بدأت في مدينة القدس المحتلة، صباح اليوم الجمعة، مراسم دفن رئيس دولة الاحتلال الإسرائيلي السابق شمعون بيريز، وسط مشاركة دولية واسعة وإجراءات أمنية مشددة.
مواكب الرؤساء ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية والوزراء وممثلي الدول وصلت إلى “جبل هرتسل” في مدينة القدس المحتلة، حيث تجري مراسم الدفن التي تبثها قنوات التلفزة الإسرائيلية على الهواء مباشرة.
إلى هنا يبدو مشهدًا طبيعيًا، لكن المفاجأة برزت حينما ظهر الحضور العربي الطاغي في جنازة أحد مرتكبي المجازر الإسرائيلية بحق الشعوب العربية في تاريخ حافل بالدموية تجاه العرب، وكان من بين المشاركين في تشييع الجثمان، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ووزير الخارجية المصري سامح شكري الذين جلسا في الصف الأول إلى جانب بعضهما البعض.
الحكام العرب يبكون جلاد شعوبهم
لم يكن رئيس السلطة الفلسطينية وحده بجانب وزير الخارجية المصري، حيث أعلن المغرب عن نيته إرسال أندريه أزولاي؛ أحد مستشاري الملك محمد السادس لحضور جنازة شمعون بيريز.
وقد تحدثت مصادر إسرائيلية عن وجود اتصالات مع دول من الخليج العربي بينها عُمان لحضور تلك الجنازة، وعقب ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية إن ممثلًا عن سلنطة عمان وصل عن طريق الأردن، وهو قائم مقام سلطان عمان خميس بن محمد الفارسي، وكذا ممثلًا عن ملك البحرين وصل أيضًا لحضور الجنازة.
فيما نفت وسائل الإعلام في الأوقات الأخيرة أنباء مشاركة كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك الأردني عبد الله الثاني في الجنازة، بعدما ترددت هذه الأنباء بقوة خلال اليومين الماضيين عن طريق الإذاعات الإسرائيلية.
وكان عدد من المسؤولين العرب شاركوا في نعي بيريز عبر البرقيات ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، دون أي خجل أو مواربة.
وقد كان أبرز هذه التعازي نعى وزير الخارجية البحريني بيريز في تغريدة له على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، وقال: “طيب الله ثراك الرئيس بيريس.. رجل حرب ثم رجل السلام الذي لا يزال غائبًا عن منطقة الشرق الأوسط”.
Rest in Peace President Shimon Peres , a Man of War and a Man of the still elusive Peace in the Middle East
— خالد بن احمد (@khalidalkhalifa) September 29, 2016
وردًا على ذلك قالت القناة العاشرة الإسرائيلية إنه “في نهاية الأمر سيحضر ممثلون عرب إلى الجنازة، ليس على مستوى رفيع، لكن هذه رسالة للشارع العربي بعد ما تم كتابته على شبكات التواصل الاجتماعي في اليومين الأخيرين، بأنه لا زال قادة العرب يتحملون المسؤولية وبالتأكيد المفاجئة هي من دول الخليج البحرين وعمان”.
النواب العرب في الكنيست يقاطعون الجنازة
وعلى صعيد آخر وعلى العكس تمامًا من الموقف العربي الرسمي قررالنواب العرب في الكنيست الإسرائيلي، أمس الخميس، مقاطعة جنازة الرئيس السابق شيمون بيريز، المقرر إجراؤها الجمعة.
ونقلت وكالة “فرانس برس” عن النائبة عايدة توما من القائمة العربية المشتركة: “أنا استغرب أن يتوقع منا أحد المشاركة في جنازة بيريز أو بما يسمى الحداد القومي”.
وأضافت توما: “لم يكن هناك أي قرار منا في القائمة المشتركة بمقاطعة الجنازة، لم نجتمع لنقرر عدم المشاركة، كان مفهومًا ضمنًا من الجميع أننا لن نشارك في مراسم الوداع أو الجنازة”.
واعتبرت توما أن بيريز “في النهاية تحدث عن السلام وهو صاحب مشروع أوسلو ووقع عليه، لكنه أيضًا راعي الاستيطان اليهودي في الأراضي المحتلة، وصاحب فكرة مفاعل ديمونا والتسلح النووي، ومن ارتكب مجزرة قانا عام 1996 في جنوب لبنان”.
من جهته، قال عضو الكنيست من الحركة الإسلامية مسعود غنايم: ” لم يفعل شيئا لصالح الشعب الفلسطيني، في حين قام بالكثير من الأعمال لصالح الحركة الصهيونية وبناء دولة إسرائيل”.
جدير بالذكر أن القائمة العربية المشتركة تضم 13 عضوًا في الكنيست من أصل 120، وتعد القوة الثالثة من حيث عدد النواب بعد حزبي الليكود والعمل.
استهجان على مواقع التواصل الاجتماعي
الصور التي ظهرت من جنازة بيريز لممثلي العرب أثارت استفزاز جموع رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين صبوا جم غضبهم من المواقف الرسمية العربية التي اعتبروها “مخزية” على هيئة منشورات وعبارات تستهجن وترفض كل هذه المواقف.
أكثر هذه الصور التي أثارت حفيظة الجمهور هي تلك التي ظهر فيها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس متأثرًا بشكل غريب أثناء الجنازة.
هذا في الوقت الذي استدعى فيه البعض المواقف العربية السابقة في جنائز تخص قادة الاحتلال الإسرائيلي، وقد أشار هذا المدون إلى دلالة تزامن ذكرى مقتل الطفل الفلسطيني محمد الدرة على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي وبين هذا الموقف العربي المخزي.