انتهت المناظرة الأولى من أصل ثلاث مناظرات ستجمع مرشحي الرئاسة الأمريكية بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب، قبل ستة أسابيع على الاستحقاق الرئاسي المقرر في 8 نوفمبر/تشرين الثاني القادم. وقد انتهت المناظرة لصالح كلينتون، ففور انتهاء المناظرة التي امتدت لـ 90 دقيقة بدأت استطلاعات الرأي الأولى تظهر تقدم كلينتون بفارق كبير على منافسها، حيث قال 62% من المستطلعة آرائهم أن كلينتون قدمت أداءًا أفضل من ترامب الذي حاز على نسبة 27% فقط.
ويبدو أن كلينتون بعد المناظرة ليست كما قبلها، حيث أشارت التوقعات أن كلينتون لم تنتصر في المناظرة فحسب بل تلقت دعمًا أكبر لحملتها الانتخابية وباتت أقرب إلى البيت الأبيض من قبل، خصوصًا أن كلينتون تتقدم على ترامب بتسع نقاط في صفوف الناخبين الشباب وبخمس وعشرين نقطة في صفوف المرأة، إضافة إلى رجحان كفتها لدى ناخبي الأقليات.
غياب واضح في المناظرة للقضايا المحورية في الشرق الاوسط
تطرق المتناظرين إلى بعض القضايا العالقة في الشرق الأوسط على الرغم أن المناظرة الأولى مخصصة للحديث عن الشأن المحلي ومناقشة المشاكل الداخلية، وهي غير مخصصة لمناقشة القضايا الدولية في الأصل.
ترامب أعرب عن دعمه للسيسي في اللقاء الذي جمعهما في نيويورك على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة
إلا أن الجدل بين المرشحين حول بعض القضايا حمل التطرق للسياسة الخارجية التي ينوي كل منهما اعتمادها، حيث ذكرت داعش في المناظرة 24 مرة ونوقشت مواجهة التنظيم والموقف من الاتفاق النووي الإيراني وغزو العراق والعلاقة مع السعودية، بينما غابت أهم قضية في المناظرة وهي ماذا ستفعل لحلب؟ وكيف ستنهي الحرب في سوريا؟ وما موقفك من انتهاك حقوق الإنسان في مصر؟. ولكن أغلن الظن أن هذه الأسئلة ستكون محور المناظرة القادمة بين المرشحين. وفيما يلي موقف كلا المرشحين من قضيتي سوريا ومصر اعتمادًا على تصريحاتهما السابقة.
الملف السوري
مواقف الغريمين حيال القضية السورية تحمل تناقضًا واضحًا. فموقف ترامب من سوريا يؤكد أنه لن يحارب بشار الأسد في حال فوزه لكنه سيركز على مكافحة داعش وأنه لن يتدخل في سوريا كما فعلت كل من روسيا وإيران هناك. أما موقفه من اللاجئين السوريين فقال أنه سيعمل على إعادتهم، ورفض الاقتراح المطروح بقبول 200 ألف لاجئ سوري في السنوات المقبلة، حيث أشار إلى احتمالية أن يكونوا إرهابيين.
أما كلينتون فإنها ستأمر بمراجعة شاملة للاستراتيجية الأمريكية في سوريا كمهمة أولى لرئاستها، وشدد مستشار لكلينتون أنها ستصعد الحرب ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا وتعمل في الوقت نفسه على طرد بشار الأسد من السلطة، ووعدت ناشطين سوريين بسوريا بدون بشار الأسد حال فوزها في السباق الرئاسي، وأشار مستشارها أن إدارة هيلاري لن تتاونى عن كشف طبيعة نظام الأسد الحقيقية للعالم بأنه دموي، انتهك حقوق الإنسان والقانون الدولي واستخدم السلاح الكيماوي ضد شعبه وقتل مئات الآلاف من السوريين بينهم الأطفال والنساء والشيوخ.
والجدير ذكره أن كلينتن ترفض كما رفض أوباما، إرسال قوات برية أميركية إلى سوريا، لكنها تؤيد دعوة أوباما لإرسال مزيد من القوات الخاصة الأميركية إلى سوريا للمساعدة على تكثيف الحملة العسكرية والعمل مع القوى المحلية التي تحارب الأسد وتنظيم “داعش”، وإقامة منطقة محظورة الطيران للتوصل إلى حل ديبلوماسي للمسألة السورية.
الملف المصري
وفيما يخص الملف المصري فإن ترامب أعرب عن دعمه للسيسي في اللقاء الذي جمعهما في نيويورك على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أصدرت حملة ترامب بعد انتهاء اللقاء بيانًا أكد فيه أن ترامب يدعم حرب السيسي ضد الإرهاب وأن الولايات المتحدة ستكون صديقة وفية لمصر في ظل إدارة ترامب وليست مجرد حليف، وأن مصر يمكنها الاعتماد على الولايات المتحدة في حال وصول ترامب للرئاسة في السنوات المقبلة.
بينما في لقاء السيسي مع هيلاري في نفس المناسبة ظلت كلينتون حذرة في كلامها مع السيسي، فلم تعطي الوعود والعهود للسيسي بما سيحصل من تغيير للسياسة الأمريكية مع مصر في حال وصولها للبيت الأبيض، واكتفت بالقول أن على العالم أن يدرك أن مصر تغيرت وأصبحت دولة مدنية وأكدت على أهمية تكاتف العالم مع مصر لتصويب الخطأ الديني وأن مصر قائمة على احترام حقوق القانون ومؤسسات الدولة والحريات.
كلينتون ستأمر بمراجعة شاملة للاستراتيجية الأمريكية في سوريا كمهمة أولى لرئاستها
مع الأخذ في الاعتبار أن نائب هيلاري كلينتون السيناتور تيم كاين، يتمتع بالخطاب الوسطي وله مطالب كثيرة للولايات المتحدة باحترام حقوق الإنسان ونقد القمع الذي تمارسه السلطات المصرية، حيث ذكر في أحد مقالاته أن على السيسي أن يفرج عن المعتقلين السياسيين كأهم خطوة نحو إصلاح سياساته، والعفو عن كل العاملين بالمجتمع المدني الذي تم الحكم عليهم وقت مرسي، والسعي للمصالحة مع خصومه السياسيين. علمًا أن هذا الخطاب لا يناسب السيسي بتاتًا ويهدد العلاقة المصرية الأمريكية في حال تبنيها من قبل هيلاري بعد فوزها.
أما فيما يخص قضايا الشرق الأوسط الأخرى التي تجادل فيها كلا من ترامب وكلينتون في المناظرة، فقد ذكرت كلينتون أنها ستعمل على مواصلة التعاون مع شركائها من العرب والأكراد وتبني سياسة الرئيس الأمركي الحالي باراك أوباما، أما ترامب فاتهم كلًا من هيلاري وأوباما بالمسؤولية عن ظهور داعش بعد الانسحاب من العراق وأن إدارة أوباما وكلينتون هي السبب في حالة الفوضى في الشرق الأوسط، وردت كلينتون عليه أنه لا يملك خطة للقضاء على داعش وأنه من الضروري العمل بشكل أكثر اهتمامًا مع الحلفاء بشأن مكافحة الإرهاب.
وطالب ترامب أيضًا بعدم دعم شركاء أمريكا عبر العالم في إشارة منه إلى السعودية واليابان بدون ثمن، مشيرًا إلى أنه لا يؤيد سياسة أن تكون أمريكا شرطي العالم، ومن حق أمريكا أن تحصل على الأموال مقابل توفير الحماية العسكرية لهاتين الدولتين على حد تعبيره. أما كلينتون فقد عارضته وتعهدت أنها ستلتزم بمعاهدات الدفاع المشترك مع حلفائها.
وبخصوص الاتفاق النووي الإيراني أكدت كلينتون أن إبرام الاتفاق يظهر قوة الإدارة الأمريكية الدبلوماسية، في حين رفض ترامب الاتفاق مع إيران على برنامجها النووي وقال إنه سوف يهزم إيران.
بينما ردت عليه كلينتون عن الكيفية التي سيهزم بها ترامب إيران بقولها هل سوق يقصفها، ورد عليها أنه ” لا يمكن أن يستبعد أي شيء من على الطاولة” في التعامل مع دول مثل إيران وكوريا الشمالية.