ترجمة حفصة جودة
من بين جميع القواعد التي لا زالت تنطبق على السياسات الرئاسية، تظل قاعدة “لا تضرب امرأة” هي الأصعب، خاصة في المناظرات عندما يصبح ضرب منافسك (ليس حرفيًا بالطبع) هو المغزى.
لهذا السبب يشعر المرشحون من الذكور بالتخبط عندما يضطرون للتعامل رجل إلى رجل مع خصومهم من الإناث، لا يحب الكثير من الناخبين أن يشاهدوا المرشحات من النساء عندما يتم مهاجمتهن من قِبل الرجال، ولأن المناظرات هي اللحظة الوحيدة التي يتشارك فيها المرشحون نفس الحيز المادي، تصبح دينامية الجنس أكثر وضوحًا وأكثر خطورة.
تقول جينيفر لوليس مدير معهد النساء والسياسة في الجامعة الأمريكية: “لا يحب أحد أن يرى الرجال وهم يضربون المرأة، ولا يحبون أن يشاهدوا الرجال وهم ينتهكون مساحة المرأة الخاصة”.
وتضيف لوليس أنه أثناء قيامها بمناقشة كتابها “نساء على الطريق” أخبرها مديرو الحملة الانتخابية أن المناظرات هي أصعب ما يقوم به الرجال ضد خصومهم من الإناث، فعليك أن تثبت أنك محترم وألا تقلل أو تحقر من شأن إنجازات أو مؤهلات منافسك، ولهذا يصبح من الصعب مناقشتهن.
إليكم أسباب ذلك:
عندما تبدو التصريحات كأنها متعالية
فعلى سبيل المثال، في مناظرات منصب نائب الرئيس عام 1984 وهو أول حوار وطني يحتوي على مرشحة من الإناث، وقع جورج بوش نائب الرئيس، في المشاكل عندما حاول تعليم السياسة الخارجية للمرشحة الجمهورية جيرالدين فيرارو – أول مرشحة أنثى لمنصب نائب الرئيس عن حزب الأغلبية – وذلك عندما قال لها “دعيني أوضح لك الفرق بين إيران والسفارة في لبنان” فردت قائلة “إنني أشعر بالامتعاض منك لموقفك المتعالي في محاولة تعليمي السياسة الخارجية”.
وقالت فيرارو في مقابلة أخرى إن جورج بوش ينظر إليها بطريقة متغطرسة لمحاولته التشكيك في خبرتها بالسياسة الخارجية، وأضافت “لقد كان مخطئًا في تعاليه ومحاولته أن يعلمني بعض الدروس، والناس لا يحبون هذا الأمر فيه، إنه فعل تهكمي قبل كل شيء.
على النقيض تمامًا، تجنب جو بايدن الوقوع في هذا الخطأ أثناء مناظرته مع حاكم ولاية ألاسكا سارة بالين عام 2008، استطاع بايدن القيام بذلك عن طريق توجيه معظم انتقاداته لجون ماكين بدلاً من ملاحقة نظيرته، ولم يتطرق أبدًا إلى أمور شخصية (رغم أنها بدأت المناظرة بسؤاله إذا كانت تستطيع أن تناديه “جو”) ونادرًا ما كان يركز على تصريحاتها وسياستها الخاصة، وقام بالتركيز بدلاً من ذلك على ماكين، وقد نجح هذا التكتيك، لكن المناظرة لم تكن مميزة نتيجة لذلك.
التصرفات الجريئة قد تأتي بنتائج عكسية
بالنظر إلى الوقت الذي ترشحت فيها هيلاري كلينتون لمجلس الشيوخ في نيويورك عام 2000، عندما اقترب المرشح الجمهوري ريك لازيو من منصتها وطلب منها التوقيع على تعهد الحملة، بدا كأنه انتهك مساحتها الخاصة وكان عليها أن تتراجع عنه كما لو أنه هددها جسديًا،
تقول ديبي والش، مدير مركز المرأة الأمريكية والسياسة في جامعة روتجرز، “لقد شعرت بعدوانية شديدة، لا أدري إن كنت سأشعر بالأمر نفسه إذا كانت المناظرة بين رجلين”، ويرى العديد من المحللين أن لازيو خسر المناظرة والانتخابات بسبب هذا الموقف.
المزحة العابرة قد تؤدي إلى تأزم الأمر
عندما سعت كيلنتون للفوز بترشيح الحزب الديموقراطي عام 2007، طُلب من جميع المرشحين الأوليين أن يذكروا شيئًا لطيفًا وآخر نقديًا عن المرشح الواقف بجوارهم، حينها قال السيناتور جون إدواردز “لست واثقًا بشأن هذا المعطف”، مشيرًا إلى سترة كلينتون الوردية بين صف من البذل السوادء، وقد بدا حينها أن الأمر مجرد مزحة، لكن الناخبين اعتبروه تعليقًا جنسيًا، وقع باراك أوباما في نفس الفخ لاحقًا في الانتخابات التمهيدية، عندما سُئلت كلينتون عن عدم حب الناخبين لها، فقال أوباما “أنت محبوبة بما فيه الكفاية، هيلاري”، لقد بدا التعليق متعاليًا وجعل الناخبين يحبونها أكثر.
وحتى التعليقات المرتجلة التي تبدو مألوفة عندما يتم توجيهها لخصم من الذكور، قد تبدو جنسية عندما يتم توجيهها لامرأة، فعندما حاول السيناتور بيرني ساندرز صد مقاطعة كلينتون له أثناء الانتخابات التمهيدية بالحزب الديموقراطي؛ قائلا “عفوًا، أنا أتحدث”، وسواء كان التعليق مبررًا أم لا (لقد قاطعته بالفعل)، فقد اعتبره بعض المشاهدين تحيزًا ضد المرأة.
النساء يتضررن كثيرًا من التعليقات الجنسية
لم يستطع تيد كروز وجيب بوش وماركو روبيو، توجيه لكمة واحد لدونالد ترامب في المناظرات الأولية للحزب الجمهوري، لكن كارلي فيورينا استطاعت توجيه ضربة مباشرة، فعدنما سألها منسق المناظرة عن رأيها بشأن تحقير دونالد لمظهرها (حيث قال “انظروا لوجهها، هل سيصوت أي شخص لذلك؟”) وجهت له انتقادات شديدة جدًا، حيث قالت “أعتقد أن النساء في جميع أنحاء البلاد قد سمعوا ما قاله ترامب”، كان رد فعل ترامب المرتبك هو إحدى اللحظات القليلة طوال الانتخابات التمهيدية التي فقد فيها ترامب توازنه.
إليكم هذا الأمر المهم بشأن مناظرة المرشحات من الإناث: اثنان من خمس مرات كانت هناك امرأة في المناظرات الرئاسية على التلفاز الوطني، هذه المرأة كانت كلينتون وعادةً ما تكون مستعدة لذلك، لكن الاستعداد المسبق لا يعني الفوز في المناظرات دائمًا، فهناك بعض اللحظات المفاجئة والتي لا ينفع معها الإعداد في شيء، لكنك لن تخسرها بالتأكيد.
ومنذ أن أصبحت الدينامية الجنسية تعني أن يتجنب المرشحون من الرجال توجيه ضربات مباشرة لخصومهم من الإناث، أصبحت الاستراتيجية الأكثر فعالية هي السماح للمرشحات بارتكاب الأخطاء (مثلما فعل بايدن مع بالين) أو التوجه مباشرة إلى الأسئلة السياسية العميقة (مثلما فعل أوباما مع كلينتون في الانتخابات التمهيدية عام 2008).
قد لا تبدو هذه التصورات محتملة اليوم، لكن بغض النظر عن الطريقة التي ستسير بها الأمور، فمن المحتمل أن تكون مختلفة عن أي مناظرات رفيعة المستوى حدثت بين الرجال والنساء حتى الآن.
المصدر: تايم