شهدت مدينة طرابلس اللبنانية حادثة مؤسفة تعرض لها المشهد الثقافي في ثاني أكبر مدن لبنان بعد أن قام مجهولون بإحراق أكبر مكتبات المدينة التي تضم قرابة ٨٠ ألف عنوان.
وكان الكاهن إبراهيم سروج من كنيسة الروم الأرثوذكس في طرابلس و مالك مكتبة السائح قد تلقى تهديدات من مجموعات مسلحة في أسواق المدينة، قبل يومين، على خلفية اتهامه بإصدار دراسة تسيء إلى النبي محمد، إلا أنه نفى علاقته بالأمر لاحقا.
ومنذ ثلاثة أيام، وبسبب هذا الاتهام، تعرض موظف يعمل بالمكتبة لحادثة إطلاق نار، فكان هذا بمثابة الإنذار الأول، وجاءت القاضية يوم أمس بإضرام النار في المكتبة.
البعض سمى ما حدث جريمة لم تحدث حتى خلال الحرب الأهلية اللبنانية.
بعض الصفحات على فيسبوك تحدثت عن الحادثة بشكل طائفي
فيما ناقش الكثير من اللبنانيين الأمر على شبكات التواصل واعتبر بعضهم أن إقحام الثقافة في الصراع الطائفي هو ضرب آخر من الجنون!
اقحام الكتاب و تدميره في صراعتنا السياسية لهو الجنون بعينه،العقل نعمة يا امة اقرأ.#احراق_مكتبة_السائح_لبنان
— نادر الدار (@aldarnader) January 5, 2014
SHAME SHAME SHAME
on those ignorants who burned such a gorgeous & old library, a treasure in #TripoliLB!#Lebanon pic.twitter.com/MMzSm2tZ8b
— Sara Assaf (@SaraAssaf) January 3, 2014
صحيفة الشرق الأوسط قالت عن الكاهن الأب إبراهيم سروج أنه أحد أشهر الشخصيات في طرابلس ومن أكثرها تقديرا لدى الناس، هو كاتب، ورجل دين، وناشر، وعاشق للقراءة. صمدت طوال الحرب الأهلية، مكتبته العريقة التي جمعها، كتابا تلو كتاب، منذ كان صغيرا، يشتري الواحد منها بقرش وقرشين. وأسس مكتبته مع شريكين، ليعود ويبقى فيها وحده، يديرها ويقبع في زواياها، ويحنو على مؤلفاتها كما الأب على أولاده. لملم مخطوطات من كل مكان استطاعه، وحصل على أقدم الكتب وأكثرها ندرة. وشغف بالقواميس القديمة بمختلف اللغات.
الرجل العروبي المنفتح، لم يسمع أحد في طرابلس يوما إلا عن نبله وحبه للعلم. مكتبة السائح هي أشبه بدهاليز وممرات ضيقة عليك أن تمر بين أرفها الشاهقة وأنت تبحث عن الكتب. وإذا ما أراد الأب سروج أن يبحث لك عن كتاب، فسيضطر على الأرجح لتسلق سلمه الخشبي ويصعد عاليا ليتناوله لك. هي ليست كالمكتبات الحديثة التي تعرفها، فكثير من كتبها لفت بالنايلون لحفظها من الرطوبة وغيرها وضعت في كراتين لعزلها. فصاحب المكتبة كل ما كان يهمه هو أن يحميها ويدافع عنها من عفن المكان القديم الذي اضطر لأن يضعها فيه. والآن يبدو أنه بات عليه أن يحمي ما تبقى من نوع آخر من العفن.
وكان الأب سروج في مقابلة تلفزيونية معه سابقا قال: “أنا كاهن رومي أرثوذكسي، أحمل لواء المسلمين وأجاهد معهم، كي يكونوا خير أمة أخرجت للناس”. ومما قاله سروج في معرض الحديث عن الاعتداء على مسيحيي الشرق: “هذا من الجنون والكفر والبهتان، وليس من الإسلام. نحن أخوة في هذا الشرق العظيم، وعلينا أن نتحد لنكون منارة العالم”.
هذه مقابلة أخرى ظهر فيها الأب سروج وتظهر فيه المكتبة الضخمة التي يملكها والمبنى الأثري الذي تقع فيه.
في المقابلة يتحدث الأب سروج عن الرغبة في إزاحته من المكان، ربما يكون الأمر جنائيا بلا بٌعد طائفي إذا، كما تقول اللبنانية سارة عساف على تويتر
Rumors saying Father Sarrouj was pressured 2 sell his library & said no. They created this story 2 demolish & sell the building.#TripoliLB
— Sara Assaf (@SaraAssaf) January 3, 2014
الحادثة تفتح الباب أمام احتمالات كثيرة تضفي على المشهد اللبناني المزيد من التعقيد، ذلك المشهد قال عنه أحد المسؤولين في تصريحات لجريدة النهار اللبنانية بأنه يشبه كثيرا ما يحدث في العراق.