درس السياحة وإدارة الفنادق في جامعة بوغازتشي في إسطنبول، بدأ بفن رسم الكاريكاتير في صحف الكاريكاتير المشهورة في تركيا، مثل جريدة “ليمان” للكاريكاتير، ومن ثم بدأ بفن الكوميديا الساخرة، أو كما هو معروف باسم الـ “ستاند أب كوميدي”.
لاحظ الجمهور موهبته على الارتجال والسخرية بشكل مسلٍ في عروضه الأولية، ليتطور جيم يلماز عبر السنين، بل العقود، لتصبح تذكرة الدخول إلى عرضه الكوميدي تبلغ 140 دولارًا أمريكيًا للفرد، أي ما يعادل 250 ليرة تركية، ليقوم جيم يلماز بعمل أكثر من 4000 عرض للكوميديا الساخرة، انتهت في عام 2013، حينما أعلن توقفه عن تلك العروض لبعض من الوقت، لأنه يحتاج قليلًا من الراحة.
لم يتوقف جيم يلماز عند تقديم العروض الكوميدية فحسب، بل تطور في مسيرته الفنية إلى التمثيل، وقام بالمشاركة في عشرة أفلام سينمائية بداية من عام 1998، لا يساهم يلماز فقط بالتمثيل، بل أحيانًا في الإنتاج، وأحيانًا أخرى في كتابة الفيلم نفسه، ليساهم يلماز في إبراز العنصر الكوميدي في السينما التركية، وجعله محور هام من محاور أغلب الأفلام، ليتحول فيما بعد إلى صناعة مستقلة بذاتها وهي صناعة الأفلام الكوميدية الساخرة في السينما التركية التي طالما تعتمد على الرومانسية والدراما في قصص أفلامها.
السخرية من الأتراك
لا يحب الأتراك عادة السخرية من ردود أفعالهم، ولا من ثقافاتهم وعاداتهم، بل كان من النادر أن تجد فيلمًا يعبر عن السخرية من العادات والتقاليد المتحجرة لبعض المجتمعات المحافظة عند الأتراك، إلا أن جيم يلماز كسر هذا الحاجز، وجعل من الثقافة التركية مادة أساسية لها في عروضه لتقديم الكوميديا الساخرة، بل واستطاع بحرفيته، أن يجعل الأمر يبدو طبيعيًا على أذن الأتراك، ليألفوه ويحبوه، ويجدوه أمرًا مسليًا وفي نفس الوقت فعالًا لنقد العادات المتحجرة، أو العادات الثقافية الخاطئة، وغير المواكبة للعالم المتحضر.
الكذب لا يحتاجه الرجل، لذا تبرع المرأة فيه
قام جيم يلماز خلال تسع دقائق في أحد عروضه بانتقاد الفرق الكبير بين تربية الفتاة وتربية الصبي في الثقافة التركية، فيميل الأتراك إلى المحافظة الشديدة في تربية الفتاة حتى تبلغ السن الجامعي، في حين يتركون الفتى يعيش بكامل حريته في مختلف فترات عمره، ولا يتم التحكم في تصرفاته كما يتم مع الفتاة، وهو ما يجعل المرأة، من وجهة نظره قابلة أكثر لتعلم الكذب منذ سن صغير، فكونها مراقبة أغلب الوقت من أهلها، يجعلها تتحرر من ذلك القيد المجتمعي عن طريق الكذب، أما الفتى، فيرى يلماز أنه يميل إلى السذاجة حينما يأتي دوره ليكذب، فهو لا يحتاج أن يبرر موقفه بالكذب كما تحتاج الفتاة في أغلب الوقت، ولذا يرى بأن الرجل لا يحتاج الكذب، لذلك برعت المرأة فيه بجدارة.
“نحن لا نعرف الإنجليزية”
في حلقة نالت ما يقرب من 8.5 مليون مشاهدة على يوتيوب، وصف يلماز بسخرية أزمة تعلم اللغة الإنجليزية بالنسبة للأتراك، حيث يقارن ما بين تعلم اللغات في البلاد الأوروبية، والأزمة التي استمرت وتستمر لسنين مع الأتراك في تعلم اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية لهم، فيركز في الحلقة على أن مشكلة الأتراك الأساسية أنهم يخشون من عدم الكمال، فهم يحبون أن يتكلموا اللغة كما يتحدثها أهلها، ولأن ذلك من غير المنطقي وغير الواقعي، فهم يخجلون من التحدث مطلقًا، ربما يعرفون الكثير من القواعد اللغوية، إلا أنهم لا يستطيعون التحدث أبدًا، ويمثل يلماز ذلك بمشهد طريف بينه وبين ممثل الجوازات في المطار، ويتابع في العرض بأنه لا يسخر ممن لا يعرفون اللغة، إلا أنه يسخر من الأسباب غير المنطقية التي تقف وراء ذلك.
العكسر التركي، وطرفات الشباب
نالت الخدمة العسكرية في الجيش التركي حصة ضخمة من عروض يلماز، قام فيها بالسخرية على البيروقراطية الضخمة التي وصف بها الجيش التركي، ثم قام السخرية من أداء الخدمة العسكرية التي لا تتميز بشيء إلا بالصرامة والطاعة العمياء، ليتابع في سخرية بأن كل من كان مهندسًا أو عازفًا يقوم بأداء مهام تبعد كل البعد عما يستطيع القيام به بالفعل في الحياة العملية، مثل تقشير الخضراوات أو تنظيف دورات المياه، ومنه إلى تصليح الأدوات الكهربائية إلى تقديم عروض فنية مسلية للضباط.
لمشاهدة عروض جيم يلماز الكاملة، يمكنك زيارة هذا الرابط
جيم يلماز يسار الصورة، في مقطع من فيلم “The Water Diviner”
يعد جيم يلماز من أكثر الأيقونات الإعلامية شهرة في تركيا، حيث يظهر في الأفلام السينمائية، والإعلانات الدعائية للبنوك القومية، كما يظهر في الدعايات الفنية، وتجده يتحدث إليك من شاشات السينما في تركيا في الفواصل الإعلامية، كما أصبحت شهرته عالمية، بمشاركته في فيلم الفنان راسل كرو بعنوان ” The Water Diviner” في دوره كضابط في الجيش التركي في معركة تشاناكاليه في الحرب العالمية الثانية.
جيم يلماز هو أحد أشهر ناقدي الصورة النمطية التي يعاني منها الأتراك دومًا وأبدًا محليًا ودوليًا، كما ينتقد العادات والتقاليد في المجتمع التركي نقدًا بناءً، وساهم في نضوج فن الاستاند أب كوميدي بتركيا، وجعله فنًا مستقلًا بذاته له عروض خاصة على الساحة الفنية بل وفي أفلام خاصة به كذلك.