أعلنت الدائرة الصحفية لوزارة الدفاع الروسية، الاثنين الماضي، عن تدريبات مشتركة مع مصر ستكون الأولى من نوعها في تاريخ قوات المظليين الروسية، إذ سيصل العسكريون الروس إلى إفريقيا بأسلحتهم ومعداتهم الحربية للتدريب على محاربة التنظيمات المسلحة غير الشرعية في مناطق صحراوية.
وذكرت الوزارة أن العسكريين الروس سيبدأون رحلتهم إلى مصر في الشهر الحالي، لتشهد مصر لأول مرة منذ زمن بعيد، تدريبات مشتركة بين الجيشين المصري والروسي في القارة الإفريقية.
من الجانب المصري، ستشارك في التدريبات وحدات من قوات المظليين في الجيش المصري، إذ تستهدف الفعاليات المشتركة، حسب وزارة الدفاع الروسية، “وضع مقاربات موحدة فيما يخص التعاون والعمل المشترك لرصد تنظيمات مسلحة غير شرعية والقضاء عليها في مناطق صحراوية، هذا وسيتابع سير التدريبات المشتركة مراقبون مما يربو عن 30 دولة.
وأوضحت وزارة الدفاع الروسية في هذا السياق، أن مشاركة المظليين الروس تأتي في إطار اتفاقات مع الجانب المصري وخطة الوزارة للفعاليات الدولية، وكشفت أيضًا الوزارة الروسية أن المظليين الروس الذين سيشاركون في المناورات الروسية المصرية المرتقبة سيختبرون بزات جديدة في ظروف الحر والرطوبة ومدى تأمينها الراحة لمرتديها.
وأشير في البيان إلى أن المظليين الروس يتدربون في الوقت الراهن وقبل المغادرة إلى مصر، على خوض القتال في ظروف الصحراء، كما يتلقون دروسً في اللغة العربية، ويطلعون على العادات والتقاليد المصرية، ناهيك عن دروس ومحاضرات أخرى في التكتيك والتوجه في الأراضي الصحراوية.
العسكريين الروس سيبدأون رحلتهم إلى مصر في الشهر الحالي
هذا، وأكدت وزارة الدفاع الروسية أمس الثلاثاء أن طائرات الشحن والإنزال التابعة للقوات الجوية الروسية سوف تنقل إلى مصر وبشكل عاجل الأفراد والمعدات والعتاد، في أول اختبار من هذا النوع للطيارين الروس، فيما لم تشر الوزارة في بيانها إلى عدد القوات، وموعد المناورات التي وصفتها بـ”واسعة النطاق”.
كان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أعرب في الجلسة الثالثة للجنة الروسية المصرية المشتركة للتعاون التقني العسكري في سبتمبر الماضي في موسكو، عن “دعم روسيا لجهود القيادة المصرية في محاربة الإرهاب الدولي وتطبيع الوضع في سيناء”، مشددًا على أن القضاء على الجماعات الإرهابية والمتطرفة في مصر يلبي مصالحها ومصالح بلدان المنطقة ككل.
هل ذكرى إسقاط الطائرة الروسية حاضرة؟
في 31 أكتوبر من العام الماضي سقطت طائرة روسية من طراز إيرباص 321 وتحطمت بعد فترة وجيزة من مغادرتها مطار شرم الشيخ المصري، وعلى متنها 224 شخصًا قضوا جميعهم في الحادث.
فيما أقر النظام المصري على لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي، بأن إسقاط طائرة الركاب الروسية المتوجهة من منتجع شرم الشيخ إلى سان بطرسبرغ في العام الماضي كان نتاج عمل إرهابي، وذلك بعد رفض لفترة طويلة لنظرية تعرضها لحادث إرهابي.
وكانت جماعة “ولاية سيناء” التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” أعلنت في بيان لها بتاريخ 31 من أكتوبر إنها أسقطت الطائرة انتقامًا من الضربات الجوية الروسية في سوريا، تلك المجموعة المسلحة التي تنشط في شبه جزيرة سيناء المضطربة منذ نحو سنتين وتشن هجمات على القوات الأمنية المصرية.
بينما أكدت روسيا من قبل أن إسقاط الطائرة التابعة لشركة ميتروجيت كان بفعل قنبلة زرعت داخلها من قبل تنظيم الدولة الاسلامية، ولكن مصر كانت تصر على القول إنها لم تعثر على أدلة تثبت ذلك.
وقال رئيس جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ألكسندر بورتنيكوف في 17 نوفمبر الماضي إن “عملًا إرهابيا” كان وراء إسقاط الطائرة، وإن مخلفات مواد متفجرة وجدت في حطام الطائرة، وقررت روسيا بعدها وقف كل رحلاتها الجوية المدنية إلى مصر – التي تعد مقصدًا محببًا بالنسبة للسائحين الروس – بعد الحادث.
جماعة “ولاية سيناء” التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” أعلنت في بيان لها بتاريخ 31 من أكتوبر إنها أسقطت الطائرة
تدريبات في الصحراء أم بحث عن المتورطين في إسقاط الطائرة الروسية؟
يتزامن الإعلان عن خبر التدريبات المشتركة بين المظليين الروس ونظرائهم المصريين في الصحراء المصرية، مع اقتراب الذكرى الأولى لإسقاط الطائرة الروسية، وهو ما قد يعطي من الدلالات الكثير.
جدير بالذكر أنه في شهر مارس من هذا العام، خرج المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، ليعلن عن تكليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بالقضاء على المتورطين في تفجير الطائرة الروسية في سيناء، وهو تكليف غير محدود الزمن كما قال.
وذكر بيسكوف حينها، في حديث للصحفيين، إن بوتين أمر بعد حادثة طائرة الركاب الروسية في سيناء نتيجة عمل إرهابي في 31 أكتوبر العام الماضي، بالعثور على الإرهابيين أينما كانوا والقضاء عليهم، وأشار بيسكوف إلى أن هذا الأمر ليس محدودًا زمنيا ولا جغرافيًا، ويعد هذا القرار أمرًا عاملًا للقائد الأعلى للقوات الروسية، بحسب تصريحاته حينها.
وعلى ذلك يمكن الربط بين هذا التوعد، وخطوات فرق المظليين الروسية إلى مصر حاليًا، خاصة وأن مبررات إجرائها غير كافية لدى بعض المراقبين، حيث يروا أن مسألة التدريب في الصحراء لا تستلزم كل هذا المجهود لأنها يمكن أن تتم في سوريا على سبيل المثال أو أي دولة أخرى موالية لروسيا، وإن اختيار صحراء مصر ليس عشوائيًا في هذه الفترة بالتحديد.
هذا ويعتقد أن روسيا تبحث عن “أبو أسامة المصري” الذي يعتقد أنه العقل المدبر لإسقاط الطائرة، مستندة في ذلك إلى معلومات لدى الاستخبارات البريطانية، وأن مسؤولين بريطانيين أعلنوا عن الاستعداد لمساعدة مصر أو روسيا في مهمة قتل أو اعتقال قد تستدعي إنزال عناصر من قوات SAS البريطانية الخاصة في شبه جزيرة سيناء، للنيل من المصري وتنظيمه.
وذلك بعد الإعلان عبر بيان، عنوانه “بيعة الأباة” خرج وظهر فيه زعيم التنظيم “أبو أسامة المصري” وسط مسلحين يرتدون الزي العسكري، وبينهم القيادي الجهادي الشهير كمال علام الذي حرص التسجيل على إبراز وجهه، فيما أخفى وجوه البقية بأقنعة أو مؤثرات تمويه بصرية، ومنهم “أبو أسامة” الذي عاد وظهر بالصوت في فيديو بثه التنظيم يوم سقطت الطائرة، وفيه قال عبارته الشهيرة: “نحن من أسقطناها موتوا بغيظكم” في إشارة إلى الطائرة الروسية.
بوتين أمر بعد حادثة طائرة الركاب الروسية في سيناء نتيجة عمل إرهابي في 31 أكتوبر العام الماضي، بالعثور على الإرهابيين أينما كانوا والقضاء عليهم
لذا يعتقد أن يكون لفرق المظليين الروسية هذه دور في البحث عن المتورطين في إسقاط الطائرة الروسية بالتعاون مع قوات الأمن المصرية، وإذا ما تمت هذه الفرضية، فإنه من غير المستبعد أن تجري اشتباكات عما قريب بين عناصر من تنظيم ولاية سيناء، وهذه الفرق الروسية على الأراضي المصرية.