يختلف الذوق في تناول الأفلام من شخصٍ لآخر، وكذلك من ثقافةٍ لأخرى، فإنتاج فيلم يحظى بقبول كافة الثقافات والأشخاص هو أمرٌ نادرٌ جدًا إن لم يكن مستحيلًا تمامًا، ولذا فبعض الأفلام تتعرض للمنع من العرض في سينمات بعض الدول لأسباب سياسية أو عقائدية أو ثقافية وغيرها، ولكن بعض الدول قد تبالغ في أسباب المنع قليلًا!
1 ـ منع عرض فيلم 2012 في كوريا الشمالية
كوريا الشمالية والثقافة الغربية بينهما تاريخ طويل من الحظر، خاصةً وأن كوريا الشمالية واحدة من أعتى الديكتاتوريات في العالم، إلا أن سبب منع عرض فيلم 2012 يبدو غريبًا للغاية، فالفيلم عُرض عام 2009 وتدور أحداثه حول كارثة تؤدي لدمار العالم سنة 2012 وقد تلقى الفيلم ردود فعل سيئة من النقاد وحصل على تقييمات متوسطة على مواقع تقييم الأفلام، ولكن لم يكن هذا هو سبب منع عرض الفيلم في سينمات كوريا الشمالية، فمن سوء حظ الفيلم أنه عُرض في العام الذي يوافق ذكرى الميلاد المائة للزعيم كِم إل سونج، ومن أجل الحفاظ على الحالة المزاجية المناسبة للاحتفال بهذه الذكرى تم منع أي شيء سلبي من العرض في السينما؛ لكيلا يعكر تلك الحالة المزاجية، أعتقد أن هناك العديد من الأشياء السلبية في كوريا الشمالية أكثر من مجرد فيلم لو أردت رأيي.
2 ـ منع عرض فيلم سيمبسونز في بورما
تعد سلسلة سيمبسونز واحدة من أشهر أعمال الرسوم المتحركة على الشاشة الصغيرة، والتي شقت طريقها إلى أغلب الدول والثقافات، بكوميديتها الساخرة، وشخصياتها الطريفة، فتم ترجمتها ودبلجتها إلى عدة لغات وحققت نسبة مشاهدات وأرباح عالية للغاية.
وبالرغم من ذلك فلم يسلم المسلسل من التعرض للمنع في عدة دول مثل منع عرضه في الصين عام 2006 لمساعدة استوديوهات الرسوم المتحركة الصينية التي تعاني في ظل وجود منافسة عالمية، وتم منعه من العرض في فنزويلا عام 2008 لأنه غير مناسب للأطفال، وفي نفس العام طالبت عدة كنائس بروتستانتية في روسيا بمنعه من العرض هو وساوث بارك وغيرهما من مسلسلات الرسوم المتحركة الغربية لأنها تروج للعديد من الرذائل، إلا أنه لاحقًا وفي نفس العام رفضت المحكمة تلك الدعوى.
إلا أن أغرب سبب لمنع سيمبسونز كان عند صدور أول فيلم له عام 2007 ليعرض في الشاشات الكبيرة عندما منعت بورما الفيلم من العرض في سينماتها لأن الشخصيات لونها أصفر! ويعود ذلك أن اللون الصفر والأحمر كانا ممنوعين من الاستخدام في الأفلام ووسائل الإعلام لأنهما يمثلان اللونين الرئيسيين للرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية وهو الحزب المعارض حينها الذي يناهض الحكم العسكري الموجود في البلاد منذ عام 1962 وصادف أن فيلم سيمبسونز هو أكثر فيلم أصفر يمكن تخيله!
الجدير بالذكر أن تين كياو أمين الحزب هو رئيس بورما منذ مارس 2016 بعد نتائج انتخابات ديموقراطية سنة 2016 بعد نصف قرن من حكم العسكر وهو أحد مؤسسي حزب الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية الذي يشغل 255 مقعدًا من أصل 440 مقعدًا، ويسيطر على غالبية المجالس المحلية.
3 ـ منع عرض ثلاثية العودة إلى المستقبل في الصين
مَنع أي فيلم من العرض في الصين لا يكون أمرًا مستغربًا، فحتى فترة قريبة كانت الصين لا تسمح بعرض أي أفلام أجنبية في سينماتها، وتغير الوضع بالتدريج حتى أصبحت تسمح بعرض 20 فيلمًا أجنبيًا فقط في سينماتها كل عام، وبالتالي لا يكون هناك فرصة في الظهور على الشاشة الكبيرة بالصين إلا للأفلام الضخمة ذات الشعبية الكبيرة، وبالتالي فعندما يُمنع فيلم من العرض في الصين لا يكون الأمر عجيبًا إلا حين يكون السبب لذلك المنع غريبًا حقًا.
ومن الأفلام التي منعت من العرض هناك ثلاثية العودة إلى المستقبل المشهورة، وهي سلسلة ذائعة الصيت وتحظى بشعبية في كافة أنحاء العالم، إلا أن الصين منعت عرض الفيلم والسبب أنه يحتوي على السفر عبر الزمن!
وهذا الأمر لا يقتصر على هذا الفيلم وحده، فالصين تمنع عرض أي فيلم به سفر عبر الزمن أو فانتازيا أو وحوش غريبة أو حبكات خارقة للطبيعة، كمنع عرض فيلم قراصنة الكاريبي لأنه يحتوي على غيلان وأكلة لحوم بشر ومنع فيلم صائدو الأشباح الصادر مؤخرًا لأنه كما يبدو من اسمه يحتوي على أشباح.
4 ـ منع عرض فيلم ياسمين أزرق في الهند
فيلم ياسمين أزرق هو فيلم دراما كوميدي من تأليف وإخراج المخرج العالمي وودي آلن وقد قوبل الفيلم بترحاب شديد من النقاد الذين أثنوا عليه وخاصةً على أداء البطلة كيت بلانشيت الذي حصلت به على جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة، إلا أن عشاق السينما بالهند لم يحظوا بفرصة لرؤية هذا الأداء المميز على الشاشة الكبيرة، حيث قامت الهند بمنع الفيلم من العرض في السينما والسبب هو وجود بعض المشاهد للممثلين يدخنون السجائر في الفيلم! فالقوانين في الهند تمنع من عرض مشهد به تدخين في السينما بدون وضع إعلان عام في المشهد للتحذير من التدخين، وقد عرضت الفرصة على المخرج وودي آلن لإضافة هذه الإعلانات إلا أنه رفض وضعها وقال إنها ستشتت المشاهد عن قصة الفيلم، فانتهى الأمر برفض عرض الفيلم في السينمات الهندية.
5 ـ منع عرض فيلم المقاطعة 9 في نيجيريا
هو واحدٌ من أهم أفلام الخيال العلمي التي تناولت فكرة الفضائيين بشكل مختلف عن الأفلام التقليدية، فالفضائيون هنا ليسوا غزاة بل لاجئين، تعطلت سفينتهم بالقرب من كوكب الأرض ورست فوق مدينة جوهانسبرج في جنوب إفريقيا، إلا أن الفضائيين تعرضوا للاضطهاد والمعاملة السيئة، وكراهية سكان المدينة لهم بشكل كبير مما يؤدي إلى تعقد الأحداث وتشابكها.
وقد تلقى النقاد الفيلم باحتفاءٍ شديدٍ، وترشح لأربع جوائز أوسكار، وغيرها من الجوائز وحصد أرباحًا كبيرة بلغت 210 مليون دولار، وتصدر شباك التذاكر في سينمات عدة دول لفترة طويلة، الا أن الأمر لم يكن هكذا في نيجيريا، فقد مُنع الفيلم من العرض تمامًا، بسبب وجود عصابة من النيجيريين في الفيلم، وقالت وزيرة المعلومات النيجرية درة أكونييلي أن هذا يصورهم كما لو كانوا مجرمين وأكلة لحوم بشر، بسبب بعض المشاهد في الفيلم تصورهم وهم يأكلون الفضائيين، كما أن السبب الآخر والأغرب هو أن اسم رئيس العصابة “أوبيساندجو” يشبه اسم عائلة الرئيس النيجيري السَّابق أولوسيجون أوباسانجو، إلا أن الممثل النيجيري Eugene Khumbanyiwa والذي قام بدور زعيم العصابة النيجيرية في الفيلم قال إنه مجرد فيلم ولا يجب أخذه بحرفية، فهي مجرد قصة وأضاف قائلًا: “ليس الأمر كما لو كان النيجيريون يأكلون الفضائيين حقًا، فليس هناك فضائيين من الأساس”.