صوت مجلس الشيوخ الأمريكي، أمس الأربعاء، بأغلبية ساحقة، ضد حق النقض “الفيتو” للرئيس باراك أوباما، الذي مارسه ضد مشروع قانون يسمح لعائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر بمقاضاة دول ينتمي إليها منفذو العملية.
واستطاع المجلس لأول مرة في ولاية أوباما، إبطال “الفيتو” الخاص به الذي أعلنه الجمعة الماضية، من أجل وقف مسودة “قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب” أو ما بات يعرف في الأوساط الأمريكية بقانون “11 سبتمبر”، والذي صوت عليه الكونغرس الأمريكي بغرفتيه (الشيوخ والنواب) بالإجماع، في 9 سبتمبر الجاري.
وحصل قرار إبطال فيتو أوباما على تأييد 97 عضوًا واعتراض زعيم الأقلية الديمقراطية هاري ريد وحده، بالإضافة إلى عدم تصويت اثنين من الأعضاء.
تعتبر هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها الكونغرس الأمريكي بإلغاء “فيتو” الرئيس، بواقع 97 صوتًا مقابل صوت واحد فقط، خاصة في عهد أوباما
كيف استقبلت المخابرات المركزية الأمريكية (سي. آي. إيه) الخبر؟
أكد جون برينان مدير المخابرات المركزية الأمريكية (سي. آي. إيه)، أمس الأربعاء، أن تشريعًا يسمح برفع دعاوى ضد الحكومة السعودية بشأن هجمات 11 سبتمبر سيكون له “تداعيات خطيرة” على الأمن القومي الأمريكي.
جاءت تصريحات برينان التي أدلى بها في بيان رسمي قبل تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي على إلغاء الفيتو الذي استخدمه الرئيس باراك أوباما ضد مشروع القانون، وهو ما يدلل على معرفته بنتائج التصويت، ولمحاولة توضيح خطورة الأمر.
وقال برينان: “النتيجة الأشد ضررًا ستقع على عاتق مسؤولي الحكومة الأمريكية الذين يؤدون واجبهم في الخارج نيابة عن بلدنا، مبدأ الحصانة السياسية يحمي المسؤولين الأمريكيين كل يوم وهو متأصل في المعاملة بالمثل”.
وأضاف قائلًا: “إذا لم نلتزم بهذا المعيار مع دول أخرى فإننا نضع مسؤولي بلدنا في خطر”.
أوباما يتهم نواب الكونجرس بالتحيز للانتخابات
وصف الرئيس الأمريكي باراك أوباما، إلغاء الكونغرس لـ “الفيتو الرئاسي” حول القانون الذي يسمح لذوي ضحايا هجمات 11 سبتمبر بمقاضاة المملكة العربية السعودية بالقرار الـ “الخاطئ”.
وقال أوباما في تصريحات لشبكة “سي إن إن”: “أتفهم لماذا حدث ذلك، من الواضح أننا جميعًا لا نزال نحمل جروحًا وصدمة”، غير أنه أكد أن “ما حدث خطأ”.
حيث تعتبر هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها الكونغرس الأمريكي بإلغاء “فيتو” الرئيس، بواقع 97 صوتًا مقابل صوت واحد فقط، خاصة في عهد أوباما.
أما المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست، فوصف الأمر بأنه: “الشيء الأكثر إحراجًا الذي فعله مجلس الشيوخ منذ عام 1983”.
وترى إدارة أوباما بشكل واضح أن ثمة تحيزات أخرى تدخلت كالانتخابات القادمة، ساهمت في تمرير الوضع بهذه الطريقة، وهو أمر لا يخدم المصالح الأمريكية.
حصل قرار إبطال فيتو أوباما على تأييد 97 عضوًا واعتراض زعيم الأقلية الديمقراطية هاري ريد وحده، بالإضافة إلى عدم تصويت اثنين من الأعضاء
انقسام واضح في تقدير التشريع
يرى البيت الأبيض أن التشريع الحالي الذي يكاد يمر من الغرفة الثانية في الكونغرس الأمريكي إذا أيد ثلثا المجلس إلغاء فيتو أوباما، يضر بالعلاقة المميزة مع المملكة العربية السعودية، وربما يكون جزءًا من تغير عميق في علاقات السعودية بالغرب، بسبب مزاعم ارتباطها بالتشدد الديني.
لأن الرياض بحسب وصف بعض مسؤولي إدارة أوباما أحد أهم الشركاء للحكومة الأمريكية في عمليات مكافحة الإرهاب، وفي الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
هذا الانقسام وصل إلى أن شركات مثل جنرال إلكتريك وداو، حذرت من إقرار القانون، دعمًا لموقف السعودية، بينما قال الاتحاد الأوروبي إن القانون “يتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي”.
بينما تميل غرفتي التشريع في الولايات المتحدة على الجانب الآخر من إقرار التشريع، بأغلبية التصويت.
المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إرنست، وصف الأمر بأنه: “الشيء الأكثر إحراجًا الذي فعله مجلس الشيوخ منذ عام 1983”
يبقى النظر الآن إلى رد الفعل السعودي، بعدما هددت السعودية من قبل وفق ما نشرت صحيفة النيويورك تايمز في عددها الصادر في منتصف أبريل الماضي تقريرًا من سلط الضوء على التهديدات السعودية بالتسبب بانهيار اقتصادي في حال أقر الكونغرس قانون أحداث 11 سبتمبر والذي يسمح بمقاضاة السعودية أمام المحاكم الأمريكية لدورها في هذه الأحداث، ومدى جدية وقدرة السعودية على القيام بذلك.
وفي التفاصيل، أبلغت السعودية إدارة أوباما وأعضاء الكونجرس بأنها ستعمد لبيع الأصول الأمريكية التي تمتلكها، والتي تبلغ قيمتها مئات مليارات الدولارات، إذا أقر الكونغرس مشروع قانون من شأنه أن يسمح بمقاضاة السعودية أمام المحاكم الأمريكية لدورها في هجمات 11 سبتمبر لعام 2001.
حيث وضحت المصادر حينها بأن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، سلّم رسالة المملكة شخصيًا في شهر مارس خلال زيارة قام بها إلى واشنطن، محذرًا نواب الكونغرس الأمريكي بأن المملكة العربية السعودية ستضطر لبيع ما يزيد عن 750 مليار دولار بشكل سندات خزينة وغيرها من الأصول التي تمتلكها في الولايات المتحدة قبل أن تتعرض لخطر المثول أمام المحاكم الأميركية.
في حين يري مراقبون أن الهدف من القانون هو “الابتزاز”، ورهن الأموال السعودية في أمريكا على غرار ما حدث مع إيران، رغم استبعاد حدوث هذا بالفعل، إلا أنهم يشيرون لاحتمالات صدور قرارات من محاكم أمريكية بهذا المعني لحين انتهاء التحقيقات، تلغي فعليًا حصانة السعودية في الولايات الأمريكية.
أبلغت السعودية إدارة أوباما وأعضاء الكونجرس بأنها ستعمد لبيع الأصول الأمريكية التي تمتلكها، والتي تبلغ قيمتها مئات مليارات الدولارات، إذا أقر الكونغرس مشروع القانون
ويقول آخرون إن تصويت الكونغرس بغرفتيه (النواب والشيوخ) بأغلبية ساحقة لمشروع قانون يسمح لضحايا 11 سبتمبر أن يقاضوها، يرهن أموال السعودية في أمريكا، وأنها (السعودية) قد تواجه مصير “لوكيربي” ليبيا بطلب دفع تعويضات باهظة، وربما عقاب مسؤولين، وهو ما سيعتبر تغيرًا استراتيجيًا في علاقة البلدين.
وبدورها السعودية السعودية الادعاءات التي تربط الحكومة السعودية أو مسؤولين سعوديين بتمويل القاعدة، كما أكدت أن لجنة التحقيق في تفجيرات 11 سبتمبر استنتجت عدم وجود أدلة تربط السعودية بالهجمات.