ترجمة من الفرنسية وتحرير نون بوست
لقد انتظرنا تلك المحادثات الطويلة التي دارت في الكواليس بين المرشحين والخمس أعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
وأخيرا تمت عملية تعيين خليفة لبان كي مون بسرعة وبشفافية أكثر من المتوقع. ففي يوم الأربعاء الماضي اتفق مجلس الأمن على تعيين أنطونيو غوتيريس بعد تصويتٍ سادس تم تأجيله عدة مرات، كما حصل مع الأمناء السابقين للأمم المتحدة.
وقد أجرى سفراء 15 دولة تصريحا صحفيا اجتمعوا فيه مع بعضهم في مشهد لم نشهده سابقا. وعبر السفراء عن رضاهم بعملية التصويت. وقد شاهدنا حضور مندوبة الولايات المتحدة سامنتا باور ونظيرها الروسي فيتالي تشوركين جنبا إلى جنب، مع العلم أنهما رفضا منذ أسبوعين أن يستمعا لبعضهما خلال اجتماع متوتر عن الوضع في سوريا. وقد كان المندوب الروسي قد تحدث عن ترشيح أنطونيو غوتيريس لمنصب الأمين العام قائلا :”حضور جميع المرشحين كان أمرا رائعا جدا. ونريد أن نشكر كل من ساهم في عملية التصويت. لكن أعطينا الأفضلية لأنطونيو غوتار.”
في يوم الأربعاء، تقدم الوزير الأول البرتغالي السابق خلال جلسة تصويت غير رسمية على منافسيه التسعة وهم خمسة نساء وأربعة رجال، حيث تحصل أنطونيو غوتيريس على 13 صوت من جملة 15 صوت في حين أن الصوتين الآخرين فلازالا مترددين. أما بالنسبة لأقوى منافسيه فقد تحصلت إيرينا بوكوفا الأمينة العامة لمنظمة اليونسكو على سبعة أصوات. أما التصويت الرسمي فقد انعقد الخميس لتأكيد سبب اختيار هذا المرشح. وقد رحبت إيرينا بوكوفا بفوز منافسها قائلة:” نحن نتمنى كل الخير للسيد غوتيريس خلال توليه لمهامه كأمين عام لخمس سنوات على رأس الأمم المتحدة.” أما الآن، بعد اختيار غوتيريس من قبل مجلس الأمن، ستصادق الجمعية العامة للأمم المتحدة على هذا الاختيار.
تولى رئيس الوزراء السابق للبرتغال أنطونيو غوتيريس منصب المدير العام للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين من 2005 إلى 2015. ليس هذا الرجل غريبا عن أروقة الأمم المتحدة، حيث يتميز غوتيريس بكاريزما قوية وهو اشتراكي أنقلوفوني وفرانكوفوني يحضى باحترام كبيير داخل المنظمات الغير حكومية. وقد رحب لويس شاربونو الممثل عن منظمة “هيومن رايتس ووتش” بتولي غوتيريس هذا المنصب قائلا:” لقد اختار مجلس الأمن رجلا مدافعا متحمسا عن اللاجئين بإمكانه تبني نظرة أخرى ومختلفة جذريا تصب في صالح حقوق الإنسان.” وأضاف شاربونو قائلا “سيقع تقييم الأمين العام الجديد للأمم المتحدة من خلال إمكانياته وحلوله لمواجهة مشاكل كبرى كالوضع في كل من سوريا واليمن وجنوب السودان إضافة إلى أزمة اللاجئين والتغيير المناخي.”
في سياق يتميز بتوتر شديد بين روسيا والولايات المتحدة على إيجاد حل للأزمة السورية، يقع الاختيار على أنطونيو غوتيريس بموافقة الدولتين وقد رحب السفير الفرنسي فرانسوا ديلاتر بهذا الأمر قائلا:” هذه أخبار رائعة داخل وخارج منظمة الأمم المتحدة”. وقد أكد دبلوماسي غربي آخر إعجابه “بالهدوء” “والإحترافية” في تعيين غوتيريس. وقد أكد أعضاء مجلس الأمن على أهمية الوضع السوري قائلين “نتمنى انتهاء هذه الأزمة سريعا.” واختيار خليفة لبان كي مون في الكواليس بإمكانه أيضا أن يساهم في دفع الدبلوماسية الروسية الأمريكية إلى الأمام في ما يخص سوريا.
في النهاية، لقد تمنينا أن يكون تاسع أمين عام للأمم المتحدة امرأة ولكن خيبت آمالنا بعد اختيار أنطونيو غوتيريس. كان من بين المتنافسين إيرينا بوكوفا والمفوضة الأوروبية كريستالينا جيورجييفا إضافة إلى المسؤولة السابقة عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية هيلين كلارك. وقد بدت حظوظهن في الفوز صعبة. وقد صرح دبلوماسي في مجلس الأمن قائلا:” نحن متحمسين لفكرة أن تقود إمرأة منظمة الأمم المتحدة ولكن ذلك ليس شرطا ضروريا.” وأضاف قائلا:” كفاءة ومزايا كل مرشح هما أهم المعايير.” ومن خلال هذه المعايير فاز أنطونيو غوتيريس، البالغ من العمر 67 عام، بالمنصب بالإجماع. ولكن إذا أردنا رؤية امرأة على رأس منظمة دولية فعلينا الانتظار خمسة سنوات أخرى مع عشرة سنوات إضافية لأنه بإسثناء الأمين العام السابق المصري بطرس بطرس غالي، فإن آخر خمس أمناء عاميين للأمم المتحدة قد قضوا فترتين متتاليتين.
المصدر: ليبراسيون