أتت أنباء من ليبيا تتحدث عن قرب حدوث انقلاب في العلاقات التي تجمع بين عناصر السلفية المدخلية وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بعد ورود الأخبار عن اعتقال قوات حفتر لعدة عناصر من عناصر المدخلية المقاتلين، وقتل البعض الآخر في اشتباكات.
يقاتل بجانب قوات حفتر عدة عناصر سلفية مدخلية أبرزها كتيبة التوحيد، وهي كتيبة مسلحة بمختلف أنواع الأسلحة تضم أعدادًا من السلفيين من أتباع التيار المدخلي في بنغازي والمنطقة الشرقية.
هذه الكتيبة تأتمر بأوامر قادة ما يعرف بـ “عملية الكرامة” للواء المتقاعد حفتر، وتسميتهم بالمداخلة نسبة إلى ربيع المدخلي أحد منظري هذا التيار في السعودية، وتأسست كتيبة التوحيد السلفية في بنغازي مع بداية المواجهات مع قوات حفتر في مايو من عام 2014، ولديها مقاتلون موزعون في عدد من محاور القتال، ولم يقتصر قتالهم مع قوات حفتر في بنغازي فحسب، بل إنهم يقاتلون مع موالين لحفتر في مدينتي إجدابيا ودرنة ولديها مقرات في بنغازي.
ولا يعرف من هم أبرز قيادات هذا الكتيبة في بنغازي، غير أن عددًا من قادتها البارزين لقوا مصرعهم في مواجهات سابقة مع قوات مجلس شورى ثوار بنغازي.
الذراع الديني لقوات حفتر
كتيبة التوحيد السلفية هي الجناح الديني لقوات حفتر، حيث توفر له الغطاء الشرعي وتسميه “ولي أمر”، وتوفر له الفتاوى التي تدعمه في حربه، كما إنها تعتبر أن الحرب التي يقودها حفتر في إجدابيا ودرنة وبنغازي، مقدسة وجائزة شرعًا بموجب نصوص قرآنية ونبوية.
كما ترى كتيبة التوحيد السلفية أن من يقاتلهم حفتر هم “خوارج مارقون عن الدين ويجب قتالهم شرعًا، بحسب قولهم في تصريحات سابقة، كما إنهم يوظفون الآيات القرآنية والأحاديث النبوية خدمة دعمًا لحفتر وقيادات مليشياته.
سيطر السلفيون المداخلة على مقرات وزارة الأوقاف في بنغازي والمنطقة الشرقية، وعينوا عددا كبيرا من أتباع هذا التيار أئمة وخطباء بالمساجد، ويمكن القول إن سيطرة السلفيين المداخلة على المساجد يأتي في سياق خطة مبرمجة لتوجيه الخطاب الديني الإسلامي خدمة لهذا التيار وإيديولوجيته، كما أنه بنفس الوقت بسيطرتهم على المساجد يواصلون دعمهم لحفتر في حربه وتعبئة الشارع في بنغازي والمنطقة الشرقية.
وقد ذكر شهود عيان أن هناك أئمة مساجد وخطباء سلفيون مداخلة يقنتون في الصلوات بالدعاء لحفتر بالنصر والهزيمة لمن يصفونهم بـ”الخوارج المارقين”.
حيث يعتقد مسلحو كتيبة التوحيد السلفية أن حفتر هو القائد العام للجيش الليبي، ولا يجوز التحريض عليه، ولا انتقاده لأنه مكلف من ولي الأمر الشرعي، كما إنهم يرون أن الطعن في حفتر هو “طعن في الولاية الشرعية التي ارتضاها الليبيون، وهذا من منهج الخوارج، بحسب قولهم.
مناصرة السلفيين في بنغازي لخليفة حفتر، وقتالهم معه ودعمهم له أعطى المعركة في المدينة “بعدًا عقائديًا”، علاوة على بعدها الجهوي والمناطقي، وهي من أكبر الخدمات التي قدمت لحفتر ومليشياته في الصراع مع الثوار الإسلاميين في ليبيا.
ومن المعروف عن السلفيين المداخلة عدم مشاركتهم في ثورة 17 فبراير الليبية، بل وحث الناس على عدم الخروج ضد النظام السابق بحجة أن معمر القذافي ولي أمر تجب طاعته.
تكهنات بأسباب الانقلاب على حفتر
يرى مراقبون للأوضاع في ليبيا أن الخلاف بين المملكة العربية السعودية ودولة مصر قد يُلقي بظلاله على الأوضاع في ليبيا، خاصة وأن تيار السلفية المدخلية معروف بموالاته للتوجهات السعودية بشكل كبير، وأي تحرك مضاد بعيدًا عن حفتر، لن يبتعد كثيرًا عن الأوامر السعودية.
حيث كشف فيديو مسرب سابقًا عن تشكيل مجموعات سلفية مسلحة تابعة للداعية السعودي ربيع بن هادي المدخلي للتعاون مع اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، وتقول المصادر التي سربت الفيديو أن هذا المعسكر بالقرب من الحدود المصرية ويشرف عليه الجيش المصري.
وتداول ناشطون مقطع فيديو آخر لمكالمة هاتفية للداعية السعودي محمد بن ربيع هادي المدخلي عبر قناة البصيرة وهو يؤيد تحركات حفتر ويدعوه إلى اعتقال رؤوس الإخوان المسلمين الكبار حتى يمشي الشعب وراءه كما فعل السيسي في مصر.