تحولت مناطق في بنغازي إلى أنقاض إثر الحرب الدائرة بين مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر التي تُطلق على نفسها اسم “الجيش الوطني الليبي” ضد “مجلس شورى ثوار بنغازي”، منذ عام 2014.
وبعد مرور سنتين، لا يزال القتال دائرًا، مع أن معظمه بات محصورًا في مناطق تقع غرب بنغازي.
100 أسرة عالقة في حي بمدينة بنغازي تواجه خطر الموت جوعًا
وعلى خلفية هذه الحرب أكدت منظمة العفو الدولية إن أكثر من 100 أسرة عالقة في حي بمدينة بنغازي تواجه خطر الموت جوعًا.
وأضافت المنظمة أن الأطفال في حي “قنفودة” أصيبوا بــ “الهزال الشديد” بسبب عدم تمكنهم من الحصول على الطعام والماء اللذين يحتاجان إليهما بشدة، وذلك بعد قطع جميع الطرق المؤدية إلى الحي بسبب القتال أو بسبب إجراءات لجأت إليها قوات تابعة لمليشيات حفتر، وهو الأمر الذي أدى إلى توقف الإمدادات.
بدعوى تحصن مقاتلون من “مجلس شورى” ثوار بنغازي في هذه المنطقة ضُرب عليها الحصار، وهي المنطقة التي يعيش بها 130 أسرة ومئات من الأجانب غير القادرين على الهروب من المنطقة بالرغم من حاجتهم الشديدة إلى ذلك، حسب منظمة العفو.
الأطفال في حي “قنفودة” أصيبوا بــ “الهزال الشديد” بسبب عدم تمكنهم من الحصول على الطعام والماء اللذين يحتاجان إليهما بشدة
وكشفت المنظمة في تقريرها أن الكثير من هؤلاء يخشون الآن أن يموتوا جوعًا بعدما اضطروا إلى العيش على مدى شهور تحت الحصار العسكري، فيما يؤكد سكان المنطقة أنهم مدنيون ولا علاقة لهم بالقتال ولا يؤون في حيهم مقاتلين.
لا يستطيع السكان مغادرة الحي منذ نهاية شهر أغسطس، عندما قال أحد زعماء القبائل أن لا أحد يزيد عمره عن 14 عاما سُمح له بمغادرة المنطقة.
ويذكر أن منطقة بنغازي انطلقت منها شرارة الثورة على نظام القذافي في عام 2011، ولكنها أصبحت ساحة معركة بين مليشيات حفتر المدعومة من برلمان طبرق المنتهية ولايته، أمام مقاتلين إسلاميين منذ أكتوبر 2014.
ومنذ شهر فبراير الماضي، أخذت القوات الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر تكسب مزيدًا من الأراضي وتحكم الحصار على المقاتلين الإسلاميين بحيث أجبرتهم على التحصن في مناطق ضيقة قريبة من حي قنفودة.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أدانت من قبل الهجمات العشوائية لمليشيات حفتر على المدنيين في بنغازي، وأكدت أن عشرات الأشخاص عالقون تحت النار، ولا سبيل أمامهم للخروج.
وأضافت إن تنفيذ الضربات الجوية بطريقة تتجاهل وجودهم يشكل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني. ويتعين على الذين ينفذون مثل هذه الهجمات أن يتخذوا جميع الاحتياطات الممكنة لتفادي، أو على الأقل، تقليص إلحاق الضرر، إلى أدنى حد ممكن، بالأشخاص الذين لا يشاركون في القتال بشكل مباشر.
لا يستطيع السكان مغادرة الحي منذ نهاية شهر أغسطس، عندما قال أحد زعماء القبائل أن لا أحد يزيد عمره عن 14 عاما سُمح له بمغادرة المنطقة.
ونقلت العفو الدولية شهادات عن السكان تؤكد إنهم لا يستطيعون المغادرة الآن مخافة الخلط بينهم وبين المقاتلين الإسلاميين، وبالتالي التعرض للاعتقال أو القتل، وأضافت شهادات أن الكهرباء قطعت عن المنطقة منذ عامين، والأدوية أخذت تنفد، والناس بدأوا يأكلون الطعام الفاسد للبقاء على قيد الحياة.
فيما دعت منظمة العفو الطرفين بإفساح المجال لإدخال المساعدات والسماح بخروج من يريد المغادرة، ولكن لا تزال المليشيات التابعة لحفتر تنفذ ضربات جوية متكررة على المناطق الخاضعة لسيطرة “مجلس شورى ثوار بنغازي” في المدينة، ومنها منطقة قنفودة.
حتى أن في الأشهر الأخيرة، نشر “مجلس شورى ثوار بنغازي” أشرطة فيديو، أظهرت مدنيين، بينهم أطفال ومواطنون أجانب، وهم يطالبون بوضع حد للضربات الجوية التي تُنفذ على المناطق الخاضعة لسيطرة المجلس في بنغازي.
وفي المقابل في الأسابيع الأخيرة، قامت مليشيات حفتر، بتوزيع منشورات طلب فيها من المواطنين مغادرة منطقة قنفودة الخاضعة لسيطرة مجلس شورى ثوار بنغازي في غضون 48 ساعة، ووعد بتوفير سبل آمنة للخروج من المنطقة، مما أثار مخاوف عائلاتهم من وقوع المزيد من الهجمات.
ولكن المحتجزين هناك لا يملكون خيار الفرار من المنطقة التي يتعرضون فيها لخطر الضربات الجوية المميتة.
دعت منظمة العفو الطرفين بإفساح المجال لإدخال المساعدات والسماح بخروج من يريد المغادرة
وفي النهاية تؤكد منظمة العفو الدولية أن القوات التابعة لجميع الأطراف اقترفت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ومنها جرائم حرب. كما نفذت مئات عمليات الاختطاف، وقامت باحتجاز رهائن، وعرضت المعتقلين للتعذيب وسوء المعاملة، وقتلهم بدون محاكمات، وشنت هجمات عشوائية على مناطق سكنية.