بعد إنشائها قاعدة عسكرية في الخليج العربي في دولة قطر تستعد تركيا لافتتاح قاعدتها العسكرية الثانية خارج حدودها في خليج عدن قبالة السواحل الصومالية وذلك بهدف تدريب عناصر من الجيش الصومالي للمساهمة في مكافحة الإرهاب، وذركت مواقع تركية أن تركيا تنوي إرسال 200 مدرب من الجيش التركي لتدريب اكثر من 10.500 آلاف جندي صومالي رشحتهم الأمم المتحدة.
وقد دعمت تركيا الصومال في بناء قدراته العسكرية والأمنية لمحاربة “حركة الشباب”، وتقديم الدعم اللوجستي للحكومة الصومالية عبر تدريب الجيش وقوات الشرطة الصومالية في تركيا وإعادة هيكلة القوات الجوية، وبالإضافة لذلك عملت تركيا على ترميم وزارة الدفاع والمنشآت العسكرية الصومالية كمقر البحرية الصومالية ومقر قوات حرس السجون.
قواعد تركيا العسكرية
تعد الأسباب المباشرة التي دعت تركيا لإنشاء قواعد عسكرية في الصومال وقبلها في قطر للانفتاح في مجال الصناعات الدفاعية من خلال البحث عن أسواق جديدة لبيع الأسلحة المصنعة محليًا التي بدأت تركيا بإنتاجها سابقًا، كما سعيها لتعزيز تواجدها في الشرق الأوسط وافريقيا، ويأتي اختيار كل من دولتي قطر والصومال لإقامة قواعد عسكرية فيهما للأهمية الجيوسياسية التي تتمتع بها كلا الدولتين.
يُذكر أن اتفاقية عسكرية تم توقيعها بين كل من قطر وتركيا في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2014 تنص على تشكيل آلية لتعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات التدريب العسكري والصناعة الدفاعية والمناورات العسكرية المشتركة وتمركز القوات المتبادلة بين الجانبين، ويعمل حاليًا في القاعدة نحو 100 جندي ومن المقرر أن يعمل في القاعدة 3 آلاف جندي تركي من القوات البرية بعد الانتهاء من إنشائها، التي ستكون أول قاعدة عسكرية لتركيا في الشرق الأوسط.
إحدى صناعات تركيا العسكرية المنتجة محليًا
أما في الصومال فقد أصبحت تركيا لاعبًا مهمًا في الشأن الصومالي عبر تبنيها حلولًا للأزمة السياسية والإنسانية في البلاد وتعهدها بتنفيذ المشاريع الخيرية والتنموية والاستثمارية، فبدءًا من استضافة تركيا لمؤتمر الصومال الذي وضع خارطة طريق لتسوية الأزمة السياسية في البلاد، إلى الزيارة التي قام بها الرئيس التركي أردوغان إلى مقديشو في أغسطس/آب 2011 أيام ما كان رئيسًا للوزراء تم خلالها افتتاح السفارة التركية في مقديشو وتعيين سفير تركي هناك، كما دشنت الخطوط التركية رحلتين من اسطنبول إلى مقديشو في مارس/آذار من العام 2013 ثم أعاد أردوغان الزيارة إلى مقديشو مرة أخرى في يناير/كانون الثاني 2015.
دوافع توجه تركيا نحو الصومال
تظهر دوافع التواجد التركي في الصومال في عدة أسباب أبرزها الرابط التاريخي والديني المشترك الذي يربط الصومال بتركيا، والسبب الآخر هو مزاحمة النفوذ الإيراني الذي ظهر في الصومال حيث تعد بالنسبة لها أحد النقاط الاستراتيجية التي سعت للسيطرة عليها من خلال نشر الهيئات الخيرية ومراكز تعليم الحرف والمهن اليدوية وعملت على دعم حركة الشباب الصومالية ضد الحكومة الفدرالية وحلفاءها.
توجه تركيا نحو الصومال نابع من إدراكها لأهميتها الاستراتيجية المتأتية من موقعها الجغرافي الذي يربط بين القارات وباعتبارها ممرًا مهمًا للطاقة في العالم إضافة إلى الحجم الهائل للثروات التي يمتلكها الصومال وخصوصًا النفط، فضلاً عن ذلك يعد دخول تركيا للصومال بوابة للدخول إلى القارة الافريقية والظهور كقوة عظمى عسكرية واقتصادية.
حركة الشباب الصومالية
وتبرز أمام تركيا عدة تحديات على صعيد التوجه نحو الصومال فهي ليست اللاعب الدولي الوحيد في افريقيا فحالة التنافس والاستقطاب الاقليمي والدولي على القارة الافريقية ومواردها مستمرة وتعد أحد أكبر التحديات التي تواجه تركيا حيث ظهرت محاولات من بريطانيا مثلا لتحجيم النفوذ التركي في الصومال بعدما نظمت مؤتمرين دولييين حول الصومال في فبراير/شباط 2012 ومايو/أيار 2013 بغية تذكير تركيا أن مصالح بريطانيا في القرن الافريقي دائمة، أضف أن تحدي عدم الاستقرار يعد هاجسًا لكل الدول في الصومال فتدهور الأوضاع الأمنية وعدم الاستقرار والحرب الدائمة بين المقاطعات تحد ويشكل تقييدًا للسياسة الخارجية التركية.
وليست القاعدة العسكرية التركية في الصومال إلا دليلًا على إصرار تركيا لتعزيز وجودها هناك وسعيها نحو الدفاع عن مصالحها الاستراتيجية التي وضعتها في المنطقة وتقوية علاقاتها السياسية والاقتصادية والدبلوماسية بالصومال وبالدول الافريقية الأخرى.