ترجمة وتحرير نون بوست
من المتوقع أن يصوت مجلس الشيوخ ومجلس النواب بشأن تجاوز فيتو الرئيس الأمريكي، باراك أوباما فيما يتعلق بالسماح لعائلات ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر بمقاضاة المملكة العربية السعودية، وذلك إذا ما ثبت ضلوع المملكة في الهجمات بأي شكل من الأشكال. وتجدر الإشارة إلى أن القانون، الذي سمي “العدالة ضد رعاة الإرهاب”، سيمنح إمكانية وضع إستثناءات لما يسمى بالحصانة السيادية. وهذه الحصانة هي مبدأ قانوني في النظام القضائي الأمريكي يحمي الدول الأجنبية وديبلوماسيي الدول الأجنبية من أي يتم مقاضاتهم من قبل الولايات المتحدة.
إن تمرير قانون الإرهاب من شأنه أن يعقّد العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة. كما يمكن أن يعرض الحكومة الأمريكية والمواطنين والشركات الأمريكية إلى دعاوي قضائية. وعلاوة على ذلك، فإن خبراء قانونيين، مثل ستيفن فلاداك من كلية الحقوق بجامعة تكساس وجاك غولدسميث من كلية الحقوق بجامعة هارفرد، يشككون في أن تشريع كهذا من شأنه أن يحقق أي أهداف. وتجدر الإشارة إلى أن القانون سيكون بهدف إيجاد حل للسلسة المعقدة من الأحكام القضائية الأمريكية، والتي عرقلت كل الدعاوى التي رفعها عائلات ضحايا هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر ضد المملكة العربية السعودية. وكان مجلس الشيوخ قد مرر مشروع القانون في شهر آيار/مايو الماضي بعد أن تم التصويت عليه بالإجماع، ومنح مجلس النواب موافقته على مشروع القانون هذا الشهر.
وسيمنح هذا القانون إمكانية تعديل القانون الذي تم سنّه في سنة 1976، والذي يضمن لبعض البلدان الأخرى حصانة ضد الدعاوي القضائية الأمريكية (باستثناء الدول التي تعتبرها وزارة الخارجية الأمريكية راعية للإرهاب مثل إيران والسودان وسوريا أو الدول التي تم اتهامها بارتكاب أي هجوم إرهابي في الولايات المتحدة أودى بحياة أمريكيين). لذلك، فإن هذا القانون سيوضح أنه قد يتم رفع دعاوي قضائية ضد دولة أخرى إذا ما ثبت ضلوعها في هجوم إرهابي.
وقد يقول بعض المدافعين عن مشروع القانون إنه سيطبق على نطاق ضيق، إلا أن عديد المسؤولين في الرئاسة الأمريكية حذروا من أن القانون قد يؤدي إلى اتخاذ بعض الدول الأجنبية إجراءات انتقامية ضد الولايات المتحدة. فقد حذر الاتحاد الأوروبي من أنه سيعتمد تشريعا مماثلا إذا ما تم تمرير القانون. وسبب هذه المخاوف هو أن الولايات المتحدة هي أكثر دولة تعنى بالشؤون الخارجية، وذلك من خلال اعتمادها لقواعد عسكرية خارجية، للقيام بعمليات بطائرات دون طيار وإرسالها لبعثات إستخباراتية وتنظيمها لبرامج التدريب. لذلك، فإن الرئاسة الأمريكية تخشى أن يخضح الأمريكيون إلى إجراءات قانونية في الخارج.
والدافع وراء مثل هذا القانون هو الاعتقاد السائد بين أسر ضحايا هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، أن للسعودية دور في تلك الهجمات. وذلك لأن 15 من منفذي الهجوم كانوا أعضاء في تنظيم القاعدة وكانت لهم الجنسية السعودية. لكن في المقابل، أكدت لجنة أمريكية مستقلة عملت على التحقيق في الهجمات أنه لا يوجد أي دليل على أن الحكومة السعودية أو كبار المسؤولين السعوديين قاموا بتمويل الإرهابيين.
أما أنصار القانون فهم يستشهدون بحالتي إغتيال لأمريكيين تم خلالهما السماح باللجوء إلى القضاء وذلك في تشيلي وتايوان. لكن مسؤولين في الرئاسة الأمريكية يقولون إن هاتين الحالتين ليستا مماثلتين لهجمات 9/11.
في الواقع، إن الجدل لا زال قائما حول هذا القانون، وذلك لأن السعودية هي إحدى حلفاء الولايات المتحدة. لكن العلاقة بين البلدين تدهورت بعد الاتفاق النووي الذي أبرمته الولايات المتحدة مع إيران. وما زادها تدهورا هو الحرب في سوريا وفي اليمن. لكن لا زالت السعودية موطنا للوهابيين، الذين كانوا سببا في ظهور عديد المتطرفين الذين يتم ملاحقتهم من قبل الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن المملكة السعودية هي إحدى شركاء الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب. إذن، من المتوقع أن يكون هذا القانون سببا في مزيد تدهور العلاقات الثنائية، خاصة وأن الرياض كانت قد هددت بسحب مليارات الدولارات من أصولها في الولايات المتحدة إذا ما تم تمرير القانون.
قد نتفهم رغبة مساعدة أسر الضحايا، لكن بأي ثمن سيتم تمرير القانون؟
المصدر: نيويورك تايمز