تتميز السينما كفن يرتكز على صناعة كاملة، بنسق تطوره الكبير لما فيه من اعتماد على التقنية المتوفرة في عصره، ولأجل ذلك أساسًا، تميزت السينما بإعادة إنتاج أعمالها في نسخ متعددة بشكل مفرط ربما بالمقارنة مع التعبيرات الفنية الأخرى، ولئن كانت هناك أسباب أخرى كثيرة تدعو السينمائي أو المنتج إلى تكرار فيلم أنتج من قبل، فإن توفر تقنيات أفضل، يغري هؤلاء بإعادة إخراج الأعمال الناجحة في ثوب جديد متناسق مع متطلبات جمهور العصر التي تتزايد مع كل حقبة.
يعرف هذا الأسلوب باسم Remake أو إعادة الصنع، وهي تسمية على قدر بساطتها في الإنجليزية، تبدو ثقيلة على اللسان العربي، لذلك أفضل العودة إلى موروثنا العربي لترجمة التسمية، فهذا الأسلوب شبيه عندنا بالمعارضة الشعرية، فالشاعر حينما يعارض قصيدة ما، يستعمل بحرها وقافيتها وغرضها، لا بهدف التقليد وإنما بهدف المنافسة والمقابلة وإظهار رأي مخالف أو إظهار براعة بلاغية أكبر، يمكن إذا أن نسقط هذه التسمية على الـ Remake في السينما (أو غيره من الفنون)، واعتماد مصطلح المعارضة السينمائية.
ولقد ظهرت المعارضة السينمائية منذ بدايات السينما، خصوصًا لنسق التطور الكبير الذي عرفته خلال عقودها الأولى، حيث وجدت معارضات تعود إلى العشرية الثانية من القرن المنقضي (رجل السكواو The Squaw man لسيسيل دو ميل Cecil DeMille صدر سنة 1914 وأعاد إنتاجه سنة 1918 ثم سنة 1931).
ومع انخفاض نسق التطور التقني في السينما بعد الحرب العالمية الثانية، انخفضت أيضا ظاهرة المعارضة السينمائية، وأفسحت المجال لأشكال أخرى مثل اللواحق (sequels) والسوابق (prequels)، والمحاكاة الساخرة أو الباروديا (parody)، ومع سطوع نجم التصوير المصنع بالكمبيوتر CGI في عالم السينما، عادت المعارضات السينمائية للظهور بشكل مكثف ويبدو أننا نشهد ذروة هذه العودة خصوصًا مع تجرؤ هوليود على معارضة فيلم بن-هور Ben-Hur أكثر الأفلام فوزًا بالأوسكار في التاريخ، في هذا المقال، أعود بكم إلى الفيلم الأصلي حتى نكشف أوجه المعارضة وربما خباياها.
بن حور 1959: ديني مسيحي في ظاهره، وبروباغندا يهودية في باطنه
صدر فيلم بن حور Ben-Hur سنة 1959، وهو ملحمة ضخمة من الفانتازيا التاريخية امتدت على ثلاث ساعات ونصف، ولقد خاطرت الشركة المنتجة MGM (مترو غولدوين مايير) بهذا الفيلم رغم إشرافها على الإفلاس آنذاك، فصرفت مبلغًا خياليًا يقدر بـ 15 مليون دولار لإنتاجه، لتغنم من ورائه على قرابة السبعين مليونًا.
ولم يكن نجاح بن حور تجاريًا فحسب، فقد حصد الفيلم إحدى عشر أوسكارًا في حفل سنة 1960، ليكون أكثر الأفلام تتويجًا بالتمثال الذهبي في التاريخ، ولم يستطع فيلما تايتانيك Titanic (سنة 1998) وملك الخواتم (سنة 2004) كسر هذا الرقم، واكتفيا بمعادلته رغم اتساع عدد جوائز الأوسكار في السنة الواحدة، ما يعني أن بن حور يظل متفوقًا إذا نسبنا عدد الجوائز بعدد الجوائز المتاحة، كما اعتبره معهد الأفلام الأمريكي ثاني أعظم الملاحم السينمائية بعد فيلم لورنس العرب Lawrence of Arabia.
ويحمل العنوان مفارقة تكشف عن أخرى داخل الفيلم، اسم الفيلم كاملاً كما يرد في معلقاته الإشهارية : بن حور، قصة عن المسيح (Ben-Hur A tale of the Christ)، وهو بذلك يمزج بين سيرة المسيح وسيرة رجل يهودي يدعى بن حور، ورغم أنه ليس أول الأفلام الدينية في تاريخ هوليود، فقد كان الأول الذي حظي بموافقة الفاتيكان لإنجازه.
يعود الفيلم إلى زمن المسيح عليه السلام، حين كان بنو إسرائيل يعيشون في القدس من جملة الأعراق والبطون التي كانت فيها في ذلك الزمن (والتي تغاظى الفيلم عن إظهارها) تحت سلطة القيصر الروماني (تيبيريوس Tiberius كما تذكر المصادر التاريخية والمسيحية). يحدثنا الفيلم عن علاقة الصداقة بين الأمير اليهودي “يهوذا بن حور” وحاكم القدس الجديد “ميسالا” Messala، وكيف تحولت أن الصداقة القديمة التي ترجع جذورها إلى ما قبل تعيين ميسالا حاكمًا، قد تحولت إلى علاقة عداء بين الحاكم الصارم الذي يريد إخضاع المتمردين اليهود على السلطة الرومانية بعصا القوة، والأمير اليهودي الذي يرفض التمرد ولكنه يرفض خيانة قومه، وبسبب هذا الصراع يعيش بن حور “تيها” جديدًا يقطع فيه بحر الظلمات (البحر المتوسط) كعبد مجدف في السفن الحربية، ثم وريثًا بالتبني لقنصل في روما، قبل أن يعود إلى القدس قويًا قادرًا على مواجهة ميسالا، وفي هذا القسم الأخير، يبرز سباق عربات الخيول بين الخصمين، كأيقونة سينمائية ظلت طويلاً مصدر اقتباس وإلهام.
الفيلم إذًا يروي أساسًا قصة يهوذا مع ميسالا، وبحثه المضني عن الانتفام، لكنه في نفس الوقت يوازي بين قصة بن حور، وسيرة يسوع كما وردت في الكتاب المقدس، حيث يجعل الفيلم رابطًا رقيقًا بين القصتين، كأن يقدم يسوع بيديه الماء لبن حور حين كاد يهلكه العطش، أو كأن يسمع تعاليمه الثورية حين كان ينشرها في القدس “أحبوا أعداءكم”، أو واقفًا أمام يسوع المصلوب (وما قتلوه وما صلبوه ولكِنْ شبِه لهمْ)، إن العلاقة التي أحدثت بين يسوع المسيح ويهوذا بن حور أعمق من تلك التي أحدثت بينه وبين ميسالا الروماني، وهي علاقة تماهي بشكل أو بآخر بينهما، أو تجعل بن حور انعكاسًا بشريًا لأفكار المسيح التي دعا لها أتباعه، وجود بن حور، تذكير للمشاهد الأمريكي بأن المسيح ذو أصول يهودية قبل كل شيء، بل هو دعاية ضخمة لبني إسرائيل على مختلف المستويات:
ـ ظهر الفيلم حين كان الصراع العربي الإسرائيلي على أشده بعد نكبة 1948، وبحث إسرائيل عن تدعيم موقفها بالشرعية التاريخية والإنسانية، فكان الفيلم تذكيرًا بأنهم عاشوا في القدس منذ زمن سحيق وليسوا طارئين عليها.
ـ بدت العلاقة بين الرومان واليهود أقرب إلى تلك التي بين ألمانيا النازية واليهود، خصوصًا مع إصرار المخرج اليهودي ويليام وايلر، على إبراز التحية الرومانية الشبيهة بالتحية النازية، والغرض من ذلك ليس شيطنة الرومان، بقدر ما هو تذكير بمسؤولية الغرب تجاه الضحية اليهودية.
ـ يرمز بن حور بشكل ذكي إلى بني إسرائيل، أو إلى الصورة التي ينبغي أن يراها الأمريكي عنهم، فبدايتهم كانت في القدس، قبل أن يرحلوا منها ظلمًا، ويعانوا الأمرين، لكن خصالهم الرائعة جعلت المجتمع الغربي يتبناهم (تبني القنصل الروماني لبن حور) ويمنحهم المواطنة الكاملة، غير أن بن حور لا يزال يشتاق إلى وطنه، لذلك تبدو عودته تصويرًا لعودة الإسرائيليين إلى فلسطين المحتلة من قبل بريطانيا، من المهم هنا أن نذكر أن المخرج ويليم وايلر حاول دومًا أن يعتمد أصحاب اللهجة البريطانية لتمثيل الرومان بينما كان الممثلون اليهود يتحدثون باللهجة الأمريكية.
ـ لقد محا الفيلم تمامًا كل علاقة متوترة بين المسيح وقومه، ولم يبد هناك معارض للمسيحية من بين اليهود، بل إن الفيلم يشير إلى المسيح بتلك العبارة اللاتينية الشهيرة INRI (يسوع الناصري ملك اليهود Iēsus Nazarēnus, Rēx Iūdaeōrum).
لأجل كل ذلك، يعتبر الفيلم مفخرة يهودية بكل المقاييس، وربما كان يهوذا بن حور أعظم بطل يهودي في المخيال الفني، رغم تعاقب أفلام الدعاية الإسرائيلية التي أمطرتنا بها هوليود منذ ذلك الوقت إلى اليوم، فما الذي دعا MGM اليوم إلى معارضة أهم الأفلام التي أنتجتها؟
بن حور 2016: التشابه والاختلاف
أوكلت مهمة إخراج المعارضة الجديدة لقصة بن حور، إلى الكازاخستاني تيمور بكممبيتوف وهو على غرار وليم وايلر (مخرج نسخة 59) من أصول يهودية، وقد حافظت المعارضة على عناصر الفيلم الرئيسية مع تحوير في مستويات عديدة، ويعود ذلك أساسًا إلى محاولة اختزال مدة العرض إلى الساعتين، وهو ما أثر بشكل كبير كما سنرى لاحقًا.
- القصة
حافظت القصة على عناصرها الرئيسية، ولكنها تغاضت عن علاقة بن حور بالقنصل الروماني وتبنيه له وحصوله على المواطنة الرومانية، لم تعد تلك المرحلة مهمة، وصار التركيز على القدس أكثر أهمية.
كما اهتم الفيلم بالعودة إلى العلاقة التي جمعت بين الغريمين ميسالا وبن حور قبل أن يصبح الاول حاكمًا على القدس، وهي عودة ذكية وساهمت في إضفاء قدر من المعقولية الدرامية على تطور شخصية ميسالا، التي أهملها “وايلر” قليلاً في الفيلم الأول، نكتشف في هذه النسخة أن ميسالا يتيم روماني تبنته عائلة بن حور منذ أن كان صغيرًا، لكن المجتمع ـ وأم بن حور ـ أشعراه دومًا بوضاعة نسبه وبالاختلاف الواقع بين العرقين.
- السيناريو
في محاولة لاختصار وقت الفيلم، كان السيناريو أقرب إلى المهزلة، سأكتفي هنا بالتعليق على أبرز النقاط المظلمة في السيناريو، ومن المؤكد أن التمعن أكثر في الفيلم قد يكشف هنات أكثر، سأبدأ بالحفل الذي أقيم في بداية الفيلم، كان الجميع ثملاً منتشيًا، بمن فيهم ميسالا، لكن ملاحظات أم بن حور بشأن علاقته بابنتها، جعلته لتوه يقرر أن يسافر إلى روما، ليست المشكلة أنه قرر ذلك، المشكلة أنه تحدث قليلاً مع بن حور، ثم غادر إلى روما! هكذا بدون إعداد أو تحضير غادر كأنه قاصد مطار جي إف كي.
ويبدو أن المسافة لا تشكل أية أهمية تقريبًا هنا، فحين سار الجند ببن حور في شوارع القدس (أمير اليهود يهان بذلك الشكل من دون أن تسمع احتجاجًا واحدًا) انتقل المشهد مباشرة إلى سيرهم به نحو ميناء صور، ما يجعلنا نستنتج أنهم نقلوه سيرًا من فلسطين إلى سواحل لبنان، هكذا بهذه البساطة.
ـ في الفيلم الأول غادر بن حور روما إلى القدس، وقبل أن يدخلها، التقى بالشيخ الدارم Ilderim وهو كما يوحي اسمه عربي يعشق الخيل، وهذه العلاقة مهمة للسيناريو فيما بعد، أما في النسخة الجديدة، فلم يعد الدارم شيخًا، وصار شعره الأبيض مضفورًا على طريقة بوب مارلي، وعرف نفسه على أنه إفريقي، ولأنني أعرف جيدًا طبيعة الأفارقة الذين يعيشون شمال الصحراء على سواحل البحر الأبيض المتوسط (لأنني منهم) فأنا أتساءل في أي إفريقيا سقط بن حور؟ أية إفريقيا يعيش فيها سود في صحراء قرب البحر، يسيرون على الجمال، ويربحون الخيل ويعشقونها.
ـ تم تغيير حادثة الاعتداء على بونتيوس بيلاتي Pontius Pilate حاكم القدس الجديد، بحيث جعلوا ثائرًا يهوديًا يفعل ذلك من فوق سطح قصر بن حور، ولقد بدا المشهد مضحكًا والجميع يلحظ اليهودي وهو يختفي داخل المنزل، بينما بن حور يخاطبه من فوق لماذا فعلت ذلك، قبل أن يسرع إلى الداخل ويهربه ثم يحاول المخرج إقناعنا ببراءته، في الفيلم الأصلي كانت الحادثة عفوية، وكان حقد ميسالا عاملاً أساسيًا في اتهام بن حور، لكن لسبب ما، يعتقد كاتب السيناريو الجديد أن العفوية ليست مقنعة تمامًا.
- مورغان فريمان
لقد كان الممثل الكبير مورغان فريمان Morgan Freeman مفاجأة النسخة الجديدة، فكان راويًا للأحداث بصوته العميق، وكان أيضًا صاحب دور “الدارم” الإفريقي، لقد كان لوجود الشيخ الدارم في الفيلم الأول رمزية كبيرة، فهو ممثل الحضور العربي في المنطقة، وكان في الفيلم مساعدًا رئيسيًا لبن حور، بل إنه طلب مساعدته وتحالفه لقهر العدو الروماني في ملعبه (السيرك)، خطاب ذو دلالة في زمن كانت فيه الحرب على أشدها بين الاحتلال الصهيوني والمقاومة العربية، أما اليوم، فقد تغير الخطاب، وصيغ الحضور العربي بشكل مختلف تمامًا.
فقد ظهر في سباق الخيل متسابق عربي، من جملة المتسابقين، فبادر بالاعتداء على بن حور مع الكثير من الوعيد والزمجرة (التي ربما لم يفهمها غيري في قاعة السينما الفرنسية)، ثم إنه سقط من العربة وداسته سنابك الخيل منذ بداية السباق.
كان ظهور فريمان في الفيلم ضعيفًا ولا يمكن أن يقارن بالدور الرائع الذي أداه هوغ غريفيث Hugh Griffith في نسخة 1959، وإذا كان هذا حال قامة كبيرة مثل فريمان، فلا أجد داعيًا للمقارنة بين الصورة الأيقونية لبن حور التي قدمها شارلتون هيستون Charlton Heston وبين نسختها الباهتة المائعة التي قدمها جاك هستون Jack Huston.
- المسيح
في نسخة 1959، عمد وايلر إلى عدم إظهار وجه المسيح، والتقاط المشاهد من زاوية نظره بشكل يذكرنا بما فعله العقاد لإبراز حضور الرسول – صلى الله عليه وسلم – في بعض مشاهد فيلم الرسالة (طبعًا فيلم بن حور يسبق الرسالة)، وربما كان ذلك إذعانًا لتوصيات الفاتيكان، ولكن بعض هذه المشاهد ظل راسخًا في الذاكرة السينمائية (مشهد سقاية المسيح الماء لبن حور).
في المقابل، لم يتردد بكممبيتوف في تمثيل المسيح بأبسط الأشكال الممكنة، ربما لأن البساطة تصنع أيضًا شكلاً من القداسة، ومن المؤكد أن المسيح في عالم الواقع لم تكن حوله أية هالة من نور، ولم تكن تصدح من ورائه أية موسيقى كلاسيكية مبهرة، لكنني أعتقد أن بكممبيتوف لم يوفق كثيرًا في هذا الجزء، وبدا ظهور المسيح خاليًا من التأثير النفسي المفترض إحداثه في المشاهد، الأمر لا يتعلق بخيار التمثيل، وإنما بطريقة التعامل مع الخيار.
- الصورة المعالجة بالكمبيوتر
من المؤكد أن تطور تقنية الـ CGI شجع المنتجين كثيرًا على اتخاذ قرار المعارضة السينمائية لأحد أهم الأفلام في تاريخ هوليود، فهي تسمح للمخرج بإنجاز أكثر الأفكار جنونًا مع اختصار الكثير من المال والجهد، وهو ما يحيلنا إلى مشهد السباق الشهير.
الحقيقة أن الدافع الأكبر وراء مشاهدتي للفيلم، هو فضولي لمعرفة ما يمكن أن تضيفه سبعة وخمسون عامًا من السينما إلى سباق بن حور الشهير، وقد كانت الإجابة صادمة بالنسبة لي، إنني أجزم أن تقنيات سنة 1959 قدمت عرضًا أكثر فرجة وتشويقًا وواقعية من تقنيات هذا العصر السينمائي الرقمي، فمهما كانت جودة الصورة المختلقة بالكمبيوتر، لا يمكنها أن تعكس النفس الواقعي لشعار سياسيي روما الخالد : خبز وسيرك Panem et circenses.
ورغم أن مشهد دخول الفيلق الروماني إلى القدس بقيادة بونتيوس بيلاتي Pontius Pilate وبمرافقة الأناشيد اللاتينية، كان مهيبًا مؤثرًا، إلا معالجة الكمبيوتر لبقية المشاهد لم تنجح في إقناعي بواقعية المشهد، وحتى في مشهد غرق المركب، رغم أن المخرج عمد إلى التصوير من وجهة نظر البطل، ما جعل الصورة مبتورة متوترة تقرب المشاهد إلى قلب الأحداث وتثير توتره، فإن طابع الصورة المعالج ينتقص كثيرًا من وقعها عكس نسخة 1959 حيث يبدو كل شيء معقولاً ومدهشًا في آن، كنت في كل لحظة واعيًا بطابع الفيلم الفانتازي، وهو ما لا يجب أن أشعر به أمام فيلم ينبش التاريخ.
- مزيد من طمس التاريخ
كان آخر هم الفيلم التدقيق التاريخي، ولقد بينت بعضًا من ذلك من خلال الأخطاء المضحكة التي وردت في السيناريو، يمكنني أن أضيف إلى ذلك تلك الصورة الغريبة ليهود ذلك العصر، رجال لا يلبسون الكبة إلا في المناسبات، ولا يرى لهم شعر مضفور، ونساء سافرات، لا يجدن حرجًا في تقبيل الغرباء، جو عام هو أقرب إلى بيفرلي هيلز من القدس سنة 30 ميلادية.
لقد بلغ التزييف درجة تقارب من الاستهتار في بعض الأحيان، وكان جليًا أن الفيلم لن يعمر في صالات العرض طويلاً، لذلك تساءلت عن الدافع الحقيقي من وراء هذه المعارضة الخاسرة، لا أملك إجابة حقيقية لذلك، ربما بعض الأطراف لا تزعجها الخسائر المادية، مادام الحضور الإسرائيلي في هوليود مضمونًا كل سنة بأعمال ذات ميزانية ضخمة، فالسينما تنسى أحيانًا وظيفتها الجمالية، لتتحول إلى إشهار طويل وسيء، وكما يقول المثل، فلا يوجد إشهار سيء، إن فكرة بن حور نفسها رمز لليمين المتصهين الأمريكي، للتحالف العقدي الذي يحمل هذا اليمين على أن يدعم ما يرمز إليه يهوذا بن حور، بشتى السبل، أليس مثيلاً عندهم للمسيح نفسه؟
اسم الفيلم: بن حور، قصة عن المسيح Ben-Hur A tale of the Christ
سنة الصدور: الأول سنة 1959 والثاني سنة 2016
مدة العرض: الأول ثلاث ساعات ونص، الثاني ساعتان وخمس دقائق.