تعتبر تلك الثورة هي الضربة الغادرة في ظهر الدولة العثمانية أثناء الحرب العالمية الأولى، وقد جهزت تلك الثورة الميدان لتطبيق اتفاقية سايكس – بيكو، ولذلك وجدت أنه من الضروري تجديد تسجيل تلك الثورة في الذاكرة العربية ولو بطريقة مختصرة.
في خريف عام 1914 ولخوف اللورد كيتشنر من قدرة الشريف حسين الروحية لدى عوام المسلمين، قام بمراسلته وقد انتهت تلك المراسلات بشروط مرضية للطرفين ولم يُطلب من الشريف حسين أي شيء ما عدا الالتزام بعدم استخدام مكانته الروحية فيما يضر مصالح الإمبراطورية البريطانية وأن يستخدمها لاحقًا في مصلحتها.
يا ليته يكتفي بإمارة مكة وباستقلال العرب فقط، ولكنه سوف يعمل بدهائه على أن ينال مقام الخلافة العظمى
تلك كانت كلمات السلطان عبد الحميد الثاني عند تولي الشريف حسين شرافة مكة بعد ضغط جمعية الاتحاد والترقي، فقبل ذلك كان عبد الحميد جاعل الشريف حسين في وضع يشبه الإقامة الجبرية، حيث دعاه للعيش في الأستانة وعينه في مجلس الشورى، وأسند إليه رتبة الوزارة مع وضعه تحت عينه مُراقبًا، وبعد عزل عبد الحميد وسيطرة الاتحاد والترقي دار بينه وبين الشريف حسين بعض الخلافات لفرق السن واختلاف التوجهات، ولكن عندما وصل للشريف حسين دليلًا مكتوبًا يشير إلى نية الأتراك الإطاحة به بعد الحرب، شعر بأن من الممكن أن تكون تلك الإطاحة سببًا لعزله عن العالم، ولذلك أرسل ابنه فيصل لمقابلة الصدر الأعظم، لإقناعه بالرجوع عن قرارعزله مع علمه بأن الأمل ضئيل في هذا الأمر.
ولكي يزيد من فرصته في النجاه أمر ابنه فيصل بالتوقف في دمشق – معقل القوميين العرب – لكي يستقصي إمكانية الحصول على تأييد الجمعيات السرية العربية، وقد توقف فيصل في أثناء سفره للصدر الأعظم مرتين الأولى وهو في طريقه للأستانة وقد قيل له إن هناك ثلاث فرق في الجيش العثماني أغلبهم من العرب وإذا قامت ثورة، فمن المؤكد أنها ستسير خلف قائد تلك الثورة.
السلطان عبد الحميد
ولكن في أثناء رجوع فيصل من الأستانة وجد الوضع تغير بالكامل، فجمال باشا – وهو ضابط تركي قومي وحاكم سورية – اكتشف بأن هناك متآمرين عرب، فقرر أن يعدم بعضهم وسجن الباقي وقام بتجزئة الفرق الثلاث أصحاب الأغلبية العربية وأرسل أكثرهم لجاليبولي وكل ما وجده فيصل تسعة رجال أعطوه وثيقة بها الحدود التي يجب أن يتفاوض على أساسها أبيه مع الإنجليز وسميت ببروتكول دمشق.
وبالفعل وصلت تلك الوثيقة للشريف حسين وأرسلها للإنجليز في القاهرة في صيف 1915، ولكنها قوبلت بالسخرية حتى جاء لهم ملازم عربي من الجيش العثماني يسمى محمد شريف الفاروقي وكان من ضمن الذين تم نقلهم لجاليبولي، ومن هناك تسلل لخطوط الإنجليز ليسلم نفسه، مدعيًا أنه جاء برسالة من الجماعات العربية تنص على أنه إن لم يتم الرد على الشريف حسين خلال أسبوعين فإن الحركة العربية ستدعم الدولة العثمانية في الحرب.
وقد بدأ بالتواصل مع الجانبيين، يوهم كل منهم أنه رسول من الآخر، فأخبر الحسين أنه عضو في جماعة العهد – جمعية عربية سرية – يُسمع له عند الإنجليز وأخبر الإنجليز أنه يُفاوض باسم الشريف حسين، ولكن أيضًا الحسين لم يملك أي جيش يتمرد به على الدولة العثمانية، ولكنه كان مخادعًا مثل الفاروقي ومثل الجمعيات العربية التي لم تملك قلوب العرب كما كان يتوقع الإنجليز، وبالرغم من المعاملة السيئة التي كان يتلقاها العرب من الأتراك، ولكن العرب كانوا يفضلون أن يحكمهم مسلمون أتراك بدلًا من مسيحين أوروبيين.
أصدقاء المراسلة
ولذلك شعر الحسين بالخوف ورأى أنه لن يستطيع مواجهة الأتراك وحده، وأنه من الضروري الاستعانة بدولة كبرى، وقد رأى أن بريطانيا تستطيع القيام بهذا الدور، فتمت أول مقابلة بين عبد الله – أحد أبناء الشريف حسين – واللورد كيتشنر – المعتمد البريطاني في مصر-، فأثناء مروره بمصر تبادل عبد الله الزيارات مع المندوب السامي البريطاني وبعض الموظفين البريطانين لا سيما السير رونالد ستورز السكرتير الشرقي بدار المندوب السامي في مصر، ولقد أطلعهم الابن على توتر العلاقات بين أبيه والأتراك والتجهيزات التي يقوم بها الشريف حسين للانفصال عن الدولة العثمانية، وبعد اقتناع البريطانيين وأثناء قيام الحرب العالمية الأولى وإثبات نية الدولة العثمانية في الانضمام للإمبراطورية الألمانية، قرر البريطانيون أرسال رسول سري – هناك بعض الأقوال تشير إلى أن الفاروقي كان هذا الرسول – يجرى اختياره بحذر للتأكد من موقف عبد الله ووالده الشريف حسين وعرب الحجاز فهل سيكونون معنا أم معهم؟
الأمير فيصل بن الحسين مع لورنس العرب
بدأت الحكومة البريطانية – بعد التأكد من نية العرب المناهضة للأتراك – بالاتصال بالشريف حسين عن طريق هنري مكماهون، وقد نجم عن هذه الاتصالات رسائل متبادلة مقسمة بالتساوي بين الشريف حسين ومكماهون سميت بمراسلات الحسين – مكماهون، وكما ذكرنا سابقًا أن الشريف حسين حصل على بروتوكول دمشق والذي كان يجب أن يستخدمه كأساس لتلك المفاوضات، وبالفعل أورد الشريف حسين بروتوكول دمشق في رسالته الأولى وقد ذكر فيها عدة نقاط:
– اعتراف بريطانيا باستقلال العرب في الحدود التي تم ذكرها في بروتوكول دمشق.
– موافقة بريطانيا على إعلان خليفة عربي على المسلمين.
– الاعتراف بأولية بريطانيا في كل مشروع اقتصادي في البلاد العربية.
– أن يكون بينهم ما يشبه اتفاقية دفاع مشترك وأنه إذا اعتدى أحدهم على بلد آخر يجب أن يلزم الآخر الحياد وأما إذا أريد إشراكه اجتمعوا لوضع الشروط اللازمة.
– أن تكون مدة الاتفاق فيما يتعلق بالتعاون العسكرى 15 عامًا.
ثم بعث هنري مكماهون برسالة ردًا على الأولى، يعلن فيها موافقته على جميع الشروط ما عدا نقطة الحدود للدولة العربية، حيث إنه وصف ذلك بموضوع سابق لأوانه، ويقول جورج أنطونيوس مؤلف “يقظة العرب” بأن رد مكماهون كان مثالًا للمراوغات الرسمية وأن رد الشريف كان مثالًا للحماقة لا لبعده الملموس عن الإخلاص فحسب بل لأن الخطاب كان يحاول الجمع بين أمرين يستحيل جمعهم معًا، فيحاول استمالة الشريف بكونه سيصبح حليفًا عاملًا، ويسعى من جهة ثانية لسحب الأدوات التي تجعله تحالفًا فعالًا، ولكن هذا الخطاب ترك أثرًا سيئًا في نفس الحسين، فرد برسالة تميزت بإصراره لتحقيق فكرته، كما لم تخف على الحسين عبارات المراوغة التي وردت في خطاب مكماهون.
وقد أعرب عن دهشته لما بدا من فتور وتردد في تلقي اقتراحه المتعلق بحدود الدولة العربية، وأوضح أنها اقتراحات الشعب وليست اقتراحاته، وقد أوضح أن مسألة الحدود مسألة جوهرية وأن الخلافة شيء منتهي، وذكر أن مراوغة بريطانيا سببها هو حرصها على عدم مواجهة فرنسا بسبب أطماعها في الشام التي كانت تابعة للدولة العربية المستقلة طبقًا لبروتوكول دمشق، ولكن في هذه المرة كان لا مفر أمام مكماهون من الإجابة على رسالة الحسين بنعم أو لا، وفي هذه الفترة تلقى مكماهون معلومات ساعدته على معرفة المزيد في المسألة العربية، وأدت إلى تعديل موقفهم، فأرسل مكماهون رسالة بتاريخ 24 أكتوبر 1915م وتعتبر تلك الرسالة أهم وثيقة دولية في تاريخ حركة العرب القومية، لأن هذه الرسالة تحوي التعهدات التي دخل العرب على أساسها الحرب إلى جانب بريطانيا وحلفائها، ومن ناحية أخرى استند إليها العرب في مهاجمة بريطانيا بنكث الوعود وفي هذه الرسالة أعطى مكماهون الحسين بعض التأكيدات والتي كانت:
– استثناء مقاطعيى مرسين والإسكندرونة وغرب منطقة دمشق وحمص وحماة وحلب لأنهم لا يمكن اعتبارهم مناطق عربية صرفة.
– قبول بريطانيا بهذا التحديد مع مراعاة التعديل المحدد أعلاه، وألا يؤثر على معاهدات بريطانيا مع أمراء العرب.
– بالنسبة للمناطق المقترحة لتكون حدود الدولة العربية، والتي يمكن أن تعمل فيها بريطانيا بدون الاحتكاك مع حليفتها فرنسا، فيعطي مكماهون تعهد باسم حكومة بريطانيا وقد نص على “أن بريطانيا ستعترف باستقلال العرب وتأييده في المناطق المقترحة مع مراعاة التعديلات”.
وقد تضمنت المذكرة أربع مواد مهمين:
– ضمان سلامة الأماكن المقدسة ضد أي أعتداء خارجي.
– مساعدة العرب على إقامة الأوضاع الإدارية في الدولة العربية المستقلة.
– يجب حصر استخدام العرب لمستشارين من بريطانيا.
– إقامة نوع خاص من الإدارة في البصرة وبغداد على أساس تعاوني بين العرب والإنجليز.
وجد الحسين أن ما جاء في كتاب مكماهون يعتبر أساسًا صالحًا للمفاوضات من أجل تقريب وجهتي النظر العربية والبريطانية للوصول لاتفاق نهائي لقيام الثورة، وبالفعل رد الشريف في 5 نوفمبر 1915م وقد أعلن فيه تنازله عن مرسين وأطنة رغبة في تسهيل الاتفاق وتجنُب تعكير صفو المسلمين، ولكنه تمسك بحلب وبيروت، وأكد أيضًا أن العرب من غير الممكن أن يتخلوا عن العراق، ولكنه اقترح أن يتركها لهم لمدة قصيرة مقابل تعويض مالي عن مدة الاحتلال.
وقد طلب تأكيدًا ألا يتم ترك العرب وحدهم في الحرب، وقد كان هذا الطلب نابعًا من خوف الحسين من أن تعقد إحدى دول الحلفاء صلحًا مع الدولة العثمانية أو ألمانيا؛ مما يعرض العرب للانتقام وفى 13 ديسمبر 1915م، رد مكماهون مصرًا على استثناء ولايتي حلب وبيروت وتحجج بتعلق مصالح فرنسا بها ومطمئنًا الحسين بأن بريطانيا لن تبرم إي صلح يمكن أن يؤذي استقلال العرب من سلطة الأتراك.
وفي 1 يناير 1916م اضطر الحسين للتساهل بخصوص غرب دمشق وحمص وحلب وحماه ولكن بشرط تأجيل الأمر إلى ما بعد الحرب، وتعتبر تلك الرسالة هي الخطوة الفاصلة في إتمام الصفقة مع بريطانيا بسبب التسليم بكل النقاط التي اقترحها مكماهون، وفي 3 يناير1916م رد مكماهون، فشكر الحسين على رغبته في تسهيل الاتفاق، وهكذا انتهت المفاوضات لإعلان الثورة ولكن بودلت بعض المراسلات لاحقًا بخصوص التجهيزات للثورة وبالفعل أعلن الحسين الثورة.
بعد أن جهز الشريف حسين الأجواء لقيام ثورته ونسق مع البريطانيين، جاء اليوم الموعود وهو يوم إعلان الثورة العربية على الدولة العثمانية، ولكن كما هو القول “تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن” وهذا ما حدث بدقة مع تلك الثورة.
بداية النهاية
كان الشريف حسين قبل إعلانه الثورة يماطل البريطانيين والأتراك فيأخذ الرشاوى من الجانبيين، حتى وصل له نية الأتراك لخلعه من منصبه، ولذلك نسق مع الإنجليز لقيامه بالثورة، فقد أرسل جمال باشا قوة عثمانية مدربة تدريب خاص يرافقها مجموعة من ضباط ألمان لإنشاء محطة للبرق في تلك المنطقة وكانت تلك القوة كافية لهزيمة الحسين شر هزيمة؛ مما دفع الحسين إلى أن يطلب حماية الأسطول البريطاني على ساحل البحر الأحمر لشبه الجزيرة العربية، مما أفزع القوات العثمانية ومنع تقدمهم.
وفي نفس الوقت أعلن الشريف حسين قيام الثورة رسميًا، وكان قد حصل من الباب العالي على 50000 جنيه ذهبًا لتجهيز قوات لمكافحة البريطانيين، وقد حصل على القسط الأول من الدفعة الكبيرة المدفوعة من قبل البريطانيين لتجهيز قوات لمكافحة الأتراك، وكان في ظن البريطانيين أن الثورة سينضم لها العديد من العرب وأنها ستلقى تأييدًا واسعًا بين العرب.
وقد قال الشريف حسين للإنجليز بأن هناك نحو 250000 جندى سينضمون لقواته ولكن هذا لم يحدث أبدًا، فلم ينضم إليه أي وحدة من وحدات الجيش العثماني ولا حتى أي شخصية سياسية بارزة في الدولة العثمانية، واقتصر جيش الحسين على بضعة آلاف من رجال القبائل والضباط غير الحجازيين والمنفيين من الدولة العثمانية أو الذين عاشوا في بريطانيا وكانت تلك القوات القبلية تُهزم باستمرار أمام المدفعية العثمانية، لذلك ساعدتهم القوات البريطانية بالطائرات والسفن وأرسلت جنودًا مسلمين من الجيش المصري عبر ميناء جدة للسيطرة على مكة والطائف وسيطروا على ميناء رابغ وينبع بسهولة.
وهكذا سيطر الأسطول البريطاني على ساحل شبه الجزيرة العربية المطل على البحر الأحمر، ولكن الشريف حسين لم يسمح لوحدات بريطانية مسيحية بالتقدم للداخل، لظنه بأن تلك الفعلة ستُضعف وضعه في العالم الإسلامى ولكن قوات الشريف حسين لم تستطع هزيمة الأتراك مما جعل الإنجليز يعينون الرائد عزيز المصري رئيسًا لأركان القوات المسلحة العربية التي قادها على بن الحسين صوريًا، ولكن عزيز المصري عُزل بعد أشهر واستبدلوه بجعفر العسكرى – ضابط عربى كبير في الجيش العثماني تم أسره من قبل الجيش البريطاني – حيث إن عزيز المصري كان يخطط من أجل الاستيلاء على زمام الأمور لينسق مع الأتراك رجوع القوات العربية للحظيرة العثمانية مقابل الحكم الذاتي.
وأيضًا الجماعات العربية كانت رافضة للثورة على عكس ما قاله كل من الشريف حسين والفاروقي للإنجليز، حيث إن الجماعات العربية كانت تفضل أن يحكمهم مسلمون أتراك بدلًا من أوروبيين مسيحين، وحتى الشريف حسين بنفسه كان يحاول أن يعود للجانب العثماني، وبالرغم من جهل البريطانيين بتلك المراسلات فقد تبدد وهمهم به لأنهم اكتشفوا بأنه أبعد ما يكون من كونه زعيمًا للقومية العربية، وأن كل ما يهمه ليس القومية العربية بل الحصول على ملك واسع ونفوذ، وكانت القومية العربية بالنسبة له تعني أن يكون ملكًا لا شيء آخر، ولكن البريطانيين كانوا متأكدين بأن فشل الثورة سيؤذى سمعة بريطانيا، ولهذا حاولوا بكل جهد لدعمها، فقد أرسلوا بعثة مستشارين مسلمين من فرنسا وبريطانيا وأرسلوا أيضًا ضابط مخابرات شاب يدعى توماس لورانس وكان صديقًا مقربًا لرونالد ستورز – أحد القادة البريطانيين – وعندما وصل لجدة استقبله عبد الله بن الحسين ولكن لورانس لم يستحسنه ووجد أن أخاه فيصل بن الحسين أصلح منه للقيادة الميدانية للجيش العربى وبذلك استخدم لورانس نفوذه وأصدقائه ليحقق مبتغاه بالإضافة لجعل نفسه ضابط الاتصال الوحيد بين الشريف حسين والإنجليز.
وقد أشار بالاعتماد على القوات العربية القبلية وتدريبها على حرب العصابات بقيادة بريطانيا، وبالفعل استطاع تدريبهم وبدأ القتال مع الأتراك، فاستولت القوات العربية على ميناء العقبة وتقدموا حتى وصلوا لدمشق التي طمع فيها فيصل بن الحسين، ولكن أخلف البريطانيون بوعودهم وسمحوا للفرنسيين بالدخول لدمشق وسحقوا جيش فيصل، وهذا ما كان واضحًا منذ قيام الثورة البلشفية في روسيا، حيث قام البلاشفة بنشر اتفاقية سايكس – بيكو، وقد اتصل الشريف حسين بالبريطايين يستفسر منهم بكل سذاجة، ولكنهم قالوا له بأن تلك مكيدة دبرها البلاشفة الملاحدة للإيقاع بين الإنجليز والعرب، وفي أواخر الثورة شعر الحسين بفشل الثورة واستحالة حصوله على مبتغاه، فأولاده لا ينصاعون لأمره، ففيصل انطلق لدمشق وعبد الله يُعسكر قرب الأردن منتظرًا ما سيحدث في جدة أو دمشق، ولكن في النهاية وجد الشريف حسين شبه الجزيرة العربية تعصف به من كل اتجاه.
فكان السعوديون – بدعم من المكتب البريطاني في الهند – يجهزون للاستيلاء على الحجاز، فأقبلت جيوش السعوديين، فاستولت على الطائف؛ ما نشر الذعر في مكة، فقرر الشريف الاستنجاد بالإنجليز، ولكنهم أخبروه بأنهم أعلنوا حيادهم، فقرر التخلي عن عرشه لابنه علي بن الحسين وأبحر للعقبة داعمًا لابنه علي بن الحسين الذي ظن بأن الدعم سيأتي له من الأردن وسوريا لمساندته أمام ابن سعود الذي وسع فتوحاته في الحجاز، ولكن هُزم علي بن الحسين في النهاية، فغادر للهند ثم للعراق، ومات هناك وقد انتقل الشريف حسين من العقبة للبتراء وأستقر بها عدة أشهر ولكن عبد الله بن الحسين أخبره بأن الإنجليز قالوا إن وجوده في شبه الجزيرة يعرضه لخطر آل سعود، فقرر الإبحار إلى قبرص وأقام بها حتى مرض فعاد إلى عمان – عاصمة الأردن – واستقر هناك حتى توفى ودٌفن في القدس.