ترجمة حفصة جودة
لدي الكثير من الأصدقاء على الفيسبوك وأنا فخور بهم، لكن العديد منهم لم أتحدث إليهم في الشارع أبدًا، وربما أحتاج لإعادة تقديم نفسي إليهم لكن هل أقرأ المقالات التي يشاركونها؟
إنها ليست أي نوع من المقالات، لكنها تلك المقالات المتعلقة بـ “الاعتماد على الذات”، تلك التي تدفعك نحو دوامة من التقييم الذاتي، وحتى لو كان هناك القليل من الأشياء المشتركة بيني وبين الشخص الذي شارك مقال بعنوان “كيف تدمر حياتك دون أن تلحظ لك”، وإذا كانت صورة المقال لفتاة تنظر للماء وكان العنوان حقيقيًا، فسوف أقوم بقراءته.
سوف أقرأ المقال حتى لو لم يحصل على كثير من الإعجاب، سوف أقرأه حتى لو لم أكن أعلم اسم الشخص الذي نشره، لأنه ماذا لو كنت على بعد نقرة واحدة من السعادة؟ ماذا لو أن ماتيلدا – إحدى المشاركات على الإنترنت من ولاية ويسكونسن وتعشق الخيل – تعرف شيئًا لا أعرفه؟ ماذا لو أن أسئلتها البلاغية تجعلني أدرك ما كنت أفقده؟
مثل هذه المقالات تقوم بتحليل وتقييم وجودنا باستمرار، لكي تشرح لنا أشياءً مثل: لماذا نشعر بالقلق، أو لماذا تخاف من قلبك، ولهذا السبب فإن مواقع مثل “Thought Catalog” – التي تم ضخها في وسائل التواصل الاجتماعية – حققت شعبية كبيرة في وقت قصير.
يتحدث مؤسس الموقع كريس لافرين، عن سبب بحث الناس عن المقالات الإرشادية فيقول: “حتى الأشخاص الساخرين والذين يشعرون بالملل يشعرون بهذه الأشياء بشكل مكثف، وهذا ما يجعل شباب جيل الألفية يتسامحون مع تلك النزعة العاطفية”.
تقول الطبيبة النفسية منيرة هايدرموتا إن حاجتنا المستمرة لتحسين ذواتنا أدت إلى فرط الوعي بصورتنا الخاصة، وأضافت “يبدو، إلى حدٍ ما، أن هذه ظاهرة جديدة، فقد ترّبى جيل الألفية في جو من المشاركة في صنع القرار والمساواة في العلاقات، لذا فهو بحاجة لتقييم اللآخرين لاستخدامهم كمعيار لتقييم الشعور بالذات، وهناك بعض “الثقة الجمعية” في جيلنا والتي تجعل جيل الألفية يشعر بالخصوصية نوعًا ما”.
“إنهم أبناء العصر الرقمي، ما جعلهم جيلاً اجتماعيًا، إنهم كذلك جيل يدرك قيمة الأشياء، ولذلك فهم لا يحبون استهلاك أي منتجات في صمت، فهم يقيّمون كل شيء ويقارنونه بغيره”.
كيتلين دو بريز، مدربة حياة، 28 عامًا
تقول مدربة الحياة – من جيل الألفية – كيتلين دو بريز: إن المشكلة الرئيسية التي يواجهها جيل الألفية ويطلبون المساعدة بسببها، هي “عدم الرضا الوظيفي”، فقد لاحظت أن الشباب يستمرون في وظائف لا يحبونها لأنهم يواجهون ضغوطًا خارجية مثل الأسرة والأصدقاء.
انتشار مقالات مثل “لقد تركت العمل للسفر حوال العالم” تحاكي تلك المشاعر، لكنها للأسف لا تقدم أي نوع من الدعم.
وأضافت بريز: “أعتقد أن تحقيق حلمك أمر مهم، لكن وجود طريقة واقعية لتحقيقه لها نفس القدر من الأهمية، فمقالات مثل “لقد تركت عملى للعيش في باربادوس ولم أكن أكثر سعادة من الآن” جيدة، لكن إذا كنت ترغب في ذلك حقًا، فيجب أن تضع خطة لتحقيق ذلك”.
تعتقد بريز أن جيل الألفية يشعر بسعادة عندما يتعلق الأمر بمشاركة المعلومات، والتي لا يتم ترجمتها إلى أفعال غالبًا في الحياة الحقيقية، ففي عصر الإنترنت ومع توافر الكثير من المعلومات، نحن بحاجة إلى التمييز بين ما هو صواب وما هو خطأ.
وترى هايدرموتا أن الإفراط في التحليل له تأثير ضار وقد يمنعنا عن العمل لأننا نبحث عن “الحل الأمثل”، الإفراط في التحليل قد يؤدي إلى شلل في الأداء.
على أية حال، يتفق كلا الخبيرين على أن هذا الأمر جيد للصحة النفسية، فجيل الألفية يضع حياته الخاصة كأولوية قبل الطموح الوظيفي، وذلك على عكس الأجيال السابقة، تقول هايدرموتا “لقد لاحظت أن الشباب عندما يكتشفون أنهم غير سعداء بوضعهم الحالي، فهم يدركون أنهم ليسوا بحاجة للقيام بما قام به آباؤهم والاستمرار في نفس الوظيفة لمدة 30 أو 40 عامًا”، وترى بريز وهايدرموتا أن انجذابنا للتقييم الذاتي وتغيير حياتنا يجعلنا أشخاصًا أفضل.
تقول هايدرموتا: في بعض الأوقات كنا نصف جيل الألفية بأنه “جيل: نفسي، نفسي” وأن لديه هاجسًا ذاتيًا ونرجسية، لكن هذا الأمر جعلهم أكثر تقدمية في آرائهم وتقدير التنوع، كان أنهم متحمسون بشأن المساواة ولديهم وعي بتحسين الذات دون الإساءة لجماعة أو قيمة معينة.
بينما تقول دو بريز إن اكتشاف أنفسنا عن طريق المقارنة هو وسيلة للتعامل مع الضغوط الاجتماعية من قِبَل أسلافنا، وتعتقد أن هذا النظام قد تم إنشاؤه لتحقيق مكاسب وقوة شخصية، دون التركيز على الاستدامة البيئية والصحة النفسية.
وأخيرًا تقول: “أرى أن وسائل الإعلام تقوم بمهاجمة جيل الألفية لأنه لا يسير على نهج الأجيال السابقة، لكن المجد لنا ولتغيير اهتماماتنا واكتشاف مشاعرنا، وأننا نريد أن نكون شيئًا مختلفًا”.
المصدر: فايس