ترجمة حفصة جودة
الأحد، شارع فليت، كان هذا لقاءً غريبًا بين الشرق والغرب في سويثفيلد ظهر ذلك اليوم، حيث تم افتتاح أول مسجد في لندن، يقع المسجد الصغير الجميل ذو القبة الخرسانية بالقرب من خط السكة الحديدية، وسط ضواحي الفلل، بعد الاحتفال، قام الإمام وأذّن للصلاة من فوق المآذن التي تعلو فوق أسطح الضواحي، وقد بُني المسجد من الحديد والخرسانة وعلى خلاف المساجد الشرقية، تم بناء النوافذ لتناسب المناخ هنا، قام المعماريّ جي اتش ماوسون، من لانكستر، ببناء المسجد مع والده – مصمم المدن المعروف – وقد قاما بدراسة الهندسة المعمارية للمساجد خلال قيامهم بإعادة بناء مدينة سالونيكا (مدينة يونانية)، ويعتبر المسجد قطعة من الجمال وسط محيطه المتناقض.
كان هناك اهتمامًا خاصًا باحتفالات هذا اليوم، نظرًا لحالة الغموض حتى اللحظة الأخيرة حول حضور الأمير فيصل نائب الملك والابن الثاني لملك الحجاز، من عدمه، والذي كان في زيارة للندن لتأدية مراسم الافتتاح.
وضع حجر الأساس لمسجد فضل عام 1924
لقد كان مُعلنًا أن هذه هي أحد الأسباب الرئيسية لزيارة الأمير فيصل لإنجلترا، وقبل يوم أو يومين من الافتتاح أعلنت الصحف أن ابن سعود أرسل برقية لابنه يمنعه فيها من المشاركة في الافتتاح، لكن الأمر تم نفيه بعد ذلك، وفي يوم الافتتاح فوجئ الحضور ببيان معروض يعلن أن الأمير ممنوع من افتتاح المسجد، وسيقوم بهذه المهمة خان بهادور الشيخ عبد القادر عضو الوفد الهندي لعصبة الأمم، كانت هناك بعض الإثارة بشأن الموضوع، وأصيب الناس بخيبة أمل لعدم رؤية الأمير الوسيم.
مسجد فضل قديمًا
خطاب الأمير
بالرغم من التوضيح الذي أعلنه الإمام للحضور في المسجد، إلا أن الغموض حول الأمير لم يصبح واضحًا بعد، قال الإمام إنه تلقى رسالة من وزير خارجية السلطان – الموجود في لندن مع الأمير – يعتذر فيها عن حضور الأمير للاحتفالات، وأضاف الوزير: “يعتذر صاحب السمو بشدة عن الحضور، ونتمنى لك النجاح وللمسجد الازدهار والبركة”.
أوضح الإمام أن ملك الحجاز – في رده على الدعوة المرسلة بضرورة إرسال ممثل لحضور الاحتفال – قد قال إن ابنه الأمير سيأتي لندن لهذا الغرض، وعندما وصل الأمير إلى لندن كان البرنامج قد تم تحديده مع موظفيه، لكن عندما اكتملت جميع الترتيبات، فجرت الصحافة مفاجأة كبرى بأن الأمير ممنوع من الحضور، وفي صباح يوم الأحد، جاء وزير الخارجية إلى المسجد وأوضح أن سبب ذلك كان سوء فهم أدى إلى قيام الملك بمنع الأمير من الحضور، لكن الأمير أكد – كما قال الإمام – أن الطائفة الأحمدية تقوم بعمل جيد.
وأضاف الإمام أنه لا يعلم السبب الحقيقي لذلك، لكنه يثق في سمو الأمير، ويُقال إنه قد تم تقديم معلومات خاطئة للملك بأن هذا المسجد ليس مسجدًا للمسلمين، إنه أمرٌ سخيف.
في رأي الأشخاص المطلعين على تلك القضية، فإن ابن سعود غير رأيه بشأن حضور الأمير نظرًا للتقارير التي تصدرها صحيفة الطائفة الأحمدية في لندن، فهذه الطائفة معروفة بتسامحها مع جميع الأديان، والأمر الذي تسبب في ذلك هو البيان الذي يقول بأن المسيحيين مُرحب بهم.
أما ابن سعود فهو زعيم الطائفة الوهابية من المحمديين، والمعروفين بتشددهم في معتقدهم وممارساتهم، لكن ذلك لا يفسر بالطبع لماذا تم منح الإذن أولاً، فمن غير المعقول أن ابن سعود لم يكن على علم بعقائد الأحمديين.
مسجد فضل الآن
الاحتفالية
تمت الاحتفالية ظهر ذلك اليوم، حيث فُتحت أبواب المسجد السوداء بمفتاح من فضة، وبدأت بتلاوة القرآن مع همهمات المصلين، واجتمع الشرق مع الغرب في هذا اليوم، حيث الشرقيون المعممون من جميع الطوائف المحمدية، والهنود من العقائد الأخرى، بالإضافة إلى المهراجا الكبير لبردوان، وأعضاء المفوضيات الأجنبية في لندن، والعديد من الإنجليز البارزين ممن لديهم خبرات عن الشرق، وقرأ الإمام رسالة طويلة من ميزرا محمود أحمد – رئيس الطائفة الأحمدية في بنجاب – والذي وضع حجر الأساس للمسجد قبل عامين.
المصدر: الغارديان