ترجمة وتحرير نون بوست
قبل أسبوعين من الآن كان يستعد لأول مناظرة رئاسية، فقد كان مرشح الجمهوريين يقف ندا لند أمام هيلاري كلينتون استنادا لاستطلاعات الرأي. ولكن بعد الأداء العنيف وغير المتزن يوم 26 أيلول/ سبتمبر والأخطاء التي رافقته- منها تلك السلسلة السخيفة من تغريدات آخر الليل التي تهدف إلى إهانة سمعة ملكة جمال العالم سابقا، والتي استنكرت بدورها معاملته البغيضة لها. أدى ذلك إلى تراجع مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب بخمسة نقاط.
والآن حصل هذا:
في 7 تشرين الأول/ أكتوبر نشرت صحيفة واشنطن بوست، على موقعها، مقطع فيديو به تسجيلات لترامب لاقت استنكارا بسبب المستوى المتدني والسوقي الذي تحدث به. حفظت هذه التسجيلات أثناء حوار له مع المقدم التلفزيوني بيلي بوش في عام 2005 أثناء استعداد السيد ترامب للظهور في برنامج تلفزيوني للتحدث عن دوره البارز في المسلسلات التلفزيونية. كان السيد بوش، ابن عم جورج بوش الأب، يرافق السيد ترامب أثناء التصوير منذ البداية في الحافلة، حيث وصله بميكروفون.
يبدأ الحوار المسجل، الذي سرب إلى صحيفة واشنطن بوست من خلال مؤسسة أن بي سي، مع السيد ترامب وهو يصف محاولته إغراء إحدى ضيفات برنامج تلفزيوني الذي كان يستعد للظهور فيه قائلا: “لقد حاولت بالفعل أن أضاجعها، لقد كانت متزوجة”.
كان هذا بعد أربعة أشهر من زواجه الثالث بميلانيا، ثم واصل السيد ترامب كلامه قائلا: “اقتربت منها بشدة، أخذتها للتسوق في محلات الأثاث، فقد أرادت شراء بعض الأثاث وقلت لها سأريك أين يضعون الأثاث الجميل. سرت نحوها مثل العاهرة ولكني لم أنجح في بلوغ هدفي، فقد كانت متزوجة. ثم فجأة رأيتها بثدييها المزيفين الكبيرين ورأيت كل شيء”.
بدأ السيد بوش، الذي لم يكن على دراية بهذا التسجيل أيضا، يتباهى بما قام به ترامب قائلا، بنوع من التحريض والإعجاب بفتوة طالب طائش: “يا إلهي فتاتك جميلة كانت تلبس اللون الأرجواني”.
ثم قال ترامب بشيء من الميوعة: “من الجيد أني كنت ألوك علكة ‘تيك تاك’ في حال بدأت بتقبيلها، كما تعلم فأنا أنجذب آليا إلى الجمال –فأقوم بتقبيلهن مباشرة، إن الأمر كالمغناطيس. أقبل مباشرة ولا أنتظر. وعندما تكون نجما يسمحن لك بالقيام بهذا، يمكنك القيام بكل شيء”.
إلى هذا الحد يبدو السيد ترامب يتباهى بميله إلى العنف الجنسي خاصة عندما قال: “تجذبها إليك من الفرج حينها تستطيع القيام بكل شيء”!
ثم تبادل الطرفان تجربتهما مع ممارسة الجنس الاستعبادي السادي، عندما قال ترامب معلقا على المرأة التي أرسلت لتساعده: “نعم تلك السيقان، كل ما أراه هو تلك السيقان” وأعقب السيد بوش من بعده: “نعم إن مظهرهما جميل” ثم قال ترامب “تعالي أيتها القصيرة”، وأعقب بوش قائلا: “سيقان جميلة، صحيح”، ثم رد ترامب قائلا: “ابتعدي عن الطريق حبيبتي، تلك السيقان الجميلة. هيا واصلي”.
قال ترامب: “تبدو الأمور دوما جيدة” وهو يصف حال الاقتراب من الضحية مضيفا: “إن لم تقع طبعا من الحافلة. مثل فورد، جيرالد فورد، أتذكر؟”. في الحقيقة كان ذلك في القوات الجوية في إحدى المرات عندما تعثر على درج الطائرة. حقيقة يصعب التفكير في أن السيد ترامب سيضع يده الآن على تلك الطائرة.
لم يكن استماع الشعب الأمريكي للمرشح الأمريكي يتحدث عن لعق الفروج دور كبير قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية فحسب – قبل يومين من الظهور التلفزيوني في المناظرة الثانية في ميزوري يوم 9 تشرين الأول/ أكتوبر – ولكن كان أيضا لسلوكه المقيت خاصة مع النساء، اللاتي بدأن بالظهور كعملاء من أجل هزيمة السيد ترامب.
في غالبية حملته كان بغضه قاسما مشتركا لدى 70 بالمائة من نساء أمريكا –ولم يكن من الصعب معرفة السبب. السيد ترامب، الذي يتفاخر عادة بماضيه في الغزل، وصف النساء بـ”الكلاب” و”الخنازير”؛ كما قال أن منافسته في الانتخابات الابتدائية كانت بشعة؛ وعندما سئل عن تعليقاته المليئة بكراهيته للنساء خلال مناظرة تلفزيونية أجاب غاضبا “لا بد أن السائلة حائض”. والأهم أن السيد ترامب تأخر بشكل مستمر عن السيدة هيلاري كلينتون في أصوات النساء أكثر من تأخرها هي عنه في أصوات الرجال، وذلك بفضل محافظتها على مستوى قيادي محترم مقارنة به.
ولمعالجة هذا المشكل انتدب السيد ترامب مديرا جديدا لحملته الانتخابية وهي السيدة كيليان كونواي، في آب/ أغسطس، والتي تتميز بمستوى عالي في استطلاعات الرأي ومؤلفة كتاب “ما تريده النساء”. كانت السيدة كونواي تحاول أن تجعل من ترامب أكثر انضباطا وأكثر رأفة وأقل عدائية.
بدا أن الأمر ناجع للوهلة الأولى. فقد راقب نفسه؛ بعد مقتل 5 من رجال الشرطة في إطلاق نار في دالاس دعا إلى: “وحدة الصف والحب والرأفة” وقد تزامن هذا مع حوادث مؤسفة حدثت مع السيدة كلينتون أبرزها الالتهاب الرئوي الذي ساهم في تقدم ترامب على منافسته.
ولكن لم يدم هذا طويلا عندما أظهر ترامب أداء سيئا في المناظرة ولم يتمالك نفسه وبدأ في إظهار فتوته الفوضوية. وكما هو متوقع فقد أفسد الوضع خاصة في علاقته بالنساء. وقد أظهرت آخر استطلاعات للرأي أن كلينتون تسبق ترامب في أصوات النساء بـ20 نقطة ويسبقها هو في أصوات الرجال بـ12 نقطة.
ولكنها تسبقه أيضا في أصوات النساء البيض طلاب المعاهد بـ30 نقطة، على الرغم من ديماغوجية الرجل الثري التي تثير غضب الرجال البيض إلا أن الكثير منهم لم يلغي نزيف دعمه الكارثي.
باختصار ما حافظت هيلاري كلينتون على أسبقيتها عند النساء فستفوز حتما لتصبح أول امرأة رئيسا لأمريكا. وقد ساعدها السيد ترامب والسيد بوش على ذلك. من اعتقد أن السيد بوش مقدم برامج إخبارية في أن بي سي قد ينهي اللعبة بدور مؤثر جدا أكثر من ابن عمه جاب، الذي توقع العديد من الجمهوريون فوزه في الانتخابات؟
بعد أن أدرك مباشرة حجم المشاكل التي وقع فيها، قام السيد ترامب، الذي لا يعتذر غالبا، بالاعتذار: “لقد كانت غرفة مغلقة للمزاح، تبادلنا فيها حوارا خاصا منذ سنوات، لقد قالت هيلاري كلينتون أسوأ من هذا في ملعب الغولف- لم يقل حتى أن كلامها قريب من كلامه. أعتذر لكل من شعر بالإهانة”
على الرغم من إدانة حزبه له بشدة إلا أنه ظهر في 8 تشرين الأول/ أكتوبر في حملته الانتخابية الأولى في ويسكونسن مع بول ريان، المتحدث الجمهوري باسم مجلس النواب. وقد نصحه ريان بالبقاء بعيدا عوض إلقاء موعظة يفهم منها أنها الضربة القاضية.
قائلا: “صدمت بما سمعته اليوم، يجب أن تدعم المرأة وتبجل وليس أن تستخدم للشهوة فقط، آمل أن يعالج السيد ترامب الوضع من خلال إبراز جديته في العمل وأن يظهر للبلاد أنه يكن احتراما كبيرا للنساء على عكس ما ورد في هذا المقطع”.
كما قال السيد ميتش كونل، نظير السيد ريان في مجلس الشيوخ، وقائد أغلبية الجمهوريين، إنه منزعج وقال هذا النقد غير المألوف: “بصفتي أب لثلاث بنات، أؤمن بشدة أن على ترامب الاعتذار للمرأة والفتاة في كل مكان وأن يتحمل مطلق المسؤولية حول تصريحاته التي لا تحترم المرأة في ذلك الشريط”
كما صرح اثنين من الجمهوريين في الكونغرس وهما جاسن شافتز عضو في مجلس نواب أوتاه وباربارا كورنستوك ممثلة من فرجينيا أنهما سحبا دعمهما للسيد ترامب. وقد قام غاري هاربرت حاكم أوتاه بالشيء نفسه أيضا، وستتلاحق الانسحابات عند إعادة التفكير.
في الحقيقة يصعب رؤية ردة فعل المشرعين الجمهوريين بعد هذا الإحراج. قد يبدؤون بالبحث عن ضميرهم الضائع. فترامب لم يعد الفائز بل على النقيض.
المصدر: إيكونوميست