوهرات “تيفاني” الأمريكية.
هل هي استراتيجية صحيحة؟
استطاع جهاز قطر للاستثمار منذ تأسيسه الدخول على خط المنافسة مع صناديق وشركات عملاقة في عقد صفقات مالية طائلة، وضع قطر من أكثر الدول نشاطًا في مجال الاستثمار المحلي والأجنبي وفي توظيف العوائد المالية الضخمة المتأتية من بيع النفط والغاز، وتأتي هذه المشتريات الضخمة من جملة خطوات تتبعها قطر في تنويع استثماراتها في مختلف القطاعات والمجالات لتلافي أي صدمة على الاقتصاد من جراء انخفاض أسعار النفط والغاز التي لا تزال الدولة تعتمد على إيراداتهما في تمويل الميزانية بشكل كبير.
استحواذ جهاز قطر على استاد باريس سان جيرمان
وكون الصندوق يمثل ذراع قطر في الاستثمار المحلي والأجنبي فالملاحظ من خلال مشترياته واستثماراته أمرين: أن الصندوق يتوسع في الدول المتقدمة دونًا عن الاستثمار في الدول النامية، كما في الدول العربية والدول الإفريقية والتي تحتوي على فرص استثمارية كبيرة ولها مستقبل واعد، ومن جهة أخرى تركزت معظم المشتريات ضمن الاستثمارات الجاهزة التي لا تتطلب عمل أو أي إضافة ولا يرجى منها أكثر من الإيرادات، بينما غاب العامل والخبير والعمل القطري عن تلك الاستثمارات.
فبدل أن يدفع الصندوق أموالاً لاستثمار بناء فندق في لندن يحتوي في تفاصيله عمل من هندسة وتصميم وتنفيذ وإدارة قطرية، يقوم الصندوق بشراء أصل مالي جاهز (فندق، معمل، مصنع، مطار، بنك…) بهدف الحصول على جزء من الإيرادات.
لذا فإن استثمارات الصندوق تحتاج إلى تنويع أكثر بالتوجه نحو الدول النامية وتلقف الفرص الاستثمارية هناك، وثانيًا يحتاج الصندوق إلى توطين استثمارات أجنبية في كل المجالات من خلال البدء بنقل الخبرات والتكنولوجيا واستيراد الاختراعات وجذب الشركات الأجنبية إلى قطر والعمل أكثر على صناعات القيمة المضافة لتصنيع منتجات قطرية بأيادٍ قطرية تصدرها للعالم بعلامة تجارية قطرية.