بدأت المناورات العسكرية بين روسيا وباكستان يوم السبت باسم مناورات الصداقة 2016 حسب بيان الجيش الباكستاني، وتستمر المناورات من 24-9 إلى 10-10، وهذا الحدث مهم ويجب أن يوضع على طاولة التحليلات كون باكستان تعتبر دائمًا في الطرف الآخر من السياسات الروسية.
بالنسبة لباكستان تحاول عمل تحديث لسياستها تستطيع من خلالها طي صفحة الماضي أثناء الحرب الباردة وأيضًا تقليل سياسة الاعتماد على حليف واحد لا يلتزم مع حلفائه، بالإضافة إلى أن هناك تقارب هندي أمريكي في الآونة الأخيرة، وتريد إيصال رسالة إلى من يعنيه الأمر أن فى جعبتها أوراق يمكن اللعب بها.
أما روسيا تعتبرها خطوة في سبيل التمدد في بقعة كانت تعتبر حكرًا على الولايات المتحدة خاصة من الناحية العسكرية لأن روسيا تنظر إلى خارطة من التحالفات تحاول بلورتها تبدأ من سوريا التي بسطت نفوذها بها وأصبحت لاعبًا رئيسيًا مع الولايات المتحدة.
والعراق الذي سمح لصواريخها بالمرور من فوقه وفتح الأجواء العراقية للطيران الروسي وأيضًا امتدت خارطة الحلف المنشود إلى إيران التي سمحت لروسيا باستخدام قاعدة همدان العسكرية واعتبرت في حينها تحول في الفكر الاستراتيجي الإيراني، وهذا ما ذكرناه في مقال سابق بعنوان (قاعدة همدان تمدد روسي أم احتواء إيراني) وشرحنا في المقال أن استخدام روسيا للقاعدة الإيرانية خطوة على طريق التمدد.
إذن ليس مصادفة اختيار روسيا لباكستان، فهي أولاً دولة محورية ذات قوة عسكرية وقدرات نووية وركن أساسي في التحالفات الأمريكية، لذلك عملت روسيا على اختراق باكستان سياسيًا باتفاقات اقتصادية ممكن أن تضر الاقتصاد الروسي نفسه خاصة خط الغاز الإيراني الباكستاني التى تعهدت روسيا بإنشائه في سبيل بلورة خارطة الحلف المنشود وصولاً للصين التي ستغض الطرف عن دخول روسيا للأسواق الباكستانية في سبيل جلب باكستان خطوة باتجاه روسيا بهدف عمل تصدع في العلاقات الباكستانية الأمريكية وصولاً لكوريا الشمالية حليفة الصين والمقربة لروسيا.
بذلك لو تشكل ذلك الحلف الذي يمتد عبر قارات بآلاف الكيلومترات تكون روسيا أفشلت خطة حلف الناتو التي كانت استراتيجيتها تعتمد على خنق روسيا وإلهائها بمشاكلها الداخلية والدول المحاذية لضمان عدم خروجها عن المحيط الجغرافي لها لكن ما نراه أنها تجاوزت أزماتها، ففي جورجيا ضمت أوسيتيا الجنوبية، وفي أوكرانيا ضمت جزيرة القرم على مرأى ومسمع من حلف الناتو وبعد ذلك استطاعت التسلل إلى الملعب السوري وأصبحت لاعبًا رئيسيًا بوجود عسكري ضخم، والآن تتجه روسيا لعمل التواصل الجغرافي لحلفها.
إذن روسيا تسير ببطء وتدرس خطواتها لأنه ليس بالسهولة جذب باكستان والتخلي عن الهند، فهي تحاول أن تتبع السياسة الأمريكية بالاحتواء المزدوج بين الباكستان والهند، وعلى طريق الحلف المنشود لا نستبعد استغلال روسيا لاضطراب العلاقات الأمريكية التركية بعد اتهام أنقرة لأمريكا بدعم الانقلاب، وهذا ما حدث عندما اقتربت خطوة من إسطنبول وقبلت الاعتذار عن سقوط طائرة السوخوي لزيادة التنسيق بينهما في الأزمة السورية كقوة جذب نحو الحلف المنشود.
نلاحظ أن روسيا هي من تبحث عن التوسع والتمدد وحلمها يزداد بحلف عابر للقارات، والولايات المتحدة على الطرف الآخر تحاول رأب الصدع في التحالفات التقليدية لوقف الهدر في الأصدقاء والنظرة السلبية لها بأنها حليف غير مؤتمن ويتخلى عن أصدقائه، على سبيل الذكر لا الحصر الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وكيفية تركه لمصيره، والسعودية التي طعنت بالظهر، إلى الاتهامات التركية لها بمساعدة الانقلابيين، وأوكرانيا خذلتها في جزيرة القرم، وجورجيا عندما سلخ عنها إقليم أوسيتيا الجنوبية، مرورًا بالأكراد تخلت عنهم في سوريا وسمحت للأتراك والنظام السوري بقصفهم، وباكستان لا يوجد ضمانات أو شيء ملموس يمنع أمريكا من التخلي عنها في أول مواجهة مع الهند.