قام رئيس كردستان العراق مسعود بارزاني بزيارة هامة إلى بغداد بعد قطيعة دامت بين الإقليم والحكومة المركزية في العراق دامت لأكثر من 3 سنوات، إلى أن تلقى بارزاني دعوة من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لزيارة العاصمة بغداد، والتباحث في الملفات والمسائل العالقة بين أربيل وبغداد.
وبالفعل بالأمس تمت أول زيارة لرئيس كردستان العراق في عهد حكومة العبادي، عقبها عقد رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي مؤتمرًا صحافيًا مشتركًا معه.
بارزاني يتكيف مع الوضع السياسي لبغداد من جديد
خلال المؤتمر الصحفي أكد رئيس إقليم كردستان: “جئنا اليوم لنعبر عن دعمنا للعبادي، ولعمليات التحرير، والتعاون لتذليل كافة العقبات التي تقف في وجه الحكومة”.
وأضاف: “نؤيد دعوة رئيس الوزراء العبادي لتحقيق مصالحة وطنية حقيقية من أجل مصلحة البلاد”. وأكد أن “هناك تنسيقًا جيدًا بين القوات المسلحة والبيشمركة لتحرير الموصل؛ مطمئنًا أن “مستقبل الموصل سيكون آمنا”، وأن “جميع المشاكل والمسائل يجب أن يتم التفاهم عليها مع بغداد”.
ثم جمعه لقاء بين رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، وبعدها ذهب بارزاني بصبحة وفد إقليم كردستان إلى مقر “التحالف الوطني”؛ حيث التقى رئيس “التحالف” عمار الحكيم. وعقد الحكيم وبارزاني مؤتمرًا صحافيًا مشتركًا.
وخلال المؤتمر، قال الحكيم: “بحثنا معركة تحرير الموصل والأزمة الاقتصادية، وتقريب وجهات النظر بين بغداد وأربيل”. ودعا الحكيم “حكومتي بغداد وأربيل إلى التنسيق لمواجهة مرحلة ما بعد “داعش”.
من جانبه، قال مسعود بارزاني: “وجدنا تفاؤلًا لحل المشاكل العالقة مع بغداد”؛ مشيرًا إلى “وجود مناخ جديد أكثر تفاهمًا لحل المشاكل وسننطلق من خلاله لحلحلة كافة الأمور”.
وأضاف بارزاني أن “إقليم كردستان طلب الاستقلال وليس الانفصال وهو حق طبيعي”؛ مؤكدًا أن “هذا الموضوع لا يمكن أن يتم دون الاتفاق مع بغداد”، وأن “هناك وفدًا من إقليم كردستان سيزور بغداد للوصول إلى اتفاق شامل”، منوهًا بـ “وجود جدية لدى الحكومة الاتحادية لحل كافة المشاكل”.
هل دفعت واشنطن في اتجاه تقريب وجهات النظر؟
يبدو من اللغة الهادئة التي تحدث بها الطرفان أن ثمة جهود ومساعي بذلت لتقريب وجهات النظر بين بغداد وأربيل، وقد تكللت في النهاية بهذه الزيارة.
يؤكد ذلك اتصال هاتفي أجراه نائب الرئيس الأمريكي، جو بايدن، مع بارزاني عشية الزيارة أكد فيه دعمه لهذه الزيارة. كما يؤكد ذلك أيضا سلسلة زيارات ولقاءات سبقت الزيارة وجمعت المسوؤلين في بغداد وأربيل بحضور الطرف الاميركي، كان آخرها زيارة العبادي إلى نيويورك بصحبة وفد مشترك من حكومة بغداد وإقليم كردستان.
وقد أشارت في هذا الصدد مصادر عراقية عدة لوسائل الإعلام عن وجود جهود أميركية لتقريب وجهات النظر بين رئيس الوزراء، حيدر العبادي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، بالتزامن مع زيارة الأخير إلى بغداد.
ما بعد زيارة بارزاني إلى بغداد؟
أولى الملفات المطروحة على طاولة النقاش كانت مسألة “استقلال إقليم كردستان”، وهو ما عبر عنه رئيس الإقليم في المؤتمر الصحفي مع رئيس الوزراء العراقي، وخطوة النقاش هذه تأتي استجابة لنصائح خارجية بعد سلسلة زيارات قام بها بارزاني إلى تركيا وإيران ودول الاتحاد الأوروبي، التي أبلغته بضرورة طرح مشروع الاستفتاء على الاستقلال على بغداد أولا.
بارزاني: “إقليم كردستان طلب الاستقلال وليس الانفصال وهو حق طبيعي”
وقد بحث وفد إقليم كردستان شكل العلاقة المستقبلية بين بغداد وأربيل، وسيعمل على طرح مشروع استفتاء استقلال كردستان خلال الاجتماعات مع حكومة بغداد، في محاولة لإيجاد صيغة متطورة تضمن علاقات طيبة بين الجانبين.
وتأتي هذه الزيارة في إطار ما يمكن تسميته ترتيب أوراق مرحلة ما بعد “داعش”، خاصة وأنه قد أعلن من طرف رئيس وزراء إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، بالأمس، عن الاتفاق مع الحكومة الاتحادية على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة بين أربيل وبغداد للتباحث بشأن معركة الموصل المرتقبة.
بينما يرى مراقبون أن العبادي يحاول التخلص من إرث المالكي الذي بدأ مرحلة العداء مع الإقليم، خاصة وأن الكتلة الموالية للمالكي ترى مسعود بارزاني رئيس منتهية ولايته للإقليم، ولا يجب التعامل معه، في حين يحاول العبادي إزالة التوترات مع الإقليم الفترة المقبلة، وكذلك استجاب بارزاني للاتفاق على الخصم المشترك بينه وبين العبادي ألا وهو المالكي وكتلته.