تسعى الصين للتوسع بالاستثمار في القطاع الزراعي السوداني بعد استثماراتها الواسعة في مجال النفط في السنوات الماضية، حيث أعلنت بكين عن توقيع عقود استثمار زراعية في أراضي السودان تمتاز بخصوبة عالية بمبلغ 60 مليون دولار بعد قدوم وزير الزراعة الصيني منتصف الشهر الماضي على رأس وفد من رجال الأعمال والشركات الصينية الراغبة بالاستثمار الزارعي في السودان.
كما أن هناك عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات في مجال القطاع الزراعي بين الخرطوم وبكين بشكل غير معلن، ففي ندوة للتعاون الزراعي بين الصين والسودان في العام 2009 تم فيها توقيع 7 مذكرات تفاهم شملت إنشاء مركز لتصنيع الأعلاف وزراعة محاصيل زيتية في ولاية النيل الأبيض. ويذكر أن الصين لها علاقات واسعة في القارة السمراء وتحظى السودان بالنصيب الأكبر من تلك الاستثمارات في مجالات النفط والطاقة والزراعة والبنية التحتية.
من النفط والطاقة إلى الزراعة
تعد زيارة وزير الزراعة الصيني الأولى من نوعها، فهو أول مسؤول صيني في القطاع الزراعي يزور السودان، قامت الجهات السودانية أثناء الزيارة بعرض رزمة من المشاريع الجاهزة في ولايات مختلفة.
حيث وقعت شركات صينية مطلع الأسبوع الماضي 6 اتفاقيات زراعية سيتم تنفيذها مطلع العام القادم في مجالات الزراعة والصناعات الغذائية والتصدير الزراعي، وأبدى الوفد المرافق للوزير رغبته بالاستثمار في محاصيل الحبوب الزيتية والقطن في ولايتي الجزيرة ومنطقة الرهد وإقامة مصانع للزيوت وحديقة للنسيج في وسط السودان تتضمن زراعة 450 ألف فدان بالقطن في مشروع الجزيرة ونحو مليون فدان بمشروع الرهد ما يدفع لإقامة مصانع للغزل والنسيج والزيوت.
إذ تبلغ الاستثمارات الصينية في السودان نحو 13 مليار دولار وتشمل مجالات النفط والبنى التحتية والطاقة، وتسعى بكين إلى زيادة قيمة استثماراتها في السودان خلال السنوات القادمة، إذ تهدف لجعل السودان معبرًا لها إلى إفريقيا والعالم العربي، بعدما تجاوزت استثماراتها في المنطقة العربية نحو 250 مليار دولار.
تعد السودان البوابة والنافذة الأساسية للصين مع القارة الأفريقية وأكثر من 27 مؤسسة صينية تستثمر فيه
تولي الحكومة السودانية أهمية خاصة للاستثمارات الصينية في كافة المجالات، تلعب دورًا بارزًا في التنمية الاقتصادية منذ عام 2000 كونها تعد استثمارًا لا ينضب ويضخ الملايين من الدولارات في بلد يعاني من قلة الموارد المالية وضعف البنى التحتية ما يجعل القطاع الزراعي يعاني من البدائية.
المساحة الصالحة للزراعة في السودان تقدر بنحو 200 مليون فدان
ومن الاستثمارات الصينية المعلنة في السودان في مجال النفط امتلاكها 40% من امتياز شركة “قريتر نايل للبترول” و100% من “بترو إنيرجي” أي ما يعادل 90% من نفط السودان، وبالإضافة لذلك شراكتها في مصفاة “الجيلي” شمال الخرطوم وخط نقل البترول من عدارييل غرب السودان إلى ميناء بورتسودان شرق السودان.
بلد الزراعة ليست مزروعة
يعد السودان بلدًا زراعيًا بامتياز لما يتمتع به من أراض خصبة ومياه وافرة بالإضافة إلى تنوع المناخ والذي يساعد على زراعة عدد من المحاصيل المختلفة في غير موسمها. وتشكل مساهمة القطاع الزراعي والحيواني في الناتج المحلي الإجمالي السوداني بين 30 – 35% من إجمالي النشاط الاقتصادي في البلاد حسب التقارير الواردة من وزارة الزراعة السودانية، إلا أن السودان يفتقر إلى استثمارات متنوعة في مجال البنى التحتية الزراعية كالطرق الزراعية والأسواق والمواني والخدمات اللوجستية التي تخدم وتطور القطاع الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي.
يبلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والسودان نحو 3 مليارات دولار في 2015
فمنذ إجازة قانون مشروع الجزيرة عام 2005 وحتى الموسم الزراعي 2013 لم يتجاوز متوسط المساحة المزروعة بالقطن نحو خمسين ألف فدان أي ما يعادل 21 ألف هكتار.
وتعاني الزراعة المطرية في السودان من إشكاليات عدم توفر التمويل الكافي قبل بدء موسم الزراعة وعدم توطين الآليات الزراعية في العملية الإنتاجية وعدم تأهيل الدولة لشبكات الطرق داخل المشاريع الزراعية ما يجعل ظروف العمل بدائية جدًا وتنفر المستثمر الأجنبي منها، وتؤدي إلى تلف المنتوج تحت زخات المطر في مناطق الصعيد بالنيل الأزرق.
لا تزال مساهمة القطاع الزراعي من إجمالي الصادرات قليلة جدًا ولا تتناسب مع الموارد الهائلة التي يتمتع بها السودان، حيث لا تتجاوز المساحة المزروعة حسب إحصائية لبنك السودان المركزي في العام 2014 نحو 45 مليون فدان وهي تمثل نحو خمس المساحة الصالحة للزراعة في البلاد والمقدرة بنحو 200 مليون فدان.