قررت اللجنة المشرفة على الحوار الدائر في موريتانيا، بين السلطة الحاكمة وبعض أحزاب المعارضة تمديد أعمال الحوار أسبوعا ثاني. وكان من المنتظر أن تنتهي جلسات الحوار الذي تنظمه الحكومة وتقاطعه المعارضة التقليدية، يوم أمس الثلاثاء، إلا ان اللجنة المشرفة عليه ارتأت تمديد أعماله الى غاية الثلاثاء المقبل.
ويناقش المشاركون في هذا الحوار الذي تقاطعه أكبر أحزاب المعارضة الموريتانية، مجموعة من القضايا أهمها تعديل الدستور بما يسمح بترشح الرئيس لولاية رئاسية ثالثة ومراجعة النظم والقوانين المتعلقة باللجنة المستقلة للانتخابات وكيفية تكوينها ومؤسسة المعارضة والشفافية فى تمويل الأحزاب السياسية، وجلسات البرلمان ومراجعة قوانين إنشاء الأحزاب السياسية. بالإضافة إلى مناقشة مسائل تتعلق بسن المترشح ومجلس الشيوخ ومراجعة الهيئات الدستورية كالمجلس الإسلامى الأعلى ومحكمة العدل السامية والمجلس الدستورى والمجلس الاقتصادى والاجتماعى ومراجعة تمثيل الولايات.وأخرى تتعلق بدولة القانون والسياسات الزراعية والإصلاح العقارى والسياسات المعدنية والصناعية. إلى جانب مواضيع متعلقة بالتشغيل ودور المجتمع المدنى فى تعزيز الديمقراطية وتقوية وترسيخ الوحدة الوطنية.
تعديل الدستور يعرقل جلسات الحوار
هذا الحوار جاء بعد سنتين من دعوة الرئيس الموريتاني لانعقاده لأجل حل الأزمة السياسية، التي تعيشها بلاده منذ وصوله إلى الحكم سنة 2008 عقب الانقلاب، إلا انه يشهد مقاطعة أحزاب المعارضة المنضوية تحت ما يعرف بـ”المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة”، بالإضافة إلى “حزب تكتل القوى الديمقراطية”؛ التي رفضت المشاركة في هذا الحوار بسبب انعدام ضمانات حقيقية لتطبيق مخرجاته وفقا لما يتوافق عليه كما حدث في مرات سابقة, حسب قولهم.
ويريد النظام الحاكم إدخال تغييرات واسعة على نمط الحكم، تتضمن استحداث منصب نائب للرئيس، وإلغاء مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية من البرلمان)، وتغيير علم البلاد ونشيدها، كما جاء في وثيقة مسودة الحوار.
ورغم خلو وثيقة الحزب الحاكم المقدمة للحوار من أي ذكر للولاية الثالثة أو سن ترشح الرئيس، فقد برزت دعوات لقادة في الحزب الحاكم والأغلبية الداعمة للرئيس للترفيع في عدد الولايات. على غرار تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد الأمين ولد الشيخ، الذي قال فيه إنه ليست هناك مواد دستورية محصنة عن الشعب، وإن الشعب هو من خلق الدستور، وبإمكانه إلغاؤه. الأمر الذي جعل حزبان مشاركان في الحوار عن معارضة الوسط يهددان بالانسحاب من جلساته احتجاجاً على قضية الولايات وعلى تصريحات الناطق الرسمي الحكومي حولها.
مقترحات تعديل الدستور الموريتاني التي تفضي للسماح للرئيس محمد ولد عبد العزيز بولاية رئاسية ثالثة، قوبلت بالرفض من قبل أكبر أحزاب المعارضة التي اتهمت النظام الحاكم في بيان نشرته أمس بتدبير “انقلاب على الدستور من خلال حواره المزعوم كما فعل قبل سنوات… الاستمرار في اختطاف البلاد عن طريق دستور جديد يكرس سلطة الفرد ويفسح المجال للالتفاف على المواد المزعجة للاستبداد في الدستور الحالي.”
وجاء في نفس البيان إن “هذا التطور، الذي بدأ تحضيره من داخل جلسات المسرحية الجارية في قصر المؤتمرات، بالغ الخطورة وينبئ بما يحضر لهذا البلد من تهديد لاستقراره ومستقبله، فأي حديث عن فتح الولايات المحصنة يفتح قنوات كانت قد أغلقت ويفتح على البلاد أفقاً شاهدنا كيف هدد دولاً ووضع استقرارها في مهب الرياح.”
المعارضة الموريتانية تربط مشاركتها في أي حوار بشرطين
وحذرت المعارضة من العبث بالدستور مؤكدة في بيانها أن “الدساتير ليست مجرد ورقة تلغى أو تعدل كل وقت وتخترق كل حين، بل هي وثيقة أساسية لا تغير إلا في أجواء التوافق ولتحقيق أهداف جامعة للوطن، لا لتلبية رغبات شخصية ومصالح ضيقة؛ وقد أثبتت هذه التطورات الخطيرة صحة موقف المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة عندما رفض الدخول في حوار بدون تحضير مشترك وبدون ضمانات تحصن البلاد من العبث بمصيرها كما يخطط له النظام عن طريق حواره الحالي”.
في ذات السياق استنكر حزبا الوئام الديمقراطي الاجتماعي و التحالف الشعبي التقدمي (معارضة الوسط ) المشاركان في الحوار، كلام الوزير الداعي الى تعديل الدستور بما يسمح للرئيس الحالي بولاية ثالثة.
وكانت المعارضة الموريتانية قد ربطت مشاركتها في جلسات حوار مع النظام بتوفر شرطين، أولهما، أن تكون هي نفسها طرفا أصليا في التحضير وتصور الشكل والآليات وتحديد المواضيع والاتفاق على المشاركين، بعيدا عن دعوات الطابع الكرنفالي الذي يُفقد الجدية والتوازن ويؤدي للتمييع ويهيئ للمخرجات المشبوهة، أما الثاني هو توفر الضمانات الكافية للحوار خصوصا تلك التي تضمن حياد الدولة والإدارة وأجهزتهما وتخلق أجواء الشفافية وتكافؤ الفرص في أي استحقاق انتخابي منتظر وأن يفضي الحوار إلى آليات واضحة وتوافقية لتنفيذ ومتابعة المخرجات.”
وفاز ولد عبدالعزيز الذي وصل إلى السلطة للمرة الأولى في انقلاب العام 2008 بفترة ثانية مدتها خمس سنوات بنسبة 82 بالمائة من الأصوات في 2014. ويمنعه الدستور طبقا للمادتين 26 و28 واللتين تم تحصينهما بالمادة 99 من الترشح لفترة أخرى..
الحوار الخامس منذ انقلاب 2008
يعتبر الحوار الحالي المقام في العاصمة نواكشوط، الخامس في موريتانيا منذ انقلاب 2008، حيث نظّم نظام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز أربع حوارات أولها حوار حزيران/ يونيو 2009 الخاص بحل أزمة الإنقلاب والثاني حوار 2011 مع معارضة الوسط الذي تمخض عن إصلاحات دستورية قانونية وقاطعته المعارضة الجادة، والثالث، حوار 2013 الذي أسفر عن انتخابات تشريعية قاطعتها المعارضة وشارك فيها الإسلاميون، والرابع حوار 2014 الخاص بالانتخابات الرئاسية وقاطعته المعارضة. وشهدت السنة الماضية ومستهل السنة الجارية اتصالات متقطعة بين الحكومة والمعارضة للتحضير للحوار الحالي حيث لم يتفق الطرفان على أي شيء.
هذا الحوار يشهد مقاطعة عديد الأحزاب الكبيرة ومنظمات المجتمع المدني
ومن أبرز المشاركين في هذا الحوار، إلى جانب “حزب الاتحاد من أجل الجمهورية” الحاكم, حزب التحالف الشعبي التقدمي بقيادة مسعود ولد بلخير، وحزب الوئام بقيادة بيجل ولد حميد، وحزب التحالف الديمقراطي بقيادة يعقوب ولد أمين، وحزب الصواب بقيادة عبد السلام ولد حرمه، ومجموعة وازنة من حركة المشعل الأفر، وبعض القياديين المنشقين عن أحزاب المنتدى المعارض»، وعشرات الممثلين للنقابات ومنظمات المجتمع المدني، ومندوبون عن الجاليات الموريتانية في الخارج.
وتقاطع هذا الحوار نقابات وازنة وشخصيات مرجعية، كما تقاطعه أطراف سياسية مهمة بينها مؤسسة المعارضة وهي مؤسسة رسمية يرأسها حزب التجمع (الإسلاميون)، وحزب تكتل القوى الديموقراطية بزعامة أحمد ولد داداه، وحزب «عادل» برئاسة رئىس الوزراء الأسبق يحيا ولد الوقف، وحزب «تواصل» (إخوان موريتانيا)، وحزب اتحاد قوى التقدم برئاسة محمد ولد مولود، وحزب حاتم برئاسة صالح ولد حننه.