سيطر مسلحون تابعون لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) على مناطق واسعة من الأنبار وتحديدا من مدينتي الرمادي والفلوجة.
كانت اشتباكات قد اندلعت خلال الأيام القليلة الماضية بين عناصر تابعين لمجموعات سنية من العشائر ومجموعات أخرى مقربة من القاعدة، وتحديدا “داعش” من جهة وبين الجيش العراقي الذي بدأ في عملية عسكرية استهدفت عشائر الأنبار بعد اختطاف نائب عراقي بارز وقتل شقيقه وعدد من مرافقيه وحراسه قبل أن يفض الجيش اعتصاما أقامته العشائر لمطالبة حكومة المالكي بإصلاحات سياسية وبعدم التمييز ضد السنة في العراق.
وقال مصدر مسؤول في وزارة الداخلية إن نصف مدينة الفلوجة باتت في أيدي تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” التابعة لتنظيم القاعدة والنصف الآخر في أيدي مسلحي العشائر الذين يقاتلون الجيش العراقي منذ فض اعتصام الأنبار الاثنين الماضي. فيما أفاد شهود إن “تنظيم القاعدة يقيم حاليا نقاط سيطرة في وسط الفلوجة وفي جنوبها”.
وتمكن مسلحون من اقتحام مبنى مديرية الشرطة بالفلوجة غرب بغداد، وأطلقوا سراح مائة سجين بعدما أخلاه عناصر الأمن.
وقال شرطي يعمل بالمدينة إن مسلحين حاصروا مراكز الشرطة، وأجبروا جميع أفرادها على مغادرتها “بدون أسلحتهم إذا أرادوا النجاة بأنفسهم”.
وعلى مدار اليومين الماضيين قصف الجيش العراقي مدينة الفلوجة بالمدفعية بعد أن قرر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تعزيز قوات الجيش العراقي متراجعا عن قرار سابق بسحب تلك القوات لنزع فتيل الأزمة.
الأنبار مهمة للغاية بالنسبة للأمريكيين، فمن ناحية قُتل في معارك الأنبار أكثر من ثلث الجنود الأمريكيين الذين قُتلوا في العراق، ومن ناحية أخرى يعتبرها كثير من المراقبين المحافظة التي تجلى فيها النجاح الأمريكي في التعامل مع القاعدة.
صحيفة نيويورك تايمز قالت إن الصراع في الأنبار بين الجيش والمسلحين هو انعكاس آخر للحرب الدائرة في سوريا، حيث أن المسلحين في الأنبار يرفعون لواء داعش، كما يرفعه الكثيرون من المقاتلين ضد نظام بشار الأسد. الحالة السورية امتدت، ليس فقط إلى العراق، وإنما إلى لبنان أيضا، فمع التفجيرات المتتابعة التي تشهدها لبنان هذه الأيام تكون سوريا قد أدت إلى توتر كبير على أسس طائفية في المنطقة بأكملها.
وفيما نفت مصادر أن تكون هناك أرقام محددة للقتلى في الأنبار، إلا أن أدق المصادر تتحدث عن قرابة ١١٠ قتيل، خمسة وستون منهم على الأقل من مسلحي العشائر والقاعدة والمدنيين، فيما سقط البقية من صفوف قوات الأمن والجيش العراقية.
وتأتي كل تلك الأحداث بعد استفزازات متتالية من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للعشائر في الأنبار، حيث اتهمهم بإيواء القاعدة إلى الحد الذي جعل مفتي العراق يصرح بأن تصريحات المالكي هي تصريحات “رجل مجنون لا يعي ما يقول”.
وقبل يومين قال رئيس “لجنة العلاقات مع العراق” في البرلمان الاوروبي سترون ستيفنسون ان المالكي يدفع العراق سريعا نحو الفوضى الطائفية والحرب الأهلية متهما اياه بالإذعان لسياسات ايران من اجل الحصول على دعمها لحصوله على ولاية ثالثة في الحكم.