نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية مقالا للكاتب روبرت فيسك يناقش فيه دور الولايات المتحدة في الحرب الأخيرة التي تشنها دول العالم العربي وخاصة الخليج على القاعدة في الشرق الأوسط.
وافتتح فيسك، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، مقاله بالقول أن “هذه هي المرة الأولى في التاريخ الحديث التي تتجلى فيها “الوحدة العربية” بهذه الصورة.، فلأول مرة تخوض دول الشرق الأوسط “الحرب على الإرهاب” وحدها، بدون مستثمري تلك الأنظمة في الغرب”
بالطبع الطائرات الأمريكية بدون طيار تساعد في قصف الأعراس في اليمن، والأهالي المدنيين في باكستان، وأحيانا بعض عناصر القاعدة. لكن الآن الجنرال السيسي في مصر، وبشار الأسد في سوريا، ونوري المالكي في العراق وحسن روحاني في إيران وحتى الرئيس الذي لا يملك من أمره شيئا ميشيل سليمان في لبنان، كلهم الآن يصدرون للعالم أنهم يحاربون “الإرهاب”
وقال الكاتب أن جون كيري، وبشكل هزلي للغاية، يدعم الثوار العلمانيين الذين يقاتلون ضد بشار الأسد، الذين بدورهم يقاتلون ضد الإسلاميين الذين يقاتلون ضد بشار الأسد، مع أن الأمريكيين يريدون أيضا سقوط بشار الأسد!
وفي الوقت نفسه يغدق السعوديون الأموال على سوريا لدعم الدولة الإسلامية في العراق والشام المرتبطة بالقاعدة، وفي نفس الوقت يدعمون السيسي في القاهرة بمليارات الدولارات لمحاربة هؤلاء أنفسهم الذين يدعمونهم في سوريا، لكن في سيناء هذه المرة.
في لبنان الوضع لا يختلف كثيرا، قبل أسبوع ألقى الجيش القبض على ماجد الماجد، المطلوب الأول لدى السعودية. قالوا أنهم سيحتجزونه للكشف عن حمضه النووي للتأكد من أنه هو هو، هذا كان بعد أيام من اتهام اللبنانيين الشيعة للسعودية بتفجير سيارتين أمام السفارة الإيرانية، وبعد أن اغتيل السياسي السني محمد شطح. على كل حال، بشكل معجز، أعلن اللبنانيون عن وفاة ماجد الماجد بفشل كلوي، وأعلنت السعودية عن دعم جيش لبنان بـ٣ مليارات دولار
في العراق كذلك، يحارب المالكي الآن “القاعدة” في الفلوجة والرمادي. التاريخ يعيد نفسه، هاتين المدينتين تم احتلالهما ثلاث مرات بواسطة البحرية الأمريكية بعد الغزو في ٢٠٠٣، وفي كل مرة كان الأمريكيون يعلنون عن اجتثاث القاعدة، لكن الحقيقة أنهم دمروا المدينتين. الجيش الشيعي العراقي يقاتل السنة في الفلوجة والرمادي، الذين بدورهم يقولون أنهم يحاربون القاعدة في مدنهم!
حتى الآن، تعترف الدولة الإسلامية في العراق والشام بأنها تقاتل على ثلاث جبهات: سوريا ولبنان والعراق. أخيرا لدينا وحدة عربية!! بالنسبة لأمريكا فإنها ستظل تدعم الجيش الحر الذي يقاتل القاعدة التي تقاتل الأسد الذي تريد أمريكا إقصاءه.
في مصر، أصدقاء أمريكا من الإخوان المسلمين صاروا على قائمة الإرهاب، بواسطة السيسي الذي يدعمه السعوديون أصدقاء أمريكا كذلك!
إن كل تلك الأحداث يجب أن تضع حدا للصور النمطية والأكاذيب اللفظية التي يستخدمها العالم للترويج للـ”حرب على الإرهاب” وكل “الكليشيهات” المشابهة. الأمر أعقد كثيرا مما يبدو عليه!