أظهرت مجلة “لانسيت” الطبية البريطانية في أحد الدراسات الحديثة المنشورة في المجلة أن تخفيف قيود سياسة تحديد النسل في الصين التي أعلنت عنها السلطات الصينية أواخر العام الماضي 2015 لن تسهم بشكل كاف في معالجة العمالة الشابة ومشكلة الشيخوخة.
وذكرت الدراسة أن حل المشكلة لن يظهر في أقل من عقدين لذا أوصى الباحثون في الدراسة درءًا لتفاقم الأزمة السكانية في البلاد أن تقوم الحكومة برفع سن التقاعد الإلزامي المنخفض للنساء إلى حد 50 أو 55 سنة وللرجال إلى 60 سنة بالإضافة إلى رفع سقف المعاشات التقاعدية وغيرها من الإجراءات.
إذ من المتوقع أن يبلغ عدد السكان في الصين بعد سماح الحكومة بإنجاب طفلين مطلع العام الحالي نحو مليار و 450 مليون نسمة بحلول العام 2029 بينما كان سيصل عدد السكان في حال استمرار سياسة الطفل الواحد لمليار و 400 مليون نسمة بحلول العام 2023 علمًا أن الحكومة عملت بهذه السياسة لمدة 36 عامًا حيث فرضت الحكومة إنجاب طفل واحد فقط في المدينة وطفلين في الأرياف إذا كان المولود الأول أنثى، والجدير بالذكر أن عدد سكان الصين حاليًا يبلغ حوالي مليار و 370 مليون نسمة وتعتبر أكثر الدول على مستوى العالم من حيث عدد السكان.
لمنع تفاقم الأزمة السكانية في الصين على الحكومة رفع سن التقاعد الإلزامي المنخفض للنساء إلى حد 50 أو 55 سنة وللرجال إلى 60 سنة ورفع سقف المعاشات التقاعدية
كان لسياسة الطفل الواحد آثار اجتماعية كبيرة حيث أجبرت العديد من النساء على الإجهاض القسري أو ترك الطفل الثاني للتبني ما سبب للنساء جروح عاطفية، وقد أدت تلك السياسة لارتفاع نسبة الذكور على الإناث نتيجة حالات الإجهاض للأجنة الإناث وتفضيل النسل الذكوري، وبحسب الدراسة فقد توقعت أن يزيد عدد الذكور على الإناث بنحو 30 مليون مع نهاية العقد الحالي.
على افتراض أن معدل الولادات الكلي عند كل امرأة سيرتفع من 2.1 طفل لكل امرأة في المناطق الريفية و 1.24 طفل في المناطق الحضرية ليصل إلى 2.15 و 1.67 طفل على التوالي خلال السنوات العشر المقبلة حسب ما جاء في الدراسة وتتوقع بحلول العام 2030 أن يصل معدل الخصوبة الكلي إلى 1.81 طفل في المناطق الحضرية.
سيصل معدل الولادات الكلي في الصين في الأعوام العشرة المقبلة إلى 2.15 طفل لكل امرأة في المناطق الريفية
تأثير سياسة الطفل الواحد
أدى اتباع الصين لسياسة الطفل الواحد منذ العام 1979 لزيادة معدلات كبار السن من إجمالي عدد السكان حيث بلغت نسبة السكان التي تتعدى أعمارهم سن الـ 50 سنة 30% من إجمالي عدد السكان أما من هم فوق عمر الستين سنة فتبلغ النسبة 13% وقدرت الأمم المتحدة أن هذه النسبة ستصل بحلول العام 2050 إلى 440 مليون نسمة.
حيث تكون الزيادة في نسب الشيخوخة على حساب نسبة السكان من الأطفال والشباب، وعليه فإن نسبة السكان الشائخين تزداد ونسبة الشباب القادرين على العمل تقل، وهذا يؤدي إلى تدهور معدلات النمو الاقتصادي وبمقارنة أعداد السكان في سن العمل في كل من الولايات المتحدة والصين في الفترة الممتدة من 1990 إلى 2050 تظهر فجوة كبيرة بين البلدين.
وكان عدد من الخبراء أشاروا أن انخفاض معدلات النمو في الصين سببها ضعف القوة العاملة وقلة أعداد المقبلين على العمل حيث تدنت معدلات النمو بشكل لم تشهده الصين منذ ربع قرن من الزمان، إذ تباطئ النمو في العام 2014 مسجلًا 7.3% وهي الأقل منذ العام 1990 وتابع هذا الانخفاض ليصل في العام 2015 نحو 6.9%.
انخفض معدل النمو في الصين في العام الماضي 2015 لأدنى مستوياته منذ العام 1990
وقد حذّر خبراء أن الإبقاء على سياسة الطفل الواحد في الصين من شأنه أن يجعل الاقتصاد الصيني “يشيخ أولا قبل أن يصبح ثريًا” جراء تقلص نسبة العمال الأفتياء إلى المتقاعدين، كما سيكون أكثر من ربع سكان الصين فوق سن الـ 65 عامًا 2050 في حال لو أبقت الصين على تلك السياسة، والسبب يعود إلى معدل الخصوبة في الصين الذي يعد من أدنى المعدلات في العالم، فأدنى معدل للولادات ليجدد المجتمع نفسه عبر الأجيال يقدر بـ 2.1 طفل لكل امرأة في حين بلغ المعدل في الصين في المناطق الحضرية 1.24 طفل لكل امرأة.