توفي الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز فجر اليوم عن عمر يناهز 93 عامًا بعد صراع مع المرض، ففي منتصف أيلول/ سبتمبر الجاري أصيب بجلطة دماغية أدخل على إثرها المشفى ليدخل في غيبوبة انتهت بوفاته.
من هو شمعن بيريز؟
ولد بيريز في العام 1923 في بلدة “فيشنيفا” في بولندا، هاجر في العام 1934 مع عائلته إلى فلسطين حيث التحق في مدرسة الزراعة وتخرج منها في منتصف الأربعينات وبدأ حياته السياسية ليشغل عدة مناصب سياسية عديدة، ففي العام 1959 انتخب نائبًا عن حزب الماباي اليساري الذي كان القوة السياسية في إسرائيل وانبثق عنه حزب العمل الإسرائيلي الموجود حاليًا، واستلم حقيبة وزارة الدفاع في العام 1976 ونجح في عملية إنقاذ طائرة إسرائيلية على متنها أكثر من 100 رهينة متوجهة إلى أوغندا من قبل مختطفون فلسطينيون.
ومن ثم شغل منصب رئيس حكومة الوحدة الوطنية بين العماليين والليكود بين عامي 1984 – 1986 وأوكلت له مهمة الإشراف على المفاوضات السرية بين منظمة التحرير الفلسطينية التي ترأسها ياسر عرفات وإسرائيل وانتهت بتوقيع اتفاقية أوسلو في العام 1993 وبعدها بعامين عاد إلى رئاسة الوزراء بعد اغتيال رئيس الحكومة إسحق رابين في نوفمبر/ تشرين الثاني 1995، وفي العام 2007 انتخب رئيسًا تاسعًا لإسرائيل وبقي في منصبه لمدة سبعة أعوام حتى استقال في العام 2014، واعتبر من أكبر الرؤساء سنًا في العالم، حيث سلم مهامه إلى رئوفين ريفلين واعتزل السياسة بشكل نهائي وهو في الـ 91 من عمره.
مهندس اتفاق السلام
اكتسب شهرة دولية وهو في منصب وزير الخارجية بعد اتفاقية أوسلو الموقعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة النرويجية أوسلو، حصل بعدها على جائزة نوبل للسلام بالاشتراك مع رئيس الوزارء الإسرائيلي آنذاك إسحق رابين ورئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات.
والاتفاقية تعتبر أول اتفاقية رسمية ومباشرة بين إسرائيل ممثلة بوزير خارجيتها بيريز ومنظمة التحرير الفلسطينية ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية محمود عباس، وتم توقيع الاتفاقية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات التزمت المنظمة بموجبها بحق إسرائيل في العيش بسلام وأمن والوصول إلى حل لكل القضايا الأساسية المتعلقة بالأوضاع الدائمة من خلال المفاوضات، وإيذان بانتهاء فترة العنف بين الطرفين، حيث ستلجأ المنظمة إلى تعديل بنود الميثاق الوطني للتماشي مع هذا التغيير وتلتزم عناصر منظمة التحرير بالالتزام ومنع العنف وتضبط المنتهكين.
اكتسب بيريز شهرة دولية وهو في منصب وزير الخارجية بعد توقيع اتفاقية أوسلو
وتضمن الاتفاق إقامة سلطة حكم ذاتي انتقالي فلسطيني ومجلس تشريعي منتخب للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي المقابل قررت حكومة إسرائيل على ضوء التزامات منظمة التحرير الاعتراف بالمنظمة كممثل للشعب الفلسطيني وبدء المفاوضات معها.
صرح في العام 2013 على ضرورة العيش في سلام جنبًا إلى جنب مع الفلسطينين
دوره في العدوان الثلاثي على مصر
يعد بيريز من أبرز مهندسي أزمة السويس أو ما يعرف باسم العدوان الثلاثي أو حرب الـ 1956 التي وقعت أحداثه في مصر عام 1956 حيث اشتركت كل من فرنسا وإسرائيل وبريطانيا بالحرب على مصر، كان بيريز وقتها مديرًا عامًا لوزارة الدفاع في الفترة الممتدة من 1953 وحتى العام 1959.
وقد وقع العدوان على إثر توقيع مصر اتفاقية مع الاتحاد السوفيتي يقضي بتزويد مصر بالأسلحة المتقدمة والمتطورة بهدف تقوية القوات المسلحة لردع إسرائيل، علمًا أن الدول الغربية رفضت توقيع هذه الاتفاقية فكان حافزًا لاسرائيل للاشتراك في العدوان الثلاثي، حيث رأت أن تزويد مصر بالأسلحة المتطورة يهدد بقاءها، ومن جهة أخرى قيام جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس، وهو ما أغضب إنجلترا بسبب الاستفادة من القناة التي تديرها قبل التأميم، أما فرنسا فقد اشتركت في العدوان بعد دعم مصر للثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي وإمدادها بالمساعدات العسكرية وهذا ما أغضب الفرنسيين وشجعهم للاشتراك في العدوان.
بيريز والبرنامج النووي لإسرائيل
أصبحت إسرائيل القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط بفضل مساعي بيريز حيث كان مديرًا عامًا لوزارة الدفاع، اعتبره خبراء بأنه مؤسس البرنامج النووي الإسرائيلي، تربعت بعدها تل أييب عالميًا كقوة نووية السادسة في العالم حيث تمتلك 300 قنبلة ورأس نووي وهي قادرة على إنتاج 35 قنبلة هدروجينية.
سعت إسرائيل منذ نشأتها لامتلاك السلاح النووي كاستراتيجية للدفاع عن نفسها وضرورة توفير أدواتها بما فيها القدرة النووية للتعويض عن الخلل الكبير في إسرائيل على الصعيدين الديمغرافي والجغرافي.
مفاعل ديمونة في إسرائيل
حيث أسهم التواصل بين إسرائيل وفرنسا للتعاون في مجال الأبحاث النووية في العام 1956 وتم الاتفاق على مد تل أبيب بمفاعل نووي تفوق قدرته عشرة ميغاواط، مقابل حصول فرنسا على تكنولوجيا الكومبيوتر الأمريكي المتوافر لدى إسرائيل.
مؤسس المشروع الاستيطاني
يعد بيريز مطلق الاستيطان في الضفة الغربية وأحد أقدم أعمدة المشروع الاستيطاني في إسرائيل، حيث سعى عندما كان وزيرًا للدفاع لبناء أولى المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
ويسجل في تاريخ بيريز أيضًا أنه المسؤول عن مقتل ستة من فلسطينيي الخط الأخضر في يوم الأرض 1976 والمسؤول عن مذبحة قانا جنوب لبنان عام 1996 حيث كان رئيسًا للوزارء آنذاك، أطلق الجيش الإسرائيلي عملية “عناقيد الغضب” ضد جنوب لبنان لمدة 16 يومًا لإنهاء قصف حزب الله لإسرائيل، حيث قصفت إسرائيل في العملية مخيم تابع للأمم المتحدة في بلدة قانا راح ضحيتها أكثر من 100 مدني.
ويعرف عنه أنه شغل على مدى خمسة عقود جميع مناصب المسؤولية من نيابة ودفاع وخارجية ومالية وهو الوحيد في إسرائيل الذي تولى منصبي رئاسة الوزراء ورئاسة الدولة، وبوفاته يكون آخر المؤسسين لإسرائيل على أرض فلسطين.