جاء اغتيال الكاتب والصحفي الأردني ناهض حتر إثر إطلاق النار عليه أمس الأحد أمام قصر العدل وسط العاصمة الأردنية عمّان، من قبل رجل قيل إنه ينتمي لأحد التيارات المتطرفة، بسبب نشره رسمًا كاريكاتيريًا اعتبره البعض مسيئًا للذات الإلهية، ليضع الكثير من علامات الاستفهام حول مستقبل الوحدة الوطنية والسلم المجتمعي الأردني.
الجريمة وإن كانت فردية في ظاهرها إلا أنها تعد سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الدولة الهاشمية، بما يجعل الدفع بملف خطاب الكراهية بين طوائف الشعب الأردني على مائدة النقاش والحوار المجتمعي أمر في غاية الأهمية، لا سيما في ظل حالة التوتر بين الإسلاميين والتيارات اليسارية والعلمانية في الأردن.
الكثير من الأسئلة الحرجة فرضت نفسها عقب الإعلان عن نبأ اغتيال المفكر ذي التوجه العلماني، أبرزها: هل كانت “تهمة” الرسم الكاريكاتيري الذي نشره على صفحته الشخصية، ونزعته اليسارية، ومناصرته للأسد وإثارته للنعرات الطائفية السبب في ما آل إليه مصير الكاتب الصحفي الأردني؟ ولو كانت الإجابة نعم: هل باتت الأردن على مشارف تصعيد جديد للخطاب الطائفي العدائي؟ وما سيناريوهات هذا التصعيد؟
من هو ناهض حتر؟
يعد ناهض حتر أحد أبرز الكتّاب العلمانيين المسيحيين في الأردن، وأبرز مؤسسي حركة اليسار الاجتماعي، وواحد ممن أثاروا الجدل في الآونة الأخيرة جراء مواقفه السياسية وكتاباته التي تؤجج نار الطائفية وتشعل خطاب الكراهية بين فصائل المجتمع الأردني.
ولد “حتر” عام 1960، في الأردن، تخرج من قسم الفلسفة وعلم الاجتماع في الجامعة الأردنية، وحاصل على ماجستير فلسفة في الفكر السلفي المعاصر.
سجن حتر عدة مرات على خلفية انتمائه للحزب الشيوعي، خاصة في الأعوام 1977 و1979 و1996، وأوقف عن الكتابة في الصحافة الأردنية منذ سبتمبر 2008، حيث مُنع من مواصلة كتابة مقاله اليومي في صحيفة “العرب اليوم” الأردنية في 2008، بعد سلسلة مقالات انتقدت بشدة رئيس الديوان الملكي السابق باسم عوض الله، وفهم من بعض مقالاته انتقاده غير المباشر للملك عبد الله الثاني.
المواقف السياسية للكاتب الأردني أثارت الجدل حوله لاسيما موالاته لنظام بشار الأسد، وحزب الله اللبناني، كذلك تبنيه مواقف عنصرية إزاء الأردنيين من ذوي الأصول الفلسطينية، برفضه للوجود الفلسطيني في الأردن، وكان قد صرح مرارًا ضد منحهم حقوق المواطنة الكاملة، كما انتقد اللاجئين السوريين المهاجرين، معتبرًا أن معظمهم من الفئات غير القادرة على التعايش مع التعددية والنمط الحضاري الخاص في سوريا، وهكذا فإن خسارتهم لا تعد نزفًا ديموغرافيًا.
للكاتب العديد من المؤلفات التي تظهر توجهه الفكري والسياسي، منها: دراسات في فلسفة حركة التحرر الوطني، والخاسرون: هل يمكن تغيير شروط اللعبة؟ وفي نقد الليبرالية الجديدة، والليبرالية ضد الديمقراطية، وقائع الصراع الاجتماعي في الأردن في التسعينات، والملك حسين بقلم يساري أردني، والمقاومة اللبنانية تقرع أبواب التاريخ، والعراق ومأزق المشروع الإمبراطوري الأمريكي.
سابقة هي الأولى من نوعها
بالرغم من حذف الكاتب الأردني للرسم المسيء من على صفحته الشخصية، وتبريره لذلك بأنه ما كان يقصد الإساءة للذات الإلهية قدر ما كان يسخر من المتطرفين الدواعش على حد قوله، إلا أن الراحل نسي أو تناسى طبيعة المجتمع الذي يحيا بداخله، فهو مجتمع محافظ في المقام الأول، لديهم قدسية لا يمكن الاقتراب منها للذات الإلهية ومقام النبوة والصحب الكرام، فضلاً عن بعض ملامح الطائفية التي فرضت نفسها مؤخرًا.
كما غفل الكاتب أيضًا عن حادثة مجلة “تشارلي إيبدو” الفرنسية الساخرة، وما تعرضت له بسبب نشرها صور مسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، وما صاحبها من موجات غضب دموي سادت العالم الإسلامي، احتجاجًا على الرسوم التي تطاولت على مقام النبوة الطاهر.
من الواضح أن المفكر اليساري كان ينظر للحرية بمفهوم مختلف عن الذي يراه الكثيرون، فالحرية حق مضمون ومقدس طالما أنها لم تتعرض بالإساءة للأديان والمعتقدات، والتحريض على الكراهية والعنف، وفي ظل هذه الثورة الهائلة من التكنولوجيا الاتصالية وما أفرزته من مواقع للتواصل الاجتماعي تسمح للجميع أن يعبر عن رأيه، باتت الحريات دون سقف، وهو ما أوقع الكثيرين في أخطاء قد تكلفهم ومجتمعاتهم الكثير.
عملية اغتيال ناهض حتر تسجل سابقة هي الأولى من نوعها، من حيث استهداف كاتب أردني بهدف معاقبته على رأيه حتى وإن استنكره الجميع، ومن ثم فهي تشكل صدمة على كل المستويات، وثقب أسود في تاريخ الأردن الطويل الحافل بالتسامح والاستقرار والأمن، فهل بالفعل تعد هذه الحادثة “فردية” أم أنها الحلقة الأولى في مسلسل المواجهات الطائفية؟
حادثة متوقعة وإدانات واسعة
لاقت حادثة اغتيال المفكر الأردني تنديدًا واسع النطاق على كافة المستويات، لا سيما من قبل الإسلاميين ممن أعلنوا رفضهم لمثل هذه الجريمة، فمن جانبه قال منظر التيار السلفي الجهادي الأردني محمد الشلبي المعروف بـ أبي سياف، إن حادثة مقتل الكاتب ناهض حتر كانت متوقعة، مؤكدًا أن المنشورات التي قدم بسببها للمحاكمة في السابق كادت أن تودي بالبلاد إلى فتنة طائفية وتجر البلاد إلى أمور لا يحمد عقباها، مضيفًا أنه لا يعلم إن كان منفذ عملية الاغتيال من أبناء التيار السلفي أم لا.
كما استنكر الداعية الإسلامي الدكتور أمجد قورشة هذه الجريمة، حيث قال في منشور له على صفحته على فيسبوك: “إن قتل ناهض حتر جريمة بشعة ومرفوضة ومدانة من جميع الأردنيين وبكل أطيافهم، وأنا اشجب وأدين هذه الجريمة البشعة التي لا يمكن تبريرها بأي شكل من الأشكال”.
وأضاف: “أؤكد أننا نعيش في دولة القانون، ولا يجوز لأحد – كائنًا من كان – أن ينصب نفسه قاضيًا ويصدر الحكم وينفذه بنفسه”، مناشدًا كافة أطياف الشعب الأردني “بالحرص على وحدتنا الوطنية، وعدم الانجرار وراء الفتنة التي تنال من وحدة النسيج الاجتماعي”.
وسياسيًا، أدان حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني الجريمة، معتبرًا أنها تستهدف الأردن واستقراره وأمنه ووحدته الوطنية بالدرجة الأولى، ومؤكدًا على تحميل الحكومة الأردنية المسؤولية الكاملة عنها من خلال تقاعسها عن التصدي الحقيقي لأسباب الإرهاب وجذوره الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وفي السياق نفسه استنكر حزب الوسط الإسلامي عملية الاغتيال، معبّرًا عن صدمته مما جرى باعتباره يتناقض مع سمات وطبيعة المجتمع الأردني الطيب، والذي يتصف بالاعتدال والسماحة، ومع قيم ومبادئ الدولة الأردنية القائمة على العيش المشترك بين أبناء الشعب الواحد، ومع قيم الدين الإسلامي الحنيف الذي حرم قتل النفس البشرية بدون وجه حق.
كما دانت بعض الجمعيات والهيئات السياسية الأخرى الجريمة، من بينها، جمعية الحوار الديمقراطي الوطني، والتحالف الوطني للإصلاح، والحزب الشيوعي، وحزب الشورى الإسلامي.
أما على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي فكان لروادها رأي آخر، فقد تحولت صفحاتهم الشخصية إلى ساحة للتراشق وتبادل الاتهامات حول مسؤولية ما وصل إليه الحال من تصاعد لغة العداء بين أطياف الشعب الأردني، حيث اتهم البعض العلمانيين بجر البلاد إلى هذا المستنقع بينما حمّل آخرون بعض المتطرفين من التيارات الإسلامية مسئولية الولوج بالدولة والمجتمع إلى الهاوية، إلى حد مشاركة ديمه طهبوب التي انتُخبت قبل أيام لعضوية البرلمان الأردني في الحوار قبل أن تقوم بحذف تغريدتها.
ما عندك جواب؟
عكل العلمانيون لم يقتلوا احد و لم يحرضوا على القتل و التطرف.
انتم القتلة و من يقودنا للهاوية— Rawan Shamayleh (@yasmeeneh) September 25, 2016
الأزمة بين العلمانية والإسلاميين
“..تعيش (العلمانية) في الأردن وأنصارها حالة من الجمود، فكيف للعلمانية أن يكون لها مكان وقد احتل التيار الديني كل منافذ العقل للمواطن الأردني، ابتدءًا من روضات الأطفال إلى المدارس إلى الجامعات، وكيف للعلمانية أن يشّعُ نورها والتيار الديني (بدعم رسمي) يهيمن على كل نوافذ الاطلاع والثقافة، فهذا التيار الصلب المتين والذي تتصدر قيادته جماعة الإخوان المسلمين، قد سيطر وبشكل واسع على كل مناحي الحياة للمواطن الأردني” بهذه العبارات استهل الكاتب الأردني كريم الصغير، مقاله الذي عنون له بـ “أزمة العلمانيين في الأردن“.
الصغير في مقاله أشار إلى أن الدولة تتعامل مع الإخوان والتيارات الدينية السياسية وفق مصالحها لا وفق المصلحة المجتمعية، فالدولة التي سمحت للإخوان وأخواتها بالانتشار في مساحة العقل للمواطن كانتشار الماء في الكوب لم تتحرك إلا عندما رأت خطورة الإخوان على الدولة نفسها، ناهيك عن العوامل الإقليمية التي تطلبت التحرك، ملفتًا أن المشكلة الحقيقية ليست الإخوان كتنظيم، وليس حزب التحرير كمسيرة أو مظاهرة، إنما القضية هي أن عقل المواطن الأردني ومعه العربي قد أصبح في (خزنة) هذه التيارات نتيجة العمل الدءوب الذي مارسته في سبيل السيطرة على العقل العام ومن ثم على الحياة العامة، على حد وصفه.
واختتم الكاتب الأردني مقاله بأن الخطر التي تواجهه الأردن حقيقةً هو غياب الحركة الاجتماعية العلمانية عن الشارع، وصعود تيارات لا تؤمن إلا بلغة القوة فقط القوة، لذا الخطر قادم لا محال، قائلاً: بهذا المقال أقرع جرس الانتباه والتنبه، والحذر والتطلع لما هو قادم ولما هو آت.
تصاعد خطاب الكراهية
أفرزت التقارير والدراسات التي صدرت خلال السنوات القليلة الماضية عن تصاعد خطاب الكراهية، وتنامي اللغة العدائية بين أطياف وفئات الشعب الأردني، وهو ما كشفت عنه إحدى الدراسات الصادرة في عمّان حول خطاب الكراهية في الصحف اليومية الأردنية، والتي أكدت أن خطاب الكراهية في هذه الصحف ظل خافتًا تمامًا ولا يكاد يظهر بوضوح في كل ما تقدمه الصحافة اليومية الأردنية من أخبار وتقارير وقصص وتحليلات وحتى مقالات الرأي، بخلاف ما يتم بثه في الصحافة الإلكترونية الأردنية التي يظهر خطاب الكراهية واضحًا فيها بشكل لافت خاصة في تعليقات الجمهور التي يتم نشرها.
وبحسب الدراسة التي أعدها الصحفي والباحث الأردني وليد حسني، فقد تم رصد خطاب الكراهية في خمس صحف يومية هي الرأي والدستور والغد والأنباط والسبيل وقام بعملية الرصد عدد من الزملاء الذين تم تدريبهم على عملية الرصد وكيفيتها وشروطها وأدواتها ومنهجيتها بإشراف من الهيئة الأردنية للثقافة الديمقراطية.
وخلصت الدراسة إلى احتلال أسلوب الوصم المرتبة الأولى من حيث طبيعة خطاب الحقد والكراهية بعدد 16 خطابًا مكررًا وبنسبة (43.24 %)، كما حل خطاب السب والشتم في المرتبة الثانية بعدد 11 خطابًا مكررًا، وبنسبة (29.73 %)، وحل خطاب التحريض في المرتبة الثالثة بعدد 7 خطابات مكررة وبنسبة (18.92 %)، واحتل خطاب التمييز المرتبة الرابعة بعدد 3 خطابات مكررة بنسبة إجمالية بلغت (8.11 %).
وأظهرت نتائج الدراسة أن خطابات الحقد والكراهية في الصحف اليومية الأردنية توزعت على أربعة محاور رئيسية جاء في المرتبة الأولى منها محور السياسة وبنسبة (67.57 %)، ثم محور الطائفية والقبلية والعنصرية بنسبة (18.92%)، ثم محور القضايا الاجتماعية وبنسبة (10.81%)، وحل في المرتبة الأخيرة محور الرياضة وبنسبة متدنية جدًا بلغت (2.70 %).
ودعت الدراسة إلى تأسيس مرصد إعلامي مستقل يستهدف فقط رصد خطابات الحقد والكراهية في وسائل الإعلام المطبوعة والمسموعة والمنظورة والإلكترونية والانتظام بإصدار تقارير تكشف فيه مدى ظهور هذا الخطاب في المؤسسات الإعلامية الأردنية، وتأسيس مجلس شكاوى للصحفيين يأخذ صفة الاستقلالية ضمن التنظيم الذاتي للإعلاميين الأردنيين تكون من مهماته النظر في أية شكاوى يرفعها مواطنون ضد صحفيين أو مؤسسات إعلامية استخدمت خطاب حقد وكراهية بحقهم.
تهديد للوحدة الوطنية
تحذيرات عديدة أطلقها خبراء ومحللون أردنيون من تصاعد خطاب الكراهية العدائي بين أطياف الشعب، منوهين أن نيران الفتنة لن تلتهم فصيل أو طائفة دون غيرها، بل ستأكل الأخضر واليابس على حد سواء، وهو ما نوّه إليه الكاتب والمحلل السياسي محمد كعوش، والذي أكد أن هناك مخططات لضرب استقرار المملكة.
كعوش في تصريحات له أشار إلى أن جريمة اغتيال “حتر” ليس هو المقصود بها وحده، بل الهدف هو ضرب حالة التمازج، والتوحد بين أبناء الوطن الواحد، محذرًا من الربط بين المجرم وبين دينه “الإسلام” لأن المجني عليه “مسيحي” مهما اختلفت الآراء حول مواقفه السياسية وكتاباته، لأن الإسلام دين السماحة ويجرم العنف بكافة أشكاله، ويدعو للتعايش واحترام الرأي الآخر، ملفتًا أن هناك أطراف خارجية ستسعى إلى استغلال هذه الجريمة لإثارة الفتنة.
كما طالب بضرورة وضع الجريمة في إطارها الصحيح، فهذا رجل مختل فكريًا وعقائديًا، اغتال كاتبًا أردنيًا، لا يتفق معهم في الفكر، ويجب على المجتمع الأردني، أن يعي جيدًا أن هذه الجريمة يمكن أن تتجاوز حدودها، لتثير الفتنة الطائفية، التي لم نعرفها في الوطن.
العاهل الأردني وبابا الفاتيكان
أما الدكتور زيد النوايسة المحلل السياسي الأردني وأستاذ العلاقات الدولية، فأشار في مقال له إلى أن هناك العديد من المؤشرات الواضحة التي تجسد تنامي خطاب الكراهية في المجتمع الأردني، مطالبًا بضرورة التحرك الفوري للحيلولة دون وقوع المملكة في فخ الفتنة الطائفية المدمرة.
النوايسة قال: كل المجاملات وتقبيل اللحى ومعزوفة السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية والتلاحم والانصهار الوطني التي تتداولها في مجتمعنا وفي كل مناسباتنا لا تعدو كونها “مسكنات” اجتماعية طارئة ولا تلغي حقيقة أن مجتمعنا يسير بخطى متسارعة نحو الكراهية والحقد ورفض الآخر، أيا كان هذا الأخر سواء كان ينتمي لطائفة أو مذهب ديني مختلف، أو من مكون اجتماعي أو عرقي أخر أو قومية أخرى، وكل من ينكر هذه الحقيقة فهو يعيش في عالم آخر وربما زمن آخر ويصر على أن يدفن رأسه في الرمال! فنحن لا نحتاج لعبقرية أينشتاين أو نيوتن لنكتشف وبمجرد جولة سريعة في مواقع التواصل الاجتماعي وهي المؤشر الأهم في هذا الزمن، حجم الاحتقان والتحريض والتخندق ضد بعضنا البعض وضد الإنسان فينا.
ولعل مشاركة أو تعليق بسيط على موقع الفيس بوك أو تغريدة ساخرة على تويتر أو مقطع تلفزيوني ساخر كفيل بأن يلغي تاريخ من العيش المشترك والانتماء الواحد والذكريات وحتى الأحلام، بل صار من البديهي أن نقرر اللجوء للقضاء لمناقشة واقعة تاريخية يتجاوز عمرها ألف عام وإصدار البيانات والتهديد والوعيد وكأن الحياة والمستقبل يتوقف على مشاركة أو تعليق لا وزن ولا قيمة لها، بل إن الاهتمام بها يعطيها مساحة واسعة من الانتشار تحرض الناس على السؤال؛ وكان من الممكن أن تنتهي على صفحة من نشرها!
واختتم أستاذ العلاقات الدولية مقاله بأن أخطر ما يمر به المجتمع الأردني في هذه المرحلة أن من يتصدى لنشر خطاب الكراهية بعض ممن يسمون النخب والمثقفين، تارة تحت شعار التحريض من الخطر الطائفي والمذهبي وتارة تحت الخطر الحزبي وتارة تحت الخطر العرقي، في صورة تضع مكون طائفي أو عرقي أو قومي واحد في صراع مع الكون بكل مكوناته الدينية والعرقية والقومية، مستندين بذلك إلى فوضى الإفتاء التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأصبحت مهنة من لا مهنة له دون ضوابط أو قيود، وهي ذاتها التي تؤسس منطقيًا لظهور تيارات متطرفة وإرهابية أول ما سترتد على المجتمعات التي حرضت على المكون الآخر.
سواء كانت حادثة اغتيال المفكر الأردني ناهض حتر دينية أو سياسية أو جنائية، فردية كانت أو منظمة، إلا أنها تمثل منعطفًا خطيرًا في تاريخ الأردن، وسابقة لا يمكن أن تمر مرور الكرام، فحين يكون الرصاص هو وسيلة التحاور في مواجهة من يخالفني الرأي، وحين تتحول الحرية إلى فوضى دون خطوط حمراء حتى لو وصل الأمر إلى السخرية من الذات الإلهية، فلا بد من وقفة، قبل أن تتحول المملكة صاحبة التاريخ الطويل من الاستقرار والسماحة والوسطية إلى ساحة للنزاعات الطائفية والصراعات المذهبية، فهل يقع النشامى في الفخ؟