ترجمة حفصة جودة
بالنسبة لكثير من الآباء، التحدث مع الأطفال عن الطعام والتغذية والوزن مثل السير في حقل من الألغام، وبالفعل بعد أن أفادت دراسة في “جاما” للأبحاث، أن ربع الأطفال والمراهقين الأمريكيين يعانون من السمنة، حذرت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال من أن تشجيع المراهقين على تناول طعام صحيّ قد يتسبب في إصابتهم باضطرابات الغذاء، وعند قيام البالغين بمناقشة الخيارات الغذائية مع المراهقين، فيجب عليهم ألا يفرضوا آراءهم بشأن خيارات المراهقين فيما يتعلق بالصحة والمظهر.
وفي بعض الأحيان، يشعر الآباء بالقلق بشأن التعليقات حول عادات أطفالهم الغذائية وأنه سيتم فهمها كحكم على شكل الطفل وشخصيته، لذا إليكم بعض الاقتراحات للتحدث عن الطعام الصحي دون التطرق إلى المظهر.
اللعبة الصفرية
يستطيع الشباب أن يفهموا جيدًا أن هناك حدود لكمية الطعام التي ينبغي تناولها، وتشجع الطبيبة هوب باركوكس، رئيس قسم التغذية في كلية الطب بجامعة ويسترن ريزيرف، الآباء أن يقوموا بتعليم أبنائهم أن “الغذاء شريان الحياة للصحة” وأن خيارتنا الغذائية تقترب بنا من صحة جسدية أفضل أو تأخذنا بعيدًا عن ذلك.
تشير هوب إلى أن الأطعمة المصنعة تمدنا بالطاقة، لكن الأطعمة غير المصنعة توفر لنا الفيتامينات والمعادن والمركبات الغذائية ومضادات الالتهاب وتعزز المناعة وتقينا من السرطان، وتضيف أنه بإمكاننا تناول بعض الأطعمية غير الصحية بشرط ألا تحل محل العناصر الغذائية الأساسية التي تعزز الصحة الجسدية والنفسية وتدعم نظام المناعة وتقلل من خطر الإصابة بالأمراض.
بالنسبة للأطفال الأصغر سنًا، يجب أن تكون النقاشات محايدة وربما مرحة في هذا الأمر، وذلك عن طريق ربطها بالحقائق، فمثلاً: يمكننا أن نقول “هل تعلم أن النبات يحتاج للشمس والماء كليهما حتى يستطيع النمو؟ حسنًا، البشر كذلك بحاجة إلى ما هو أكثر من السعرات الحرارية ليكونوا في صحة جيدة”، فقطعة من الحلوى قد تمنحك الطاقة، لكن إذا كانت هي كل ما تتناوله فسوف تبدأ في الذبول، أما الكمثرى فهي تمنحك نفس القدر من الطاقة بالإضافة إلى الكثير من المواد الغذائية اللازمة لصحتك.
العناية الذاتية
تأطير تناو ل الطعام كوسيلة هامة للاهتمام بأنفسنا، يدعم استقلال الأطفال ويبتعد بالمراهقين عن الصراع الفاشل والخطير للغذاء والسلطة، وجبات الأطفال الغذائية تعكس ما يوفره الآباء، أما المراهقون فلديهم مساحة أكبر من الحرية، حتى إنهم قد يمارسوا الرياضة بأموالهم الخاصة، وفي عيادتي تعاملت مع مراهقين يعانون من فقدان الشهية، وتعاملت مع مراهقين يعانون من السمنة حيث يتناولون الحلوى تعبيرًا عن رفضهم للطعام الذي يفرضه آباؤهم.
ولتعزيز موقفهم من الرعاية الذاتية فيما يتعلق بالطعام، يمكننا أن نساعد الأطفال والمراهقين على ضبط شهيتهم لتحديد كم الطعام الذي يحتاجونه، وبالرغم من صخب الحياة الأسرية، ينبغي أن نقوم وقت الطعام بطرح أسئلة مثل: هل أنت جائع؟ أو إلى أي مدى تشعر بالجوع؟ هل ما زلت جائعًا؟ فقد لاحظ خبراء التغذية أن بعض الشباب النشيطين ليس لديهم القدرة على استخدام شهيتهم كدليل موثوق في تحديد كمية الطعام اللازمة لهم.
يمكننا أيضًا أن نذكر الطفل بأن تناول أطعمة مغذية، عنصر رئيسي في الرعاية الذاتية، وإذا لزم الأمر يمكننا أن نتحدث معهم بطريقة: “هل تعلم أن تناول الحلوى في الفطور ليس جيدًا لجسمك، ما رأيك أن أطهو لك بيضة بدلاً من ذلك”؟
ما وراء الذات
يستطيع الوالدان حث الأطفال والمراهقين على تناول الغذاء الصحي من خلال التحدث عن التأثير الواسع لتناول الطعام، فعلى سبيل المثال يمكننا الإشارة إلى أن تناول الفاكهة أفضل للبيئة من تناول الأطعمة المصنعة والمغلفة.
السبب في فشل معظم المحاولات لتحسين العادات الغذائية يرجع إلى أن الإشباع القصير الذي تسببه الوجبات السريعة، يتجاوز الفوائد البعيدة لصحة جسدية أفضل، لكن الربط بين الخيارات الغذائية والإيثار قد يساعد على تغيير السلوك، فخلق قيمة اجتماعية يوفر متعة فورية.
وعلى نحو مشابه، أظهرت دراسة جديدة أن المراهقين يستجيبون للرسائل الصحية المتعلقة بالعدالة الاجتماعية، فالمراهقون يقومون باختيار وجبات صحية خفيفة عندما تخبرهم عن التلاعب في صناعة الغذاء.
ومن الضروري أن نتذكر أن الحديث عن الخيارات الغذائية هو أحد الطرق التي تحدد كيف يأكل أطفالنا، لكن في الواقع أظهرت الأبحاث أن الأطفال يميلون لتناول ما يأكله آباؤهم، سواء من حيث نوعية الطعام أو كميته، وقد تحد الحواجز الاقتصادية من الخيارات الغذائية للعديد من الأسر، لكن إذا كان الآباء قادرين على اختيار نوعية طعامهم بحرية، فمن الممكن أن يتم تعزيز العادات الصحية عن طريق الاقتداء بهم.
المصدر: نيويورك تايمز