تحت شعار “أنا واصية على نفسي” تنتشر ثورة عارمة على وصاية الرجل على المرأة السعودية، والتي جعلت من المرأة السعودية تابعًا لأوامر الرجل، يحق له تحديد ما إذا كان لها أن تدرس أو تسافر، وتتزوج أم لا، إلا أن اليوم تأتي المرأة السعودية بروح متمردة، لتكسر التقاليد التي يسير عليها المجتمع السعودي منذ نشأته.
اتخذت السعوديات رمز المرأة المتشحة بالغطاء السعودي التقليدي للرأس كشعار مصوّر للحملة المتمردة، بشعار مكتوب “أنا ولية أمري”، وذلك من أجل المطالبة بمزيد من مساحة الحرية الممنوحة للمرأة، والتخلص من التحكم الذكوري في أمورها الحياتية، كالزواج والدراسة والسفر والصحة، بل وفي رفع الدعاوى أو استئجار المنازل، حينها يكون الأب أو الزوج أو الأخ وحتى الابن واصيًا على المرأة.
#سعوديات_نطالب_بإسقاط_الولاية
هاشتاغ انتشر على موقع تويتر منذ ما يقرب الشهرين، ويُعد أكثر الهاشتاغات انتشارًا وتفاعلًا من قبل نشطاء تويتر، وبالأخص السعوديات منهم، حيث تبع ذلك توقيع ما يقرب من 14.500 مواطنة سعودية على برقية #الولاية_للملك_25_سبتمبر التي وصلت مكتب الملك سلمان، والتي تطالب فيها السعوديات بإسقاط وصاية الرجل على المرأة.
قامت عزيزة يوسف المسؤولة عن الحملة بتسليم البرقيات إلى المكتب الملكي يوم الإثنين الماضي، حيث عبرت عن الحملة في تصريحها لـ بي بي سي بأنها فخورة للغاية بتلك الخطوة، والآن هن في مرحلة انتظار رد الفعل الملكي تجاه هذا العدد الضخم من البرقيات، فمن المهم أن تتم معاملة المرأة السعودية كمواطنة لها كامل الحقوق كالرجل بعد الآن.
لم تكن هذه هي الشرارة الأولى، فشرارة البدء كانت تقريرًا لـ هيومان رايتس وواتش بعنوان “المرأة أسيرة نظام ولاية الرجل في السعودية” تقول فيه بأن نظام ولاية الرجل في السعودية يبقى أكبر حاجز أمام تحقيق المرأة لحقوقها، رغم بعض الإصلاحات التي اتُخذت في العقد الأخير.
تحتاج المرأة البالغة إلى تصريح من وليّ أمرها للسفر إلى الخارج والزواج ومغادرة السجن، وقد تحتاج إلى موافقته أيضًا للعمل أو الحصول على رعاية صحية، تُفرض هذه القيود على المرأة طيلة حياتها، فالدولة السعودية تعتبر المرأة قاصرة قانونيًا طيلة حياتها.
“كمن يعيش في صندوق: المرأة ونظام ولاية الرجل في السعودية”
هو التقرير الممتد على 66 صفحة، يدرس بالتفصيل جميع الحواجز الرسمية وغير الرسمية التي تواجهها المرأة السعودية عندما تحاول اتخاذ قرارات أو القيام بأعمال دون حضور أو موافقة أحد أقاربها، قالت فيه امرأة سعودية (25 عامًا) لـ هيومن رايتس ووتش: “كلنا نعيش في مساحة صغيرة يرسم حدودها آباؤنا وأزواجنا”، في بعض الحالات، يستغل الرجال حاجة المرأة لموافقتهم، فيبتزونها ويفرضون عليها مبالغ مالية كبيرة.
فيلم قصير تعريفي بالحملة من ضمن بضعة أفلام قصيرة أصدرها تقرير هيومان رايتس وواتش
هنا بعض من تصريحات وردت من سعوديات ورأيهن في وصاية الرجل عليهن في التقرير السابق
“ذلك يؤثر على تفكيرك ونظرتك لنفسك، كيف لك أن تحترمي نفسك وكيف لعائلتك أن تحترمك إن كان هو وليّك الشرعي”؟
– حياة (44 سنة)، مديرة مدرسة للفتيات سابقًا، 7 ديسمبر/ كانون الأول 2015
قالت رانيا (34 سنة)، وهي امرأة سعودية: “يثقون بنا في تربية الجيل القادم، ولكن لا يثقون بنا في مسائلنا الخاصة، هذا غير منطقي”.
بدأت الهتافات التي تنادي بإسقاط الوصاية عام 2009، ومن ثم بلغت ذروتها في عام 2013، وهنا بدأت الحكومة السعودية في الاستجابة قليلًا للآراء المعترضة على وصاية الرجل الكاملة على المرأة، حيث اتخذت السعودية بعض الإجراءات لتخفيف سيطرة وليّ الأمر على المرأة، فلم تعد تفرض عليها الحصول على موافقته للعمل، وتبنت قانونًا يُجرّم الانتهاكات الأُسرية، وفي 2013، عيّن الملك الراحل الملك عبد الله 30 امرأة في “مجلس الشورى”، أكبر هيئة استشارية في المملكة، أما في عام 2015، سُمح للمرأة بالتصويت والترشح لانتخابات المجالس البلدية لأول مرة.
على الرغم من محاولات الحكومة للتخفيف من القيود الصارمة على المرأة في الحياة العامة، إلا أنه على المستوى المجتمعي، وبالأخص العائلي، لا تستطيع المرأة اتخاذ أي من قرارتها الحياتية في المملكة إلا بإذن وموافقة من ولي أمرها، فلا تستطيع الدراسة بمنحة خارج البلاد إلا بموافقته أو أحيانًا بوجود “مِحرم” ومرافق لها، كما لا تستطيع من الأساس استخراج جواز سفر خاص بها إلا بعد موافقة ولي أمرها.
تعاني المرأة من استغلال كامل من قِبل ولي أمر عنيف أو استغلالي، كالذي يستغلها جسديًا وجنسيًا، حيث هناك من يستغل سلطته على المرأة في إرغامها على كل ما لا تقبله، لأنها بالنسبة إليه أضعف مكانة مجتمعية منه، وتعامل كأنها مواطن من الدرجة الثانية، ولن تستطيع في كل الأحوال الهروب منه، حيث تلجأ الجهات المختصة دومًا إلى إعادة المرأة الهاربة من ولي أمرها، حتى بعد إثبات حالات تعرض المرأة للعنف الجسدي أو الجنسي، يوضح الفيلم القصير التالي هذا:
قالت الدكتورة هبة ناشطة في مجال حقوق المرأة في تقرير هيومان رايتس وواتش: “تترك السلطات المرأة في السجن، إلى أن يأتي وليّ أمرها ليُخرجها، حتى وإن كان هو الذي تسبب في سجنها”.
على الرغم من انضمام السعودية لاتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) سنة 2000، بحيث تكون مُلزمة قانونًا بالقضاء على التمييز ضدّ المرأة دون تأخير، بما يشمل إلغاء نظام ولاية الرجل، إلا أن رد الفعل المجتمعي للحملة لم يكن إيجابيًا على الإطلاق، حيث رد مفتي المملكة عبد العزيز آل الشيخ بالقول “المطالبة بإسقاط ولاية الرجل على المرأة، مخالفة للكتاب والسنة وجريمة تستهدف المجتمع”.
زاد الصحافي عبدالله الجميلي على كلام المفتي في مقال له بصحيفة “عكاظ” السعودية، قائلاً: “قضايا حقوق الإنسان أصبحت مسيسة، خاضعة لمصالح بعض القوى الغربية، وطائفة من الثقافات والنظريات، وغدت وسيلة للضغط على المسلمين وابتزازهم”.
أما عن رد فعل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي من مؤيدي الحملة فكان كالتالي:
أول محامية سعودية “سفانة ربيع” تشرح كيف أعاقتها الولاية في مؤتمر برشلونة للمرأة:
اول محامية سعودية/سفانة ربيع تشرح كيف اعاقتها الولاية في مؤتمر برشلونة للمرأة#سعوديات_نطالب_باسقاط_الولايه78#برقيه_الولايه_للملك_25_سبتمبر pic.twitter.com/Uvo35zEQCK
— xXx (@saudigal966) September 24, 2016
مختصر تقرير لقناة BBC حول وضع المرأة في السعودي:
مختصر تقرير لقناة BBC حول وضع المرأة في السعودي#سعوديات_نطالب_باسقاط_الولايه75 pic.twitter.com/HUt3fF59Uf
— xXx (@saudigal966) September 22, 2016
I Am Still My Own Guardian #Iammyownguardian #سعوديات_نطالب_باسقاط_الولايه #madeatsca #politicalart pic.twitter.com/jLKJk4halb
— SΛFFΛΛ صفاء (@MxSaffaa) August 2, 2016
كثيرًا ما يقول المسؤولون السعوديون إن الفشل في القضاء على التمييز ضدّ المرأة ليس بسبب سياسة الدولة، وإنما تكون المشكلة في صعوبة التطبيق، ولذلك تواجه المملكة مشكلة ثقافة محافظة وتأويلاً متشددًا للشريعة الإسلامية من قبل مؤسسة دينية قوية.
تؤثر سياسات ولاية الرجل على جميع النساء السعوديات سلبًا، بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية أو الاقتصادية التي ينتمين إليها، لذا ينتظر نشطاء الحملة ومواقع التواصل الاجتماعي استجابة سريعة من السلطة الملكية، ويستمرون بالضغط على الرأي العام من خلال الحملات التعريفية، والتغريدات والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، يؤيدهم في ذلك منظمات حقوق الإنسان العالمية.