على عكس التوقعات، لم يساهم ظهور الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، في حلحلة الغموض الذي يكتسي مستقبل المشهد السياسي الجزائري، بل زاد ظهوره من درجة الغموض الذي تعيشه البلاد، وذلك بسبب تجاهله الحديث عن مشروع تعديل الدستور، وعن انتخابات الرئاسة المقررة في أبريل/نيسان القادم، وكذلك عن مطالب المعارضة بإنشاء لجنة مستقلة لتنظيم الانتخابات بدلاً من وزارة الداخلية.
وفي ظهوره باجتماع مجلس الوزراء، وحسب وكالة الأناضول، تجاهل بوتفليقة مطلب حزب جبهة التحرير الوطني،الحاكم، بتعديل الدستور قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة، كما لم يتطرق بالحديث عن الانتخابات الذي تنتظرها البلاد، واكتفى بالتأكيد على ضرورة احتواء الاشتباكات المذهبية التي شهدتها محافظة غرداية، 600 كلم جنوب العاصمة، وبإعلان دعمه للزيارات التي يقوم بها رئيس الوزراء عبد المالك سلال إلى المحافظات، رغم انتقاد المعارضة للخطوة التي اعتبرتها “حملة دعائية مسبقة لترشيح الرئيس لولاية رابعة”.
ويقترب بوتفليقة من إنهاء ولايته الثالثة في أبريل /نيسان القادم، غير أنه لم يعلن حتى اليوم ترشحه لولاية رابعة رغم ترشيحه رسميًا من قبل حزب “جبهة التحرير الوطني” الحاكم، مع العلم بأنه لا يخوض في الشأن السياسي إلا نادرًا، وخاصة منذ تعرّضه لوعكة صحية في أبريل/نيسان الماضي، حيث يرى مراقبون أنه “يستغل في كل مرة اجتماع مجلس الوزراء/ الذي عقد مرتين فقط عام 2013 بسبب المرض، لتمرير رسائل سياسية”.
وفي نفس الوقت يقود حزب جبهة التحرير الوطني، الحاكم، حملة منذ أشهر، للمطالبة بتعديل الدستور قبل انتخابات الرئاسة، “من أجل توسيع صلاحيات البرلمان لتمكينه من الرقابة على عمل الحكومة، مما يخلق توازنًا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية”، حسب أمينه العام عمار سعداني، وهو الأمر الذي رفضته أحزاب وشخصيات معارضة تنضوي تحت لواء تكتل سياسي معارض يسمى “مجموعة العشرين”، وقالت أن هدفه الرئيسي هو “استحداث منصب نائب للرئيس يحل محل بوتفليقة في الإشراف على حملته الدعائية للظفر بولاية رابعة، وكذا تسيير شؤون البلاد بعد الانتخابات”.
وأعلن الحزب الحاكم منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ترشيح بوتفليقة رسميًّا لانتخابات الرئاسة، ودعمه في ذلك ثاني أكبر حزب في الجزائر، التجمع الوطني الديمقراطي، والذي يقوده عبد القادر بن صالح، الرجل الثاني في الدولة، ورئيس مجلس الأمة، الغرفة الثانية للبرلمان، معتبرًا أن بوتفليقة هو “الضمان الوحيد للحفاظ على استقرار ووحدة البلاد”، كما أعلن الحزب الثالث في الحكومة، وهو تجمع أمل الجزائر، بقيادة وزير النقل عمار غول، دعمه لولاية رئاسية رابعة لبوتفليقة، شأنه شأن حزب الحركة الشعبية بقيادة وزير الصناعة عمارة بن يونس.
ويرى الصحفي الجزائري المتخصص في الشأن السياسي، محمد مسلم، أن “السلطة أجّلت على ما يبدو مشروع تعديل الدستور إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، وهو المطلب الذي كان ولا يزال من مطالب المعارضة، وبذلك يكون الرئيس قد استجاب لها رسميًّا، وهذا الأمر لا يؤثر على إمكانية ترشّحه إن سمحت له ظروفه الصحية بذلك”، مضيفا أن “الصمت عن تعديل الدستور قد يكون رسالة إلى المعارضة بالتخلي عن مطلب آخر أكثر أهمية، وهو إسناد الانتخابات إلى هيئة مستقلة وإبعادها عن وصاية وزارة الداخلية”.