لا تزال البلاد التونسية تعيش تحت وطأة تسارع الأحداث وإعلان الحداد الرسمي وتنكيس العلم الوطني. فبعد أقل من أسبوع منذ الاغتيال الثاني الذي راح ضحيته عضو المجلس الوطني التأسيسي عن حركة الشعب محمد البراهمي، تعود الانفجارات لتهز منطقة جبل الشعانبي المنطقة الحدودية التونسية الجزائرية بولاية (محافظة) القصرين.
8 قتلى و عدد من الجرحى هي حصيلة العملية الإرهابية التي شنتها مجموعة مجهولة على كتيبة الجيش الوطني التونسي مساء يوم الاثنين 29 جويلية (يوليو) قبيل الإفطار و بعد سويعات قليلة من خطاب رئيس الحكومة الموجه للشعب التونسي.
وقد تم تجريد الجنود الذين استشهدوا في هذا الكمين من أسلحتهم و بذلاتهم العسكرية و آلات الاتصال الخاصة بهم. فيما أكد طبيب المستشفى الجهوي بالقصرين أن الجنود الثمانية تعرضوا لإطلاق نار كما تم ذبح 5 منهم. وجرح آخرون إثر انفجار لغم غير تقليدي الصنع مضاد للدبابات.
يشار أن هذه العملية ليست الأولى من نوعها من حيث الكيفية و التوقيت ففي رمضان من سنة 1995 و في وقت الإفطار تعرض مركز الحرس الحدودي سندس لهجوم أودى بحياة 7 جنود من الجيش التونسي وانتزاع أسلحتهم وملابسهم العسكرية و سرقة السيارات.
على إثر هذه الأحداث شهدت كل من ولاية قابس و صفاقس و باجة ليلة أمس 31 جويلية/يوليو حراكا شعبيا من خلال مظاهرات واسعة داعمة للشرعية تندد بعملية استهداف الجنود و تدعو إلى نبذ العنف رفعت فيها الراية الوطنية للبلاد. و صلى المواطنون صلاة الغائب على أرواح شهداء الجيش الوطني.
تعالت حناجر المتظاهرين بعديد الشعارات التي كان أبرزها “اتتخاب انتخاب لا مجال للانقلاب ” و “جيش و أمن حماة الوطن” تحية للجنود المدافعين عن اللواء الوطني. و توجه العديد من أفراد الشعب إلى وزارة الدفاع حاملين الورود ليضعوها في صمت أمام المدخل الرئيسي.
و لا تزال ساحة باردو بالعاصمة التونسية تعج بالمتظاهرين من كلا الشقين المؤيد للحكومة و المطالب برحيلها بعد أن طوق الجيش الساحة الأساسية التي شهدت أولى الاعتصامات بالأسلاك الشائكة و جعلها منطقة عسكرية.
و شهد الجزء الخاص بمناصري الشرعية ليلة أمس توافدا متزايدا و تحشيدا أوسع للمؤييدين للحكومة الحالية برئاسة علي العريض قيادي حركة النهضة التونسية الحزب الأكبر في الائتلاف الحاكم.
أما على مستوى المجلس الوطني التأسيسي فلا يزال 52 نائبا من أصل 217 عضوا منسحبين دون تقديم استقالات متمسكين بموقفهم الصادر خلال ندوة صحفية عقب اغتيال النائب البراهمي برحيل الحكومة و حل المجلس.
كما أصدر بقية النواب المنضمين إلى كتل نيايبة و المستقلين منهم بيانا للرأي العام التونسي يؤكدون فيه استنكارهم لاغتيال زميلهم و يدعون زملاءهم المنسحبين لاستئناف نشاطهم بالجلسات العامة و حرصهم تحقيق توافق واسع بين كل الأطراف للمصادقة على الدستور الجديد للبلاد و تحديد موعد الانتخابات.
و تضمن البيان تمسك النواب الممضين على استكمال المسار الانتقالي عبر المؤسسات المنتخبة و على رأسها المجلس الوطني التأسيسي و التي تمثل الإرادة الحقيقية و الفعلية للشعب التونسي.
وقد كانت للاتحاد العام التونسي للشغل أعرق مؤسسة نقابية بالبلاد كلمته في ما يخص الشأن القائم بالبلاد اليوم. فقد أكد حسين العباسي الأمين العام للاتحاد يوم أمس عقب اجتماع انعقد بالضاحية الشمالية للعاصمة دعم الاتحاد للمجلس الوطني التأسيسي الذي يمثل مصدر الشرعية و المؤسسة العليا للبلاد مضيفا دعوة الاتحاد لتكوين حكومة وحدة وطنية تنهي ما تبقى من المرحلة الانتقالية.