توجه صباح اليوم الجمعة قرابة 16 مليون ناخب مغربي للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية، من أجل اختيار 395 نائبًا في مجلس النواب، وتحديد الحزب الأول، الذي سيكلفه العاهل المغربي، الملك محمد السادس، بتشكيل الحكومة المقبلة.
ويشارك في الانتخابات 30 حزبًا سياسيًا، في حين أعلن حزبان مقاطعتهما، هما حزب النهج الديمقراطي، ذو المرجعية الماركسية اللينينية، وقد قاطع جميع الانتخابات التي عرفها المغرب منذ تأسيسه، والحزب الليبرالي المغربي، وهي أول مرة يعلن فيها المقاطعة، بالإضافة لحركة العدل والإحسان.
هذا وقد بلغ عدد المرشحين للانتخابات البرلمانية المغربية العاشرة بعد حصوله على الاستقلال سنة 1956، والرابعة في عهد الملك محمد السادس، منذ توليه الحكم، حوالي 7 آلاف مرشحًا ومرشحة، يتوزعون على 1410 قائمة.
كما تعد هذه ثاني انتخابات برلمانية تشهدها البلاد منذ أجرى الملك محمد السادس إصلاحات دستورية قبل خمسة أعوام لاحتواء احتجاجات اندلعت خلال موجة انتفاضات الربيع العربي.
وبعد أن قاد الائتلاف الحاكم منذ عام 2011 يتوقع أن يهيمن حزب العدالة والتنمية الإسلامي على الانتخابات متغلبا على منافسه الرئيسي وهو حزب الأصالة والمعاصرة الذي يقول منتقدون إنه مقرب من القصر الملكي.
وبموجب النظام الانتخابي لا يستطيع أي حزب الفوز بأغلبية صريحة وهو ما يجبر الطرف الفائز على خوض عملية تفاوض مطولة لتشكيل حكومة إئتلافية.
ومع ذلك يبقى الملك محمد السادس، باعتراف رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، الحاكم الفعلي للبلاد والمهيمن على المجالات الاستراتيجية والحيوية وفي مقدمتها الجيش والأمن والقضاء والدبلوماسية والتوجهات الاقتصادية الكبرى، وكذلك التعيين في المناصب والوظائف العليا.
وبحسب المجلس الوطني لحقوق الانسان ستباشر 37 هيئة وطنية ودولية، مراقبة الانتخابات، من بينها31 جمعية مغربية، إضافة إلى مراقبي المجلس.
وتعتمد هذه الهيئات أكثر من 4000 مراقب بينهم 92 مراقبًا دوليًا، مهمتهم المراقبة المحايدة لسير العملية الانتخابية، بدءًا من الحملة الدعائية للمرشحين، ومرورًا بيوم الاقتراع وانتهاء بإعلان النتائج.
وفي ما يخص أعمار الناخبين، فإن 30% من إجمالي من لهم حق التصويت تقل أعمارهم عن 35 سنة، و43% تتراوح أعمارهم بين 35 و54 سنة و27% تفوق أعمارهم 54 سنة.
جدير بالذكر أن انتخابات 2011، بلغت نسبة التصويت فيها من أصل 13,6 مليون ناخب مسجلين في اللوائح 45%، فيما قاطع 55% العملية الانتخابية.
تنافس حزبي
تشهد الانتخابات المغربية استقطاب حاد بين حزبين أساسيين، هما حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود التحالف الحكومي الحالي، وحزب الأصالة والمعاصرة الذي تأسس في عام 2008 على يد فؤاد علي الهمة، صديق دراسة الملك محمد السادس ومستشاره الحالي قبل أن ينسحب منه في خضم الحراك الشعبي سنة 2011 عندما اتهمه متظاهرون بالفساد.
فيما يعد حزب العدالة والتنمية المغربي آخر هيئة سياسية ذات مرجعية اسلامية تقود تحالفًا حكوميا في منطقة “الربيع العربي”.
حيث لم يكن من السهل على حزب العدالة والتنمية تكوين تحالف حكومي باعتبار أن النظام الانتخابي المغربي لا يسمح لأي حزب بالفوز بأغلبية المقاعد، ما اضطر الإسلاميين إلى الدخول في تحالف من أربعة أحزاب (محافظة وليبرالية وشيوعية).
وقد وصف هذا التحالف بالهجين غير المتجانس، الذي أعاق تطبيق وعود حزب العدالة والتنمية الانتخابية، وأثار أزمات حكومية متتالية خلال السنوات الخمس الماضية.
وتعتمد القاعدة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية بالأساس على الطبقة المتوسطة المنتشرة في المدن كما يتميز المنخرطون في الحزب بالانضباط والتنظيم، واستطاع هذا الحزب أن يفوز بأصوات كثيرة في البوادي التي كانت تعتبر حكرًا في السابق على منافسيه من حزب الاستقلال المحافظ وحزب الأصالة والمعاصرة والحركة الشعبية.
وقد أبدى بنكيران زعيم الحزب ثقته في الفوز بولاية ثانية، وقد ربط بقاءه في العمل السياسي بهذا الفوز، فيما رفع حزبه شعار “صوتنا فرصتنا لمواصلة الإصلاح” وفق برنامج انتخابي مبني على “المنهجية الإسلامية”.
بينما ركز حزب الأصالة والمعاصرة على ترشيح الكثير من النساء ضمن لوائحه الوطنية والمحلية لتوسيع تمثيل المرأة الضعيف في البرلمان، كما أخذ على عاتقه قضية الدفاع عن تقنين الاستخدام الطبي والصناعي للقنب الهندي الذي يعتبر المغرب من أكبر منتجيه ومصدريه.
ومن جانب آخر ركز خطاب حزب الأصالة والمعاصرة على انتقاد برنامج العدالة والتنمية المتعلق تحديدًا بمسألة حرية المرأة والحريات الفردية.
بدوره يشكل حزب الاستقلال المحافظ، أحد الأحزاب الوطنية التي يعود تأسيسها لما قبل الاستقلال وقاد عدة حكومات، قوة انتخابية متجذرة في المشهد السياسي المغربي حيث من المتوقع أن يحتل مرتبة متقدمة في هذه الانتخابات وأن يشكل طرفا أساسيا في التحالف المقبل.
وقدمت فيدرالية اليسار الديمقراطي التي تأسست سنة 2007 من ثلاثة أحزاب يسارية، على أنها “طريق ثالث” وسط هذا الاستقطاب، وقد حققت تسجيلًا نوعيًا من طرف المواطنين وتعاطفا كبيرًا على شبكات التواصل الاجتماعي.
يمكنكم متابعة تغطيتنا الخاصة للانتخابات المغربية عبر هذا الرابط