من أمام ساحة المسجد الحسيني وسط عمان، ستنطلق يوم الجمعة القادم في 14/10 من هذا العام مسيرة موحدة تحت عنوان “الغضب الشعبي في مواجهة صفقة العار”، والمقصود بصفقة العار، هي الصفقة التي تسمح لشركة الكهرباء الوطنية الأردنية باستيراد الغاز الإسرائيلي، وهي صفقة عار لا تخص الأردن العربي بمقدار ما تهم كل عربي يرفض كبرياؤه الوطني أن يمد يد العون الاقتصادي، والمساعدة السياسية، والتمكين الروحي لعدو الأمة العربية والإسلامية.
فهل ستحقق المسيرة الموحدة غايتها يوم الجمعة القادم؟ وهل ستتضافر جهود كل القوى السياسية والمهنية والحزبية في الأردن، وتلتقي على قلب رجل واحد، لتعبر بشموخ وإباء عن موقف الشعب العربي الأردني الرافض لكل أشكال التبيعة والعلاقات الثنائية مع العدو الإسرائيلي؟
ذلك ما يتمناه كل عربي يرفض المساومة على الحقوق العربية، ويرفض الخنوع أمام الحاجة السياسية التي بررت اتفاقية وادي عربة بين إسرائيل والأردن، تلك الاتفاقية التي تبرر الخضوع أمام الحاجة الاقتصادية بالتوقيع على اتفاقية استيراد الغاز مع إسرائيل بذريعة المصلحة الوطنية، والازدهار الاقتصادي من خلال توفير مبلغ 600 مليون دولار سنويًا.
قد يكون الأردن بحاجة إلى توفير مبلغ 600 مليون دولار سنويًا، ولكن الأردن بحاجة إلى بناء اقتصاده باستقلالية عن الاقتصاد الإسرائيلي، الذي لا يحرص على سلامة الأردن، ولا يبكي على ازدهار حياة مواطنيه، فالاقتصاد الإسرائيلي يسخر جل موارده لتحقيق مكاسب سياسية لا تخدم إلا العدوان الإسرائيلي على مصالح العرب والمسلمين.
وقد يكون الأردن بحاجة إلى توفير مبلغ 600 مليون دولار سنويًا، ولكن الأردن بحاجة إلى عدم التطبيع والتعاون الاقتصادي مع عدو المسلمين الذين اغتصب أرض فلسطين، ويعمل ليل نهار على تهويد المسجد الأقصى، والأردن بحاجة إلى تعزيز المقاطعة الدولية ضد هذا العدو الذي تكشفت خبائثه، ومن الخطيئة أن يأتي التعاون الأردني مع إسرائيل في ذروة التطرف اليميني الذي يرى بإخلاء المستوطنات تطهيرًا عرقيًا.
وقد يكون الأردن بحاجة إلى توفير مبلغ 600 مليون دولار سنويًا، ولكن الأردن بحاجة إلى توفير 600 مليون بطاقة وحدة وطنية في ظل الصراعات الأثنية والعرقية والمذهبية التي عمت المنطقة، وتفجرت دماء عربية على مذبح الصهاينة.
لقد جرت يوم الجمعة تظاهرة وسط عمان، انطلقت من أمام النقابات المهنية الأردنية في منطقة الشميساني إلى قرب مبنى رئاسة الوزراء بمشاركة نحو 350 شخصًا، ورغم قلة العدد بحسب مصور فرانس برس، إلا أن هتاف المشاركين بشعار “يا عمان السبع جبال، غاز العدو احتلال”، وهتافهم بشعار: “تسقط تسقط الاتفاقية، يسقط نهج التبعية”، إضافة إلى شعار: “لا سفارة ولا سفير، هذا مطلب الجماهير”.
المسجد الحسيني في عمان
تلك الشعارات المرفوعة بالمظاهرات تمثل إجماع وطني في الأردن وفلسطين، وفي كل بقعة من الوطن العربي، هذه الشعارات الوطنية هي المحفز للحملة الوطنية الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني، كي لا تخضع ثانية لضغط الأجهزة الأمنية، فالشعارات المرفوعة تحاكي وجدان الأمة، وتحرض كل إنسان يحب الأردن، ويعشق فلسطين على عدم الخضوع لإسرائيل، مع ضرورة الوقوف على قدمين من حرية وديمقراطية.
لما سبق، فإنني أدعو كافة التنظيمات الفلسطينية، وكل القوى السياسية، وأدعو الجماهير الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى التكاتف مع إخوانهم في الأردن ضد صفقة العار، والمشاركة في يوم الغضب الشعبي المذكور بفعاليات جماهيرية ضد المستوطنين، وتصعيد المواجهات، لأن ما ينفع الشعب الأردني هو نافع للشعب الفلسطيني، وما يضر الشعب الأردني هو دمار على الشعب الفلسطيني، فالمصير واحد، والأمل واحد، والمشاركة في فضح عدوانية إسرائيل واجبة في عمان ورام الله وغزة.