يومًا بعد يوم، تزداد صعوبة ممارسة لعبة كرة القدم، بازدياد الضغط النفسي والجسدي على لاعبيها، وخاصة أولئك الذين يلعبون في الدوريات الأوروبية على أعلى المستويات، حيث تستنزف صعوبة المنافسات وكثرة المنافسات جل طاقاتهم، ليبلغ معظمهم سن الشيخوخة الكروية، وهم ما زالوا على أعتاب الـ 30 من العمر!
ولذلك السبب، ازدادت أهمية المواهب الشابة في الكرة العالمية، حتى أصبحت هاجسًا لدى معظم الأندية الأوروبية الكبرى، التي أصبحت تولي اهتمامًا متزايدًا بمدارس تكوين اللاعبين الناشئين، إضافةً إلى توظيفها لفريق من المختصين في كشف ورصد المواهب الشابة حول العالم، لاستقدامها إلى النادي، ولو كلف ذلك ملايين الدولارات!
جائزة الفتى الذهبي المقدمة من صحيفة توتو سبورت الإيطالية
ومع تزايد اهتمام الأندية بالمواهب الشابة، تزايد الاهتمام الإعلامي بها، فأصبحت أبرز الصحف والمجلات العالمية، تفرد صفحات للحديث عن نجوم المستقبل، كما ابتكر صحفيو إحدى المجلات الإيطالية الرياضية المختصة، واسمها (توتو سبورت)، جائزةً سنويةً شبيهةً بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، ولكنها مخصصة للاعبين الصاعدين الذين لا تتجاوز أعمارهم 21 عامًا، تحت مسمى جائزة الفتى الذهبي (Golden Boy)، وقد منحت تلك الجائزة للمرة الأولى عام 2003، للاعب الهولندي رافائيل فان دير فارت، بعد تصويت معظم صحفيي المجلة الإيطالية لصالحه.
وتوالت نسخ الجائزة السنوية، وتطورت وازدادت أهميتها، وخاصةً أن الاختيار لم يعد مقصورًا على صحفيي المجلة، بل أصبحت تشارك فيه مجموعة من الصحف الأوروبية العالمية، كفرانس فوتبول والإيكيب الفرنسيتين، والماركا وموندو ديبورتيفو الإسبانيتين، والتايمز الإنجليزية، وبيلد الألمانية، ودي تيليغراف الهولندية، وتا نيا اليونانية، وبليك السويسرية، وإيبولا البرتغالية، إضافةً لصحيفتي كورير ديلو سبورت ولاغازيتا ديلو سبورت الإيطاليتين.
وتقوم آلية التصويت على أن ترفع كل صحيفة أسماء 5 لاعبين بالترتيب، حيث يتم احتساب نقاط اللاعبين كالتالي: 10 نقاط عن كل ترشيح في المركز الأول، 7 نقاط للمركز الثاني، 5 للثالث، 3 للرابع، ونقطة للخامس، واللاعب صاحب النقاط الأعلى يتوج بالجائزة، التي تمنح عبر حفل يقام في شهر ديسمبر آخر كل عام.
الفرنسي أنتوني مارتيال الفائز بجائزة العام الماضي
وبالنظر إلى أبطال الأعوام الماضية، وعددهم 13، نجد منهم من نجح وتألق بشدة، كالأسطورة الأرجنتينية ليو ميسي الفائز بالجائزة عام 2005، والفتى الذهبي الإنجليزي واين روني الفائز عام 2004، والإسباني سيسك فابريغاس الفائز عام 2006، والمهاجم الأرجنتيني الشهير سيرخيو أغويرو الفائز عام 2007، كما نجد منهم من خبا بريقه وأفل نجمه كالبرازيلي أندرسون الفائز بالجائزة عام 2008، ومواطنه ألكسندر باتو الفائز عام 2009، والإيطالي ماريو بالوتيللي الفائز عام 2010، والألماني ماريو غوتزة الفائز عام 2011.
أما أبطال الأعوام الـ 4 الماضية، فهم لا يزالون في سنوات ربيع عطائهم الكروي، وقد تحولوا إلى نجوم من الصف الأول، وهم على الترتيب: الإسباني إيسكو عام 2012، والفرنسي بول بوغبا عام 2013، والإنجليزي رحيم ستيرلينج عام 2014، والفرنسي أنتوني مارتيال حامل جائزة العام الماضي.
أبرز مرشحي العام الحالي لجائزة الفتى الذهبي
قائمة مرشحي العام الحالي أعلنت عنها صحيفة (توتو سبورت) نهاية سبتمبر الماضي، وقد تضمنت أسماء 40 لاعبًا، جميعهم من مواليد عام 1996 فما بعد، وينشطون ضمن 12 دوريًا أوروبيًا مختلفًا.
وقد رصدنا لكم من خلال متابعاتنا، أبرز المرشحين لحمل جائزة هذا العام، وانتخبنا القائمة المختصرة التالية التي تشمل تعريفًا بأبرز 10 مواهب شابة في ملاعب كرة القدم العالمية:
10- النيجيري أليكس إيوبي (20 عامًا): ظهر الموسم الماضي بقميص أرسنال 13 مرة، نجح خلالها بتسجيل هدفين وصناعة 5، ليحجز مكانه في تشكيلة أرسين فينغر، الذي وجد فيه خير معوض لإصابات الخط الأمامي في فريقه، وقد اختار اللعب لمنتخب بلاده الأصلية نيجيريا، مفضلًا إياها على بلد إقامته إنجلترا.
9- النيجيري كليتشي إيهيناتشو (20 عامًا): قدم المهاجم النيجيري نفسه كبديل ممتاز للأرجنتيني أغويرو في صفوف مانشستر سيتي منذ الموسم الماضي، واستمر الحال هذا الموسم مع غوارديولا، وقد بلغ معدل تسجيله هدفًا لكل 93 دقيقة، وسجل هذا الموسم هدفًا مفصليًا في مرمى اليونايتد خلال دربي مدينة مانشستر.
8- الألماني ليروي ساني (20 عامًا): تألق الجناح الألماني ذو الأصول الفرنسية مع شالكة الموسم الماضي، بتسجيله 8 أهداف وصناعته 6، ليدفع فيه مانشستر سيتي 50 مليون يورو، من أجل إحضاره لدعم كتيبة المدرب بيب غوارديولا، ليصبح أغلى لاعب ألماني في التاريخ!
7- الإيطالي جيانلويجي دوناروما (17 عامًا): أصغر مرشح لهذا العام، وهو أيضًا حامل لقب أصغر حارس مرمى في تاريخ الدوري الإيطالي، بعد أن حمى عرين إس ميلان العام الماضي وهو بعمر 16 عامًا و8 أشهر! وقد استدعي مؤخرًا لتمثيل منتخب إيطاليا الأول، ويتوقع له المراقبون أن يكون خليفة الأسطورة جيانلويجي بوفون.
6- الفرنسي عثمان ديمبلي (19 عامًا): جناح بروشيا دورتموند القادم من رين الفرنسي، حيث كان اكتشاف الموسم الماضي في الدوري الفرنسي، وقد تصدر استفتاء صحيفة فرانس فوتبول لأفضل لاعب فرنسي شاب، وهو يمتلك من المهارة والسرعة ما يذهل رفاقه قبل خصومه.
5- الفرنسي كينسلي كومان (20 عامًا): انتقل الجناح الفرنسي الشاب مطلع الموسم الماضي من يوفنتوس إلى بايرن ميونيخ على سبيل الإعارة، وتألق بشدة على يد المدرب بيب غوارديولا، حيث أظهر مهارات نادرة قادته لتسجيل 4 أهداف وصناعة 6، ليتم اختياره ضمن تشكيلة منتخب الديوك المشارك في بطولة اليورو الماضية.
4- الإنجليزي ديللي آلي (20 عامًا): أحرز جائزة أفضل لاعب شاب في البريمير ليغ الموسم الماضي، بعد تسجيله 10 أهداف وصناعته 9، حيث كان حجر الأساس لخط وسط فريقه توتنهام، الذي نافس بقوة على بطولة الدوري الموسم الماضي، كما شارك النجم الصاعد مع منتخب الأسود الـ 3 خلال بطولة اليورو الماضية.
3- الإنجليزي ماركوس راشفورد (18 عامًا): من حسنات المدرب الهولندي لويس فان غال القليلة مع مانشستر يونايتد الموسم الماضي، أنه ساهم باكتشاف موهبة المهاجم الإنجليزي المذهل، الذي استفاد من فرص ظهوره القليلة في الموسم الماضي لإظهار معدنه التهديفي النفيس، ليحجز مكانًا أساسيًا في خط هجوم الشياطين الحمر هذا الموسم مع جوزيه مورينو، وكذلك مع منتخب إنجلترا، الذي يشارك معه بانتظام منذ بطولة اليورو الماضية.
2- الإسباني ماركو أسينسيو (20 عامًا): عاد صانع الألعاب الإسباني الفنان من إعارة ناجحة في نادي إسبانيول الموسم الماضي، ليتمسك به مدرب الريال زيدان ويرفض إعادة إعارته، فيكافئ اللاعب مدربه بتألقه منذ بداية الموسم، مستفيدًا من الفرص القليلة التي سنحت له للمشاركة كأساسي في الميرينغي، بعد إصابة نجوم الخط الأمامي، كما استدعي لتمثيل منتخب إسبانيا الأول مطلع الشهر الماضي.
1- البرتغالي ريناتو سانشيز (19 عامًا): يعتبر لاعب الوسط البرتغالي أبرز مرشح لحمل جائزة العام الحالي، وخاصةً بعد اختياره كأفضل لاعب صاعد خلال بطولة اليورو الماضية، التي حمل منتخبه لقبها للمرة الأولى في تاريخه، مما جعل نادي بايرن ميونيخ لا يتأخر عن دفع 35 مليون يورو، من أجل إحضاره إلى الإليانز أرينا، قادمًا من صفوف بنفيكا البرتغالي.
الألماني السوري محمود داهود من مرشحي العام الحالي
ورغم أن الأسماء الـ 10 الآنفة الذكر هي الأكثر ترشيحًا للفوز بالجائزة، إلا أن حظوظ بقية الأسماء تبقى قائمةً، وقد جمعناها ورتبناها بحسب الدوريات التي تلعب ضمنها:
من الدوري الألماني: الألمانيان جوليان براندت وجوناثان تاه (باير ليفركوزن) – الدانماركي أندرياس كريستيانسن والألماني محمود داهود (مونشن غلادباخ) – الكرواتي آلين هاليلوفيتش (هامبورغ) – السويسري بريل إيمبولو (شالكة).
من الدوري الإنجليزي الممتاز: الإنجليزي ديماراي غراي (ليستر سيتي) – روبن لوفتس تشيك (تشيلسي) – الصربي ماركو غروييتش (ليفربول).
من الدوري الإسباني: الفرنسي لوكاس هيرنانديز (أتلتيكو مدريد) – الباراغواني أنتونيو سانابريا (ريال بيتس) – الإسباني كارلوس فيرنانديز (إشبيلية).
من الدوري الإيطالي: البرازيلي جابرييل باربوزا (إنتر ميلانو) – الغيني أمادو ديوارا (نابولي) – الفرنسي أوليفر نتشام (جنوى).
من الدوري الفرنسي: البرازيلي غابرييل بوسكيليا والمالي ألمامي توريه (موناكو) – الأرجنتيني إيمانويل مامانا (ليون).
من الدوري البرتغالي: البرتغالي دانيلو باربوسا والبرتغالي غونزالو غيديس (بنفيكا) – البرتغالي روبن نيفيز (بورتو).
من الدوري الهولندي: الهولنديان جايرو ريدفالد ورشيدلي بازوير (أياكس) – البرازيلي ألان ناثان (فيتيس).
من الدوري البلجيكي: الجامايكي ليون بايلي (جينت) – البلجيكي يوري تيليمانس (أندرلخت).
من الدوري الروسي: الروسي ألكسندر غولوفين (سيسكا موسكو).
من الدوري الأوكراني: الأوكراني فيكتور كوفالينكو (شاختيار).
من الدوري الإسكتلندي: الفرنسي موسى ديمبلي (سلتيك).
من الدوري الكرواتي: الكرواتي أنتي كوريتش (دينامو زغرب).
المغربي منير الحدادي من المواهب العربية الضائعة
وبالحديث عن المواهب العربية المتواجدة ضمن قائمة المرشحين الحاليين للجائزة، نجد فقط اسم لاعب وسط مونشن غلادباخ السوري محمود داهود صاحب الـ 20 ربيعًا، والذي يلعب لمنتخب ألمانيا تحت 21 عامًا، وقد تواجد اسمه ضمن مرشحي العام الماضي أيضًا، إلى جانب الثلاثي المغربي: منير الحدادي وأنور الغازي وزكريا بقالي، الذين فضلوا تمثيل منتخبات إسبانيا وهولندا وبلجيكا على التوالي! وهنا تكمن أبرز مشكلة تخص المواهب العربية الشابة، وهي مشكلة ضياعها وعدم استفادة المنتخبات العربية منها، بسبب اختيار اللاعبين ذوي الأصول العربية جنسية بلدان مولدهم على حساب بلدان أصولهم، أو تأجيل الاختيار بانتظار دعوة أحد المنتخبات الكبرى، وهو ما تكرر كثيرًا مع عدد من اللاعبين ذوي الأصول المغربية خاصةً، كالثلاثي المذكور أعلاه، على عكس مواهب أخرى تمسكت بحمل قميص وطنها الأم، كالمغربي هاشم مستور لاعب إس ميلان ذو الـ 18 عامًا، والذي فضل اللعب للمنتخب المغربي على حساب منتخب إيطاليا.
كما تبرز أسماء مواهب عربية أخرى في الملاعب الأوروبية، كالمغربي يوسف النصيري مهاجم فريق مالاقا، ومواطنه أشرف حكيمي مدافع شباب ريال مدريد، والمصري رمضان صبحي لاعب وسط ستوك سيتي، والمصري كريم حافظ ظهير لنس الفرنسي، والتونسي عصام بن خميس لاعب وسط لوريان، وكلهم من المواهب العربية الصاعدة التي لم تتخط الـ21 عامًا، والتي ينتظر أن يبزغ نجمها في كبرى الأندية الأوروبية في أقرب الآجال.