تؤكد عديد المصادر المقربة من الرئاسة التونسية، عزم رئيس تونس الباجي قائد السبسي، إطلاق مبادرة سياسية جديدة يهدف من ورائها إلى مساندة حكومة يوسف الشاهد، والحد مما يصفه البعض بهيمنة حركة النهضة الإسلامية على المشهد السياسي العام في البلاد.
انقسامات حركة نداء تونس وأزماته المتكررة حتمت على مؤسس الحزب، الرئيس الحالي للبلاد، البحث عن حلول لتفادي انهيار الحزب وهيمنة حركة النهضة على المشهد السياسي التونسي.
تأتي المبادرة السياسية الجديدة التي يعتزم السبسي إطلاقها في إطار “حزب وحدة وطنية“ على أنقاض النداء، وجمع أكثر ما يمكن من القوى العلمانية المعادية لحركة النهضة الإسلامية، وتهدف هذه المبادرة التي بدأت ملامحها تتشكل منذ وقت قريب من خلال سلسلة من اللقاءات والمشاورات التي أجراها السبسي مع عدد من القيادات السياسية حسب مقربين من قرطاج، إلى إرباك حركة النهضة وإضعافها.
يرى الرئيس التونسي أن الحدّ من هيمنة حركة النهضة التي ما انفكت تستعرض قوتها الجماهيرية والاتصالية لا يمكن إلا من خلال حزب سياسي جديد
جدير بالذكر أن حركة النهضة الاسلامية تحتل المرتبة الأولى في البرلمان التونسي بـ 69 نائبًا، تليها حركة نداء تونس بـ 67 نائبًا بعد انسحاب عديد من النواب من كتلته التي تشهد صراعات عديدة، ويرى الرئيس التونسي أن الحدّ من هيمنة حركة النهضة التي ما انفكت تستعرض قوتها الجماهيرية والاتصالية لا يمكن إلا من خلال حزب سياسي جديد يجمع بين قوى سياسية علمانية ويسارية معادية للإسلام السياسي.
وتدور الآن جلسات سرية وأخرى علنية في قصر قرطاج وأماكن أخرى، لبحث سبل بعث جبهة تكون بمثابة حزام وسند سياسي وحزبي لحكومة يوسف الشاهد، بعد أن لوّح زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي في وقت سابق من إمكانية سحب الثقة من الشاهد، إذا لم يلتزم هذا الأخير وحكومته بوثيقة قرطاج التي جاء من أجل تطبيقها.
والتقى قائد السبسي بعدد من القيادات السياسية المناوئة للنهضة ومن ضمنها القيادي بالجبهة الشعبية منجي الرحوي وأيضًا بالناطق باسم الجبهة حمة الهمامي، كما التقى بقيادات من مشروع تونس الذي أسسه مستشاره السابق والأمين العام السابق للنداء محسن مرزوق وسليم الرياحي رئيس الحزب الوطني الحر الذي كان مشاركًا في حكومة الحبيب الصيد السابقة.
ترى حركة النهضة في انفتاح الباجي قائد السبسي على القوى العلمانية ومساعيه لإطلاق مبادرة جديدة، رسالة موجهة إليها تهدف إلى تضييق الخناق عليها
ومن المنتظر أن يلتقي السبسي، قريبًا، مع قيادات سياسية وممثلين عن الكتل البرلمانية بهدف المزيد من التشاور حول كيفية إعادة التوازن للخارطة السياسية ونسج حزام سياسي قوي يسند حكومة يوسف الشاهد التي عجزت إلى الآن عن إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية التي تمر بها بلاده، ويؤكد خبراء تونسيون أن فشل السبسي في احتواء أزمات حزب نداء تونس والمحافظة على وحدته التنظيمية والقيادية، حتم عليه البحث عن بديل لهذا الحزب لمواجهة حركة النهضة، ويقول مقربون من السبسي إن التقارب مع حركة النهضة ومشاركتها الحكم ليس تحالفًا استراتيجيًا وإنما أملته متغيرات معينة ينتهي بانتهائها.
من جانبها ترى حركة النهضة في انفتاح الباجي قائد السبسي على القوى العلمانية ومساعيه لإطلاق مبادرة جديدة، رسالة موجهة إليها تهدف إلى تضييق الخناق عليها من خلال بناء قوة سياسية تتكون من خصومها، ورغم إقرار قيادات من حركة النهضة بوجود خلافات بين السبسي والغنوشي، غير أنه كثيرًا ما تم التقليل من شأنها، في ظل إصرار زعيم الحركة الشيخ راشد الغنوشي على مواصلة نهج التوافق الذي بدأه صيف 2013 لتجنيب تونس ويلات الانقسام والاستقطاب الثنائي التي يمكن أن تهدد استقرار البلاد.