تعد الشركات الأمريكية عامل ثقة وثقل في أي اقتصاد تحل فيه وتقف ورائها أكبر الأسواق المالية في العالم سيولة وقوة، وعادة ما يحرك الاقتصاد القرارات السياسية، والولايات المتحدة هي موطن الحل والعقد في العالم، لذا تسعى جل بلدان العالم وخصوصًا النامية أن تجتذب تلك الشركات للعمل في أسواقها وتهيئة البنية الاستثمارية التي تتوافق والعمل بها، لما لذلك من أهمية في رفع مستوى الاقتصاد الوطني وضخ أموال كثيرة في الاقتصاد تسهم في إقامة مشاريع جديدة وخلق فرص عمل ورفع مستوى الصادرات بالنسبة للواردات ورفد خزينة الدولة بالضرائب المستحقة عن الإنتاج وغيرها من الفوائد الجمة.
فضلاً عن أن الشركات الأمريكية تتميز بالتنوع في كل المجالات والتخصصات وسر قوتها الصناعات التقنية وصناعات القيمة المضافة التي تعتمد على التكنولوجيا بشكل كبير، ومن الشركات التكنولوجية آبل وغوغل ومايكروسوفت وإنتل، وشركات صناعة السيارات كجنرال موتور وفورد، والشركات المالية والمصرفية مثل ستي غروب بنك أوف أميركا وبلاك ستون، والشركات الإعلامية مثل بلومبيرغ وسي إن إن وإي بي سي وشركات الطيران والفضاء مثل بوينغ ووكالة الفضاء الأمريكية ناسا بالإضافة إلى العديد من الشركات في المجال الغذائي والصناعات الغذائية والزراعية والخدمات والسياحة.
تركيا تسعى لاجتذاب الشركات الكبيرة
في كلا الزيارتين اللتين قام بهما أردوغان إلى الولايات المتحدة في أبريل/ نيسان الفائت والزيارة الحالية له على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، حرص على أن يجتمع مع كبار مدراء الشركات في الولايات المتحدة الأمريكية، ففي اللقاء الأخير في 22 سبتمبر/ أيلول الجاري حضر أكثر من 30 ممثلًا عن الشركات الكبيرة العاملة في الولايات المتحدة سواءً الأمريكية الأصل أو المتعددة الجنسيات التي تدير مئات الميارات من الدولارات حول العالم وتتمتع بسمعة تجارية عالية مثل سيتي غروب وجونسون & جونسون ونايك وبيبسي وماستر كارد وغيرها، أكدوا خلال لقائهم بالرئيس عدم زعزعة ثقتهم بتركيا عقب محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو/ تموز الماضي.
وخلال الاجتماع بيّن أردوغان أن حجم التبادل التجاري بين تركيا والولايات المتحدة والبالغ 20 مليار دولار غير كاف ولا يدلل على حجم العلاقات السياسية والعسكرية بين البلدين، وأطلعهم على حزمة الحوافز الجديدة التي تقدمها الحكومة التركية لتشجيع الاستثمار، وقوة الاقتصاد التركي الذي يتميز بين بلدان المنطقة باستثماراته المكثفة على البنية التحتية، وأن المطالب التي تلقتها تركيا بعد زيارته في أبريل/ نيسان الماضي عملت الحكومة على تطبيقها.
وأكد أردوغان للممثلين أن قلة من الدول تستطيع أن تحقق مطالب المستثمرين في غضون 6 أشهر فقط، ولولا متانة الاقتصاد التركي والهيكل المالي الذي تتمتع بها تركيا لما استطاع الاقتصاد التعافي بهذه المدة السريعة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة.
أردوغان يجتمع مع ممثلين لشركات كبرى تدير أصول مالية تقدر بأكثر من 3 ترليونات دولار
وذكر أن نسبة الفائدة في تركيا منخفصة ويسعى البنك المركزي إلى تخفيضها أكثر، حيث خفض المركزي معدل الفائدة منذ يومين 25 نقطة، ليصبح معدل الفائدة 8.25% من 8.50% ما يشجع على الاقتراض ويدعم حركة الإنفاق والاستهلاك على مختلف السلع والخدمات ويعود بالنفع على حركة الإنتاج جراء تنامي الطلب عليها.
بينما ركز ممثلو الشركات على إزالة العقبات التي تمنعهم أو تحد من الدخول إلى الأسواق التركية، وقد عقد اجتماع خاص بين ممثلي الشركات ورئيس وكالة دعم الاستثمار ودعايتها أردا أرموت بناءً على طلب أردوغان بمتابعة تلك المطالب، ولفت أرموت أن الاجتماع احتضن مجموعة شركات يبلغ دخلها السنوي 800 مليار دولار في مجالات الصناعة والخدمات فضلًا عن المؤسسات المالية التي تدير محافظ استثمارية تتجاوز قيمتها 3 ترليونات دولار.
يسعى الاقتصاد التركي لاجتذاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية بغرض تحفيز النمو
جمعيات رجال الأعمال التركية الأمريكية تسعى هي الأخرى لتسويق الاستثمار في تركيا من خلال تبيان أن الاقتصاد التركي بعد الانقلاب أصبح أكثر تماسكًا واستقرارًا عمّا كان عليه قبل تلك المحاولة، وينتهزون الفرصة في كافة المناسبات لدعوة المستثمرين الأمريكيين للاستثمار في تركيا.
ففي إعلان نشرته جمعية رجال الأعمال التركية الأمريكية جاء فيه أن هناك 48 مليون مستخدم للشبكة العالمية و74 مليون مستخدم للهاتف النقال، وأن تركيا تعتبر جسرًا بين أوروبا وأوراسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأن عالم العمل التركي يعتبر محرك الاقتصاد والتنمية الإقليمية في المنطقة.
مدراء المحافظ الاستثمارية
تعد المحافظ الاستثمارية والمصارف التي تقدم الخدمات المالية في اختلافها أحد أهم الشركات الأجنبية التي ترغب تركيا في اجتذابها إلى الأسواق التركية، فتلك الشركات تحوز على إدارة أصول مالية ضخمة حول العالم وتتمتع بملاءة مالية عالية وقدرة على الإقراض بشكل كبير، فيما يخص القروض التجارية أو الصناعية أو الاستهلاكية.
ووفرة المال في الاقتصاد مع توفر البنية الاستثمارية والشراهة على الاستثمار خصوصًا في القوت الراهن الذي تتمتع به تركيا من انفتاح على الاستثمار، ستفتح أبواب منح القروض على مصراعيها، وهذا بطبيعة الحال سيؤدي إلى المزيد من المشاريع والمزيد من توظيف العمالة الوطنية ورفع الصادرات وتقليل الواردات ورفع معدلات النمو أكثر، وبالتالي تخفيض نسب البطالة والفقر.
لذا يبادر قادة الدول للاجتماع بمدراء الشركات والمصارف المالية فضلاً عن الشركات الكبيرة لإقناعم ولترغيبهم بالدخول إلى الأسواق المحلية وتقديم الحوافز والتسهيلات لهم، حيث يشكل اقتناع مدارء المحافظ الاستثمارية بالاستثمار في أحد البلدان، تحويل كتلة مالية كبيرة تقدر بمئات المليارات تضخ في قنوات الاقتصاد المختلفة للاستفادة من الإيرادات المتأتية منها.
دخول الشركات الكبرى في العالم إلى بلد ما يحفز الاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية
ومن تلك الشركات التي حضر ممثلون عنها في الاجتماع: سيتي غروب، إحدى كبرى شركات الخدمات المالية في الولايات المتحدة ومقرها نيويورك، وتتمتع بأكبر شبكة خدمات مالية في العالم، حيث توجد في 107 دول وما يقرب من 12 ألف مكتب حول العالم ويبلغ حجم الأصول المالية لديها نحو 2 ترليون دولار.
بانكو بيلباو فيزكايا أرجنتاريا المعروفة بالرمز BBVA وهي مجموعة مصرفية إسبانية متعددة الجنسيات تمثل أهم ثلاثة بنوك في إسبانيا بالإضافة إلى بنك إسبانيا الخارجي وصندوق التوفير المملوك للدولة مع كيانات مصرفية صغيرة أخرى، تعمل المجموعة في 40 بلدًا وتوسعت في البلدان اللاتينية الناطقة بالإسبانية وكذلك في الولايات المتحدة وآسيا ولديها وجود قوي في بلدان جنوب أوروبا.
مجموعة بلاكستون الأمريكية العاملة في أمريكا، تعد إحدى كبرى الشركات في مجال الخدمات المالية والمصرفية وموجودة في مدينة نيويورك وتختص في الإقراض والاستراتيجيات الاستثمارية وخدمات الاستشارات المالية والاستحواذات والاندماجات وإعادة الهيكلة وخدمات مالية أخرى، وتدير أصولًا مالية حول العالم تقدر بأكثر من 300 مليار دولار.