تونس في طريقها لاحتجاجات جديدة

تتجه العلاقة بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة التونسية إلى حلقة جديدة من التوتر نتيجة اقتراح الحكومة بتجميد أجور موظفي القطاع الحكومي خلال سنتي 2017 و2018؛ الأمر الذي ترفضه المركزية النقابية على اعتبار أنه يهدد السلم الاجتماعي في البلاد وتراجع عن اتفاقيات سابقها بينها وبين الحكومة.
الاتحاد العام التونسي للشغل رفض اقتراح حكومة بلاده القاضي بتأجيل صرف زيادة رواتب موظفي القطاع العام للثلاث سنوات القادمة، معتبرًا في بيان له، الاقتراح “تعديًا على أجور العمال وضربًا لمصداقية التفاوض وزعزعة للاستقرار الاجتماعي ومخالفة لوثيقة اتفاق قرطاج التي تشكلت على أساسها حكومة الوحدة الوطنية”.
ونصت “وثيقة قرطاج”، التي جاءت على إثرها حكومة الوحدة الوطنية، على ضرورة إرساء معالجة تشاركية تؤمن استقرار المناخ الاجتماعي والمحافظة على المقدرة الشرائية للأجراء عبر احترام آلية المفاوضات الاجتماعية ودعم إنتاجية المؤسسات الاقتصادية وضمان تحقيق الأولويات الوطنية”.
تسعى الحكومة التونسية إلى خفض العجز في موازنة الدولة عبر “إجرءات تقشفية” سيتضمنها قانون المالية للعام المقبل
وطالبت الهيئة الإدارية لاتحاد الشغل “بتدقيق المالية العامة ونشر المعطيات وتمكين المواطنين وكل المعنيين من الاطلاع عليها حتى يتم توحيد المعلومات والتشخيص وضبط السبل الكفيلة للخروج من الأزمة”.
وتسعى الحكومة التونسية إلى خفض العجز في موازنة الدولة عبر “إجرءات تقشفية” سيتضمنها قانون المالية للعام المقبل، وسط دعوات من صندوق النقد الدولي إلى إعادة ضبط النفقات العامة وتوجيهها نحو الاستثمار وتنمية المحافظات الداخلية.
ووضع يوسف الشاهد خطة لتأجيل صرف الزيادات في المرتبات المقررة في بداية العام المقبل ضمن حزمة من الإصلاحات الاقتصادية، تتضمن أيضًا رفع الضرائب وخفض الدعم ورفع أسعار الكهرباء، يعتزم تنفيذها تحت ضغط مقرضين دوليين وهو ما رفضه اتحاد الشغل.
ومن المرجح أن يتسبب تجميد الأجور في تونس بأزمة اجتماعية بين الحكومة ورجال الأعمال من جهة ونقابات العمال وممثلي العاطلين من العمل من جهة أخرى، حسب عديد من الخبراء، ويخشى العديد من عودة الاحتجاجات والإضرابات.
ويحذر خبراء من إمكانية تأثير تجميد الزيادة في الأجور بشكل كبير على المقدرة الشرائية للمواطن، خاصة أن الحكومة لم تعلن في المقابل عن تجميد الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية، ويرى محللون أن تجميد الزيادة في الأجور سيخنق الاستهلاك ويقلص من نسقه وهذا يؤثر بدوره على الإنتاج وعلى استخلاص الضرائب وأيضًا على التصدير.
أشارت آخر البيانات الإحصائية إلى أن نسبة النمو خلال الربع الثاني من العام الحالي بلغت 1.4%
وتعادل الأجور في تونس حوالي 13.5% من الناتج المحلي الإجمالي وهي من أعلى المعدلات في العالم، وفقًا لتقارير صادرة عن صندوق النقد الدولي، فيما يضم القطاع العام نحو 800 ألف موظف.
ويمر الاقتصاد التونسي بمرحلة صعبة وقد أشارت آخر البيانات الإحصائية إلى أن نسبة النمو خلال الربع الثاني من العام الحالي بلغت 1.4%، وتقول الحكومة إنها تحتاج حتى نهاية العام إلى تمويلات إضافية تتجاوز قيمتها نحو 2.2 مليار دينار (995 مليون دولار) لتمويل العجـز في موازنـة الدولة لكامل السنة الحالية، التي قدرت لسنة الحالية بنحو 29 مليار دينار (أي ما يعادل 15 مليار دولار).
وسبق للأمين العام للاتحاد حسين العباسي أن أكد أن التنكر للالتزامات لا يساعد على الحوار وهي عوامل تدفع إلى التشنجات وإلى انعدام الاستقرار الاجتماعي في وقت تحتاج فيه البلاد إلى ذلك.
وتأتي هذه التطورات وسط تحذيرات من اندلاع احتجاجات اجتماعية في المحافظات الأكثر فقرًا جنوب البلاد وغربها نتيجة انتشار البطالة والنقص الكبير في التنمية، بخاصة إذا لم تتخذ حكومة الشاهد إجراءات لمصلحة هذه المناطق قبل نهاية العام.
يتضمن مشروع القانون إجراءات، وصفت بالقاسية، للحد من التهرب الضريبي وتحقيق العدالة الجبائية
وينظر البرلمان نهاية هذا الأسبوع في مشروع قانون الموازنة للسنة المالية القادمة، والذي يتوقع أن يحمل في طياته الكثير من الإجراءات التي قد تساعد في توفير الأموال لخزينة الدولة، من أجل استرجاع النشاط الاقتصادي للبلاد.
ويتضمن مشروع القانون إجراءات، وصفت بالقاسية، للحد من التهرب الضريبي وتحقيق العدالة الجبائية وإدراج كل المطالبين بدفع الضرائب في الدورة الجبائية المقننة من قبل الدولة وأن يكون استخلاص الضرائب عامًا وإجباريًا.
وتتجه الحكومة نحو رفع تعريفة الكهرباء والماء وزيادة الضرائب على جولان السيارات بنسبة 25%، كما أن هناك احتمالاً كبيرًا بألا تقوم بتوفير فرص عمل في القطاع العام.