بعد أشهر من الصراع بين أحزاب الحكومة والمعارضة، وأيام عصيبة اعتقد فيها التونسيون أن بلادهم تسير نحو الفوضى أحيانا ونحو الإرهاب أحيانا أخرى ونحو انقلاب مشابه لانقلاب مصر أحيانا أخرى، بدأ المجلس الوطني التأسيسي التونسي يوم الجمعة التصويت على دستور جديد على أمل الانتهاء منه قبل تولي الحكومة المؤقتة المقبلة للسلطة وقبل الشروع في الإعداد للانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة.
وتتجه الأنظار المحلية والإقليمية والعالمية صوب تونس لمتابعة المرحلة قبل الأخيرة من عملية الانتقال الديمقراطي السلمي الذي اختاره الشعب التونسي بعد نجاحه في الإطاحة بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي والذي نجحت القوى السياسية في إنجاحه عبر توافق وطني تشارك فيه كل التيارات السياسية التونسية.
وفي الجلسة الافتتاحية الأولى للمصادقة على الدستور في المجلس الوطني التأسيسي، حضر نحو 192 من أصل 217 عضوا وبدؤوا التصويت على مواد الدستور التي يفترض أن تستمر عملية التصويت عليها لما لا يقل عن أسبوع.
وافتتح الجلسة الأولى مصطفى بن جعفر، رئيس المجلس التأسيسي، قائلا: “هذا دستور لكل الشعب التونسي. نحن نعمل جاهدين لإنهاء هذا المسار”، مؤكدا أن المجلس سيسعى إلى الانتهاء من المصادقة على الدستور قبل تاريخ 14 يناير الذي يوافق الذكرى الثالثة للإطاحة بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، مشيرا إلى أن “بالإمكان الوصول إلى موعد الانتخابات في ظرف 6 أو 7 أشهر إذا لم يحدث أي طارئ للبلاد”.
وكانت حركة النهضة، المشارك الأقوى في الائتلاف الحكومي، قد اتفقت مع أحزاب المعارضة على الانتهاء من تسليم السلطة إلى حكومة مؤقتة بحلول يوم 14 يناير، على شرط أن يصادق رئيس الوزراء الحالي، علي العريض، على الدستور قبل الاستقالة، وأن يتم تحديد موعد للانتخابات وتشكيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قبل ذلك التاريخ.
ورغم الخلافات الكثيرة التي دارت حول المادة الأولى من الدستور التي تنص على أن تونس “دولة حرة مستقلة ذات سيادة الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها”، قال أستاذ القانون الدستوري، عياض بن عاشور، المقرب من حزب نداء تونس المعارض، أن: التعديلات التي توصلت إليها لجنة التوافقات تجعل من الدستور تعدديا وديمقراطيا”.
وأما على الساحة الإعلامية، فقد توجه الإعلامي التونسي علاء زعتور بنقد لاذع للصحف التونسية قائلا: “الصحف التونسية النوفمبرية تهمل أهم حدث تاريخي انطلق يوم أمس (انطلاق المصادقة على الدستور) ولا تشير له ولو بربع عنوان في صفحاتها الأولى … الشروق … التونسية … الصريح … لم تُعر المسألة أي اهتمام وكأنه حدث عابر أو خبر عاديّ”.
في حين قال النائب في المجلس التأسيسي، أسامة الصغير: “اليوم نصنع التاريخ بالانطلاق الرسمي لجلسة المجلس التأسيسي حول مشروع الدستور التونسي”، مضيفا: “نريد بهذا الدستور تجميع كل التونسيين و التونسيات، لذلك رفضنا التصويت على أي معنى يؤكد على التمييز بين الجهات بل دستورا يعتز به كل التونسيين و التونسيات”.
كما توجه بالنقد إلى بعض مكونات المعارضة التي أثارت بعض الخلافات أثناء جلسة المصادقة على بنود الدستور: “يوما بعد يوما.. يثبت اليسار التونسي المتطرف عدم إيمانه بأدنى مبادئ الديمقراطية و الرأي المخالف “.