سربت صحيفة نيويورك تايمز تسجيلات صوتية نسبت لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري في أثناء لقائه مع عدد من المعارضين والناشطين السوريين، ضم 20 شخصًا ممثلين عن خدمات التعليم والإنقاذ والخدمات الطبية في مناطق سيطرة المعارضة، بالإضافة إلى عدد من الدبلوماسيين، دام اللقاء لمدة 40 دقيقة في مقر البعثة الهولندية داخل مبنى الأمم المتحدة في يوم 22 أيلول/ سبتمبر الماضي، على هامش اجتماعات الدورة السنوية للجمعية العامة.
نشرت التسريبات الصوتية على شكل 8 مقاطع صوتية وبحسب الصحيفة فقد تأكدت من صحة ما جاء في التسجيلات من خلال عرضها على من شاركوا في الاجتماع الذين أثبتوا صحتها.
ذكر كيري لأحد الحضور أن عليكم أن تقاتلوا من أجلنا لكن لن نقاتل معكم
ويذكر أن هذه التسجيلات جاءت بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه بين كيري ولافروف في 10 سبتمبر/ أيلول من الشهر الماضي، وبدء حملة عسكرية شرسة من قبل روسيا والنظام وحلفائها على الأرض بهدف استعادة مناطق المعارضة في حلب سقط على إثرها المئات من القتلى والجرحى، واستخدمت فيها روسيا كل أنواع الأسلحة المتاحة ومن بينها القنابل الارتجاجية لثني المعارضة السورية في الدفاع عن المدينة وتسليمها للنظام.
خيبة أمل كيري
عبر كيري عن خيبة أمله إزاء الطريقة التي تتم فيها إدارة الملف السوري من قبل إدارة أوباما مشيرًا إلى انعدام الرغبة لديها في التدخل عسكريًا في سورية، فالكونغرس لن يوافق على استخدام القوة نظرًا لمعارضة الكثير من الأمريكيين إرسال أي جندي إلى سورية.
وعندما ذكر له أحد الناشطين أن السوريين لا يطالبون أمريكا بالتدخل، قال كيري إن الجهود الدبلوماسية الأمريكية لم تكن معززة باستخدام القوة، وأكمل قائلاً إن تسليح المعارضة السورية أو انخراط أمريكا في حرب هناك سيؤدي إلى نتائج عكسية، فزيادة نظاق التدخل الأمريكي في سورية سوف يدفع بالأطراف المنخرطة في الأزمة للقيام بخطوات مشابهة، أي أن هذا سيفضي إلى استخدام روسيا ما هو أكثر مما تستخدمه اليوم، وكذلك الأمر بالنسبة لإيران، بينما ستعمل كل من السعودية وتركيا على ضخ المزيد من المال للمعارضة وهذا برأي كيري سيقضي على الجميع في نهاية المطاف.
وأكمل كيري كلامه للناشطين الذين خرجوا محبطين بعد انتهاء اللقاء بحسب ما أفادت الصحيفة، أن الولايات المتحدة لا تستند إلى أي أساس قانوني يشرع لها التدخل البري لضرب قوات الأسد، خلافًا لموسكو المتواجدة بعدتها وعتادها في سورية بناء على دعوة من الحكومة السورية.
ذكر كيري أنه لا يوجد أحد يشعر بالإحباط أكثر منه بسبب السياسية الأمريكية في سورية
وفي الوقت الذي “لم يعتد السوريين علينا وبلادنا غير مدعوة إلى سورية والفيتو الصيني أو الروسي موجود في مجلس الأمن الدولي” فإن هذا يؤدي إلى استثناء شرعية تدخلنا العسكري في سورية.
حاول عدد من الموجودين الضغط على كيري وثنيه عن تناقضات السياسة الأمريكية، إلا أنه عاد ليؤكد أن “محادثات” تجري داخل أروقة الإدارة الأمريكية بعد حملة القصف المكثفة على حلب وانهيار المحادثات مع روسيا، ثم استدرك قائلاً إن أي جهد أمريكي لتسليح المعارضة أو الانضمام إلى القتال قد يؤدي إلى نتائج عكسية.
وفي حديثه عن الجماعات والميليشيات المقاتلة في سوررية ذكر أن موقف الولايات المتحدة من حزب الله أنه “لا يخطط ضدنا” على الرغم من أنه يندرج ضمن قوائم الإرهاب الأمريكية، أما تنظيم الدولة والقاعدة، فقد كشف كيري عن “تمييز صارخ” في السياسة الأمريكية تجاه الجماعات المقاتلة في سورية حيث تريد أمريكا من المعارضة مساعدتها على محاربة التنظيم والقاعدة لأنهما “أعلنا الحرب علانية على الولايات المتحدة”.
وبحسب الصحيفة فإن المعارضة داخل إدارة أوباما للسياسة الحالية المنتهجة في سورية لم تعد سرًا سوى أن التسجيلات المسربة تكشف أن الروس تفوقوا على كيري وعلى عدم موافقته على سياسة أوباما في سورية.
وفي إشارة إلى مدى إحباطه قال للحضور “نحاول استخدام الدبلوماسية وأفهم أن هذا مدعاة للإحباط، لكن لا يوجد أحد يشعر بالإحباط أكثر مني” وما زاد في إحباط الحضور أن كيري ذكر لهم “عليكم أن تقاتلو من أجلنا لكننا لن نقاتل معكم” بحسب ما ذكر أحد حضور الجلسة وهو مصطفى السيوفي.
حزب الله لا يخطط ضد أمريكا وعلى المعارضة السورية أن تتعاون مع الولايات المتحدة لضرب داعش والقاعدة التي أعلنت الحرب على أمريكا
النقطة الحاسمة في التسريبات
ذكر أحد المشاركين في اللقاء أن المعارضة لا تطلب تدخلًا عسكريًا سوى أنها تحتاج المزيد من المساعدة، إلا أن كيري فصل الأمر لهم قائلاً إن أفضل أمل بالنسبة للمعارضة السورية هو القبول بحل سياسي لإدخال المعارضة في طور حكومة انتقالية وأضاف “حينها ستصبح أمامكم انتخابات ولتتركوا الشعب السوري يقرر من الذي يريد”.
وبعد ذلك اقترح كيري على الحضور مشاركتهم في انتخابات تشمل بشار الأسد وقال لا أحد من اللاجئين السوريين سيقوم بانتخابه، بينما ترك الحضور في ذهول تام وإحباط من السياسة الأمريكية تجاه سورية التي تطالب بشار الأسد بالتنحي منذ خمس سنوات.