أصدر المركز القومي للترجمة في القاهرة الترجمة العربية لكتاب “التكالب على نفط إفريقيا” والذي كتبه الكاتب الأمريكي من أصل إيراني جون غازفنيان.
ويقول الكاتب إن سرعة الانتعاش النفطي الإفريقي أغرت شركات التنقيب وإن ثلث الاكتشافات النفطية الجديدة في العالم منذ عام 2000 حدثت في إفريقيا التي يتميز نفطها بجودته وسهولة ورخص تكريره -خاصة نفط غرب إفريقيا- عن خام الشرق الأوسط فضلا عن وجوده في منطقة آمنة فلا يوجد “ما يدعو إلى القلق بشأن قناة السويس” التي يمر عبرها نفط الخليج متجها شمالا عبر البحر المتوسط.
القارة -التي تضم أكثر من 50 دولة و2000 مجموعة عرقية و3000 لغة- توشك أن تقوم بدور أكبر في أمن الطاقة العالمي بما يؤهلها لأن تحافظ على “هدوء الأسواق” حيث تحرص أمريكا على تنويع موارد النفط الذي يمثل لها “هدفا بل هوسا” منذ حظر النفط عام 1973 بسبب الحرب بين العرب وإسرائيل.
لكن الكتاب الذي نُشر لأول مرة في عام ٢٠٠٧ لم يناقش فرص الولايات المتحدة في استقلالها في مجال الطاقة بعد صعود أسهم النفط الصخري وزيادة الإنتاج داخل أمريكا.
ويعيب الكاتب على بعض زعماء العالم حينها عدم الإدراك الكافي بإفريقيا مستشهدا بقول رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير عام 2001 إن “حالة إفريقيا… ندبة في ضمير العالم” وقول الرئيس الأمريكي السابق جورج دابليو بوش إن “دولة” إفريقيا يتفشى فيها المرض.
أحد أهم النقاط التي يناقشها الكتاب هو إن الغرب ومن أجل الحفاظ على تدفق النفط من الشرق الأوسط توصل “إلى تسويات مثيرة للجدل مع الحكام المستبدين” فتحولت القبائل البدوية إلى إمارات ثرية لا تعنى بالديمقراطية أو حقوق الإنسان أما إفريقيا فتواجه تحديا أكثر تعقيدا وخطورة ويتمثل في الدول الفاشلة أو التي “تترنح دوما على حافة الفشل”.
ويسجل جازفنيان تنبيه دعاة حقوق الإنسان إلى أن “الكثير من التسويات المهلكة التي تمت مع الحكام غير الديمقراطيين وغير المحبوبين في الشرق الأوسط يجري إعادته في كل أنحاء إفريقيا مع ما يحتمل أن يكون لذلك من نتائج مفجعة” وفي مقدمتها صراعات يحركها وعد الثراء للطرف الأقوى داخل الدولة الواحدة.
وتبدو أبرز تلك النتائج المفجعة في انفصال جنوب السودان وفي التوترات العرقية والاجتماعية الحاصلة في دول كثيرة في غرب ووسط إفريقيا.
وتُعد إفريقيا أكبر القارات التي تضم دولاً منتجة للنفط، حيث توجد بها 21 دولة منتجة، في مقابل 19 دولة في آسيا، و 19 دولة في أوروبا، و 10 دول في أمريكا الشمالية والجنوبية, وتنتج القارة الإفريقية في الوقت الراهن نحو 11% من النفط العالمي، بما يعادل حوالي 80 إلى 100 مليار برميل من النفط الخام, كما أنها تملك قدراً من الاحتياطات النفطية؛ ربما يصل إلى نحو 10% من الاحتياطي العالمي، حسب تقديرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
جدير بالذكر أن الولايات المتحدة تستورد 1.5 مليون برميل يومياً من غرب إفريقيا، وهي نفس الكمية التي تستوردها من المملكة العربية السعودية. وطبقاً لوزارة الطاقة في الولايات المتحدة، فإن واردات النفط الأميركية من إفريقيا ستصل في خلال هذا العقد إلى 770 مليون برميل سنوياً، في نفس الوقت الذي تتكثف فيه عمليات الاستكشاف في كافة أرجاء خليج غينيا، وتحاول الولايات المتحدة إقرار السلام في الدول المنتجة للنفط التي خربتها الحروب، مثل السودان وأنجولا، وتنشئ قواعد استراتيجية لحماية الإنتاج. ونتيجة لهذا فإن دول غرب إفريقيا المنتجة للنفط ستكسب ما يقدر بحوالي مائتي مليار دولار في غضون العقد القادم، وهو ما يفوق عشرة أضعاف المبلغ الذي تخصصه الدول الغربية مجتمعة كل عام للمعونات التي تقدمها للمنطقة.