انطلقت سفن التضامن “النسائية” في عرض البحر باتجاه قطاع غزة، وأمام أعين المتضامنات هدفًا رئيسيًا بكسر الحصار البحري المفروض على القطاع منذ عشرة أعوام متواصلة، غير مكترثات بالتهديدات التي أطلقها الجيش الإسرائيلي لمواجهة تلك السفن والتصدي لها بـ”الموت والنار”.
ويستعد العشرات من الصيادين والبحارة الإسرائيليين لمواجهة تقدم أسطول الحرية الرابع نحو القطاع وإيقاف تقدمه بأكثر من 10 زوارق، ونقل عن المسؤول عن تنظيم هذه الخطوة ويدعى “آفي فرحان” وهو من مستوطني مستوطنة “إيلي سيناي” سابقًا، إنه ينوي الحد مما وصفها بالاستفزازات التي يقوم بها النشطاء الأجانب بتحديهم إسرائيل ومحاولة كسر الحصار عن غزة، وقطع طريق الأسطول النسائي المتجه للقطاع ورفع الأعلام الإسرائيلية على متن هذه الزوارق.
ويرى مراقبون أن فشل قوات البحرية الإسرائيلية في التعامل مع سفينة “مافي مرمرة” التي أبحرت لكسر الحصار عن غزة عام 2010، وقتلها تسعة متضامنين أتراك، دفعها للاستعانة ببحارة إسرائيليين لاعتراض طريق السفن؛ خوفًا من تكرار الجريمة، وما تبعها من إدانة دولية.
الموت في انتظار ناصري غزة
رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، والعضو المؤسس في تحالف أسطول الحرية زاهر بيراوي، أكد أنه تم انطلاق أسطول الحرية الرابع نحو غزة، لافتًا إلى أنه تم تنظيم حفل وداع للمشاركات قبل مغادرة السفينتين ميناء مسينا الإيطالي.
وأوضح بيراوي، أن سفينتي أمل وزيتونة انطلقتا من ميناء مسينا، وهما الآن متوجهتان إلى قطاع غزة”، مشيرًا إلى أن عدد المشاركات في السفينتين وصل إلى 13 متضامنة من 10 دول، موضحًا أن هدف الـ 13 متضامنة، هو الوصول لغزة بسلام دون مواجهة أي مشكلات من قبل بحرية الاحتلال الإسرائيلي، التي قامت بتهديد الأسطول من خلال معارضته لمنعه الوصول، كما فعلت في قوافل كسر الحصار السابقة.
وأردف رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار: “جميع المشاركات وجهوا رسائل إلى بلادهم بأن يولوهم اهتمام كبير وحماية للوصول إلى غزة، للتضامن مع القطاع المحاصر منذ عشرة أعوام، وإيصال رسائلهم السلمية”، داعيًا دول العالم بالضغط على دولة الاحتلال لعدم اعتراض سفينتي “أمل وزيتونة”.
وكان رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، النائب جمال الخضري دعا لتشكيل حماية دولية لسفينة “زيتونة”، التي تضم ناشطات من جنسيات مختلفة لكسر الحصار عن قطاع غزة، وتشكيل شبكة أمان لها للوصول إلى غزة بسلام.
على دول العالم أن تمارس ضغوطًا حقيقية على إسرائيل، لمنع أي إعاقة لهذه السفينة من قبل جيش الاحتلال، لافتًا إلى أن أسطول الحرية الرابع يحمل رسائل إيجابية لشعبنا في غزة.
ويتعرض قطاع غزة لحصار بحري مفروض من طرف الاحتلال، فيما تفرض السلطات المصرية قيودًا مشددة على فتح معبر رفح، فلم يتجاوز عدد أيام فتحه خلال العام الجاري سوى 15 يومًا، وفق إحصاءات وزارة الداخلية بغزة.
وتتكون قافلة “أسطول الحرية النسائي” من سفينتي “الأمل” و”زيتونة”، وهي امتداد لمسيرة سابقة من سفن كسر الحصار التي ينظمها تحالف أسطول الحرية الذي سبق أن نظم معظم محاولات فك الحصار البحري عن غزة، بما فيها السفينة التركية “مافي مرمرة”.
ويتكون هذا التحالف من 10 مؤسسات تضامنية دولية، مهتمة بالشأن الإنساني والحقوقي، من بينها اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة.
الإرهاب الإسرائيلي
أدهم أبو سلمية الناطق باسم هيئة الحراك الوطني لكسر الحصار عن غزة، أكد أن تهديدات الاحتلال الإسرائيلي لسفن أسطول الحرية أمر ليس جديد على الاحتلال، فقد مارسه سابقًا وارتكب المجازر عندما اعترض النشطاء الأتراك في المياه الدولية.
واعتبر أبو سلمية، أن السياسة الإسرائيلية لن تخيف النشطاء الدوليين، موضحًا أن ما يسعى الاحتلال ليقوم به انتهاك لقانون الملاحة الدولية تزامنًا مع خطاب نتنياهو الذي أكد فيه أن كيانه فوق القيم الدولية.
وحمل الناطق باسم هيئة الحراك الوطني لكسر الحصار عن غزة، الاحتلال المسؤولية الكاملة عن أي أذى يصيب النشطاء الدوليين، مبينًا أن الاحتلال سيتحمل ذلك أمام المجتمع الدولي، واصفًا تهديدات الاحتلال للسفن بالإرهاب، داعيًا المجتمع الدولي لتوفير الحماية للنشطاء الدوليين في مهمتهم الإنسانية نحو غزة.
وكانت إسرائيل تصدت في السابق لسفن تقل ناشطين دوليين ومنعتها من الوصول إلى غزة، وفي 2010 قتل جنود البحرية الإسرائيلية ناشطين أتراكًا كانوا على متن السفينة “مرمرة”، ما فجر أزمة في العلاقات بين “تل أبيب” وأنقرة، وتواصلت الأزمة حتى وقع الطرفان مؤخرًا اتفاقًا لتطبيع العلاقات.
فيما طالب “تجمع المؤسسات الحقوقية الفلسطينية”، المجتمع الدولي بتوفير الحماية لأسطول الحرية 4، وضمان عدم اعتداء القوات الإسرائيلية عليه أو مضايقتها للمشاركين فيه، داعيًا الاتحاد الأوروبي إلى الضغط على الحكومة الإسرائيلية لتمكين المتضامنين من الوصول إلى غزة بأمان.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي، طلال عوكل: “بكل تأكيد ستعترض إسرائيل السفينتين، وهذا سلوك إسرائيلي معروف لا يمكن مناقشته، حتى مع معرفة دولة الاحتلال بأن السفن إنسانية سلمية”.
وأضاف المحلل السياسي، ربما لن تستخدم السلطات الإسرائيلية العنف، كما فعلت مع أسطول الحرية الأول، لكن أتوقع بأنها ستجر السفينتين إلى ميناء أسدود، ثم تحقق مع المتضامنين وتعيدهم إلى بلادهم”.
وأرجع عوكل هذه السياسية الإسرائيلية إلى “عدم اعتراف دولة الكيان بالقانون الدولي أو الإنساني، وأنها تستمد قوتها من الحرية التي منحها إياها المجتمع الدولي”، مشيرًا إلى أن إسرائيل لا تقبل لأي طرف مهما كان أن يفرض عليها كيفية التعامل مع غزة، وتريد أن تنفذ كل ما يحلو لها، وفق رؤيتها وخططها وأهدافها”.