تصوب الأنظار ناحية السويد في شهر أكتوبر من كل عام، حيث يتم إعلان أسماء الفائزين بجوائز نوبل في مختلف مجالاتها، ومثل كل عام أيضَا ترتفع آمال الكثير من القراء مع إعلان جائزة نوبل للآداب وتشجيعهم لعدد من الكتاب الذين حققوا شهرة واسعة وتركوا بصمة واضحة في الأدب العالمي بأعمالهم المميزة ممن لم يحظوا بجائزة نوبل بعد، على غرار متابعي السينما وتعاطفهم مع ليونارديو دي كابريو وحملة “اعطوا ليو الأوسكار” في حفل الأوسكار الماضي.
ولعل أبرز الأدباء الذين يتردد صداهم بقوة خلال السنوات الماضية هم الياباني هاروكي موراكامي، والأمريكي فيليب روث، بالإضافة إلي ميلان كونديرا والنمساوي بيتر هاندكه، ومع رحيل إمبرتو إيكو صاحب اسم الوردة في بدايات العام الحالي يسقط اسمه من القائمة.
لكن بخلاف إيكو ما زال لبقية الأدباء الأحياء فرص أخرى في النسخ القادمة، ولكن هنالك أدباء آخرون رغم مما حققوا على الساحة الأدبية وعلت مكانتهم بمرور السنوات لم يحظوا بالجائزة وفي كل الأحوال ربما لا يجد المرء حرجًا من القول أن نوبل هي من أفتقدتهم وليس العكس.
ولعل أبرز هؤلاء الأدباء
ليو تولستوي ( 1828-1910 )
من لا يعرف تولستوي؟! إذا ما كتب لك أن تزور سور الأزبكية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، فلسوف تقابل الحرب والسلام أو آنا كارنينا كل بضعة أمتار.
تولستوي هو أحد أعظم الروائيين الروس على الإطلاق، ويعد أدبه وكتاباته هي الحجر الأساس لعديد من الأدباء ممن جاءوا بعده مثل وليام فوكنر، وجيمس جويس، وفيرجينيا وولف، ومارسيل بروست وآخرين.
وقد كان الأمر بمثابة فضيحة في عام 1901 في أول إعلان لجوائز نوبل، ولم يحظ تولستوي بالجائزة، لدرجة أن 42 من الأدباء والرساميين السوديين كتبوا إليه معبرين عن خيبة أملهم من عدم بصيرة الأكاديمية إلا أن تولستوي كتب إليهم “لقد كنت سعيدًا حينما علمت أنني لم أفز بالجائزة، فقد أزاحت مشكلة كبيرة في كيفية استخدم مال الجائزة، وأنا متأكد أن هذا المال لا يمكنه أن يحضر إلا الشر”.
خورخي لويس بورخيس ( 1899- 1986 )
في حوار له مع مجلة باريس ريفيو أفضي بورخيس لمحاوره بأنه في بداية شبابه كان يعد نفسه شاعرًا، وأنه إذا ما كتب قصة فسوف يعده الجميع دخيل على أرض ليست له، إلى أن تعرض لحادث وبقي في المشفى طيلة أسبوعين في حالة من الهلاوس والإنسومنيا وأخبروه بأنه نجا بأعجوبة من الموت، وبدأ يخشى على سلامته العقلية واعتراه هاجس ألا يتمكن من الكتابة مرة أخرى، وأخذ يفكر أنه كتب مئات القصائد والمقالات من قبل ولو عجز عن كتابتها فسيدرك أن أمره انتهى، يقول بورخيس “فكرت أن أجرب يدي في شيء لم أجربه من قبل، بحيث إن عجزت عن كتابته لا يكون الأمر غريبًا”.
كانت تلك الحادثة التي غيرت مجرى بورخيس ليتجه ناحية القصة القصيرة لتظهر للنور عوالم بورخيس الخيالية.
فاز بورخيس بالنسخة الأولى من جائزة بوليتزر وبالرغم من أنه حقق شهرة واسعة إلا أنه لم يفز أبدًا بجائزة نوبل وذلك لدعمه للديكتاتور خورخي فيديلا وكذلك لديكتاتور تشيلي السابق أوغستو بينوشيه.
لعل بورخيس كان يشعر بالضيق لعدم فوزه بجائزة نوبل فقال في أحد حواراته “هؤلاء الناس في ستوكهولم ربما اعتقدوا أنهم منحوني الجائزة بالفعل”.
مارسيل بروست ( 1871- 1922)
البحث عن الزمن الضائع، هي تحفة وإحدى درر الأدب العالمي، كتبها الفرنسي بروست بين أعوام 1909 و1922 وتقع في 7 أجزاء، وما يقرب من مليون ونصف مليون كلمة.
وكان من بين ما قرأه بروست في فترة صباه، ألف ليلة وليلة ورواية جورج أليوت “طاحونة نهر فلوص”، وقد كانا لهما أثرًا في إبداعتها فيما بعد، فقد ذكر بروست أنه قد قرر أن يكتب كتابًا ضخمًا في ضخامة ألف ليلة وليلة وأهميتها ولكن بدلًا من أن يهتم بالأحداث المتوالية فيركز على التحليل والتفاصيل النفسية للشخصيات التي سيخلقها مثلما فعلت جورج أليوت في روايتها.
على أهمية هذا العمل الملحمي إلا أنه قوبل في بدايته بالرفض – كما لو أن هذا المصير لا بد أن يمر به كل روائي شاب – وقد كان من بين لجنة التحكيم آنذاك آندريه جيد، فما كان من بروست إلا وأن يطبع عمله على نفقته الخاصة.
ومع نهاية الحرب العالمية الثانية حصل بروست على جائزة الجونكور مع صدور الجزء الثاني منها.
وبالرغم من أن عمل بروست يعد واحدًا من أهم أعمال القرن العشرين، وأنه بالإضافة إلى جيمس جويس والألماني روبرت موتسيل يعدوا الآباء المؤسسين للرواية الحديثة فإن أعضاء الأكاديمية لم يمنحوه الجائزة هو الآخر.
جيمس جويس ( 1882- 1941 )
ذات مرة عندما قابل جويس بالشاعر الأيرلندي العظيم و. ب. ييتس والذي حاز على جائزة نوبل، اجترأ عليه وقال “لقد التقينا بعد فوات الأوان، فقد تقدمت بك السن، ومحال أن تتأثر بأدبي”.
إلا أن ييتس قد ساعد جويس في الاتصال بالشاعر الأمريكي عزرا باوند الذي تعرف إلى موهبة جويس القصصية وساعده في نشر “صورة الفنان في شبابه” مسلسلة في مجلة الأجويست البريطانية.
عدت رواية “عوليسس” واحدة من بين أهم مائة رواية في القرن العشرين ومن أبرز أعمال الأدب الحداثي وتيار الوعي، حيث استغرق المترجم الدكتور طه محمود طه عشرين عامًا لكي ينتهي من ترجمتها.
بعد عوليسس استغرق جويس 17 عامًا لكي ينتهي من كتابة رواية أخرى وهي “يقظة فينغانز Finnegans Wake”، وبالنسبة لجويس فهي تعد عمله الأفضل، وهي مثل عوليسس رواية لا يمكن قراءتها بسهولة.
مارك توين (1835- 1910)
يعد مارك توين بحسب الكثيرين هو الأب الشرعي للأدب الأمريكي، ولعل من أبرز روايته التي ترجمت إلى العربية هي يوميات آدم وحواء ومغامرات توم سوير ومغامرات هكلبيري فين والتي قال عنها هيمنغواي بأنها أفضل رواية أنتجها الأدب الأمريكي.