ترجمة من الفرنسية وتحرير نون بوست
شنّت حركة طالبان عدة هجمات ضد بعض المدن الأفغانية في الأسابيع الأخيرة من شهر سبتمبر/أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول لسنة 2016، حيث تبدو قوة طالبان طاغية في هذه المنطقة أمام قوة الجيش الأفغاني الهشة بسبب الانشقاقات التي أنهكت قواه وتخاذل قواته في القيام بمهامها، ولذلك ينعته البعض أنه بمثابة “أشباح جنود”.
غادر أحد المواطنين الأفغان، يُدعى محسن، مدينة قندوز في أوائل أكتوبر/ تشرين الأول مع بداية هجوم تنظيم طالبان على مدينته التي تقع في شمال شرق أفغانستان، والذي أفاد أن صاروخا قد استهدف بيت أحد جيرانه وأدّى إلى مقتل بعضهم وإصابة آخرون.
فرّ محسن من مدينة قندوز، بعدما قتل رجال طالبان زوجته في سنة 2015، عندما كانت على مقربة من بلدة حدودية مع دولة طاجيكستان. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الرجال قد لجئوا للمرة الثانية إلى مدينة كابول مع غيرهم من سكان مدينته خلال هذين العامين.
وفي هذا السياق، أعرب أحد ناشطي المجتمع المدني، أثناء انعقاد اجتماع حاشد في العاصمة الأفغانية، عن شعوره بالغضب والحيرة من كيفية تمكن قوات طالبان من الدخول بسهولة إلى مدينتهم، فقد تمكنت القوات الأفغانية في نهاية المطاف من إعادة السيطرة على مدينة القندوز خلال الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر/ تشرين الأول بعد عشرة أيام من القتال. ولكن مازالت العديد من المدن مهددة من هذا الخطر التي تشكله قوات طالبان، التي تشدد الخناق حول محافظة بغلان وبعض الطرق المؤدية إلى كابول.
كما استطاعت قوات طالبان التوغل واختراق مدينة لشكرة كاه، عاصمة ولاية هلمند، التي تنتج معظم الخشخاش الذي ينمو في أفغانستان والتي يشتق منها مادة الأفيون، المصدر الرئيسي لتمويل هذه العصابات. ويمكن القول إن السلطات الأفغانية قد فشلت حتى اليوم في التصدي إلى هذه الهجمات الإرهابية، في حين أثبتت قوات طالبان قدرتها على اختراق المدن الإستراتيجية في أفغانستان.
وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الداخلية الأفغانية قد نفت كل التقارير التي تشير إلى أنها قد فقدت سيطرتها على العديد من المدن، لكن يؤكد البعض، أن هذه القوات المعارضة تتفاوض مباشرة مع المسؤولين المحليين قبل شن أي هجمات. ولذلك إثر وصول هذه القوات إلى بوابات المدن، تصبح مراكز الشرطة مهجورة تماما.
ويشير العديد من المحللين بأصابع الاتهام إلى الانشقاقات الكبيرة التي تحدث بين الموظفين والمسؤولين عن الأمن في أفغانستان. وفي تقرير نُشر في أواخر سنة 2015، أوضح الجيش الأمريكي أنه تم تعيين 170 ألف جندي أفغاني في العام الماضي بسبب فرار الكثير منهم. كما اعترفت وزارة الدفاع أنها تفقد قرابة 10 بالمائة من قواتها العاملة سنويا.
إن مسألة عدم معرفة عدد الجنود الذين يقومون بالخدمة في الجيش تثير جدلا كبيرا خلال الفترة الأخيرة، فوفقا للأرقام الرسمية، يتمركز قرابة 300 ألف جندي وشرطي في العديد من النقاط الأفغانية. وفي هذا السياق، حذّر المفتش العام الأمريكي لإعادة إعمار أفغانستان، جون سوبكو، من تزايد انخفاض هذا العدد. كما يشير هذا المفتش إلى أن بعض هؤلاء الجنود يتقاضون أموالا من مصادر غربية أو من ضباط فاسدين، بالإضافة إلى أن 50 بالمائة من 26 ألف جندي يتقاضون أجورا دون القيام بمهامهم.
وفي هذا السياق، يقول الباحث المشارك في معهد الدراسات الدولية والإستراتيجية، كريم باكزاد، إن الأمريكيين قد تمكنوا من إنشاء جيش أفغاني، لكنهم فشلوا في وضع إدارة تتسم بالكفاءة والفعالية والنزاهة. وأضاف أن الجيش الأفغاني ليس جيشا وطنيا، لكنه يبقى صورة عن هذا المجتمع متعدد الأعراق الذي تجتاحه العديد من الصراعات.
ومن بين العوامل التي دفعت الجنود الأفغان إلى تعليق مهامهم هو خوفهم من استهدافهم أو تهديد أقاربهم، فضلا عن ضعف الأجور التي يتقاضونها، التي تصل بين 200 و 300 دولار شهريا.
تنظيم الدولة مازال يستهدف الشيعة
قُتل قرابة 14 شخصا في 13 أكتوبر/ تشرين الأول في هجوم على مسجد شيعي في ولاية بلخ الأفغانية. وفي اليوم نفسه، أعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عن هجمات كابول التي استهدفت مجموعات شيعية وأودت بحياة 17 شخصا على الأقل في اثنين من المساجد الشيعية في ذكرى عاشوراء.
وفي 23 يوليو/ تموز، استهدف انتحاريون يتبعون التنظيم الدولة مظاهرة سلمية قامت بها قومية هزارة الأفغانية، ما أسفر عن مقتل 84 شخص وإصابة أكثر من 130 جريح. وتجدر الإشارة إلى أن الطائفة الشيعية ليست مستهدفة فقط في أفغانستان ولكن أيضا في باكستان.
المصدر: لا كروا