خلال العشرة أشهر الماضية وعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بخفض أسعار السلع الأسياسة لأربع مرات، ولكن أي من تلك الوعود لم تتحول لواقع، بل وبعد كل وعد تزداد الظروف الاجتماعية سوءًا لمختلف طبقات المجتمع المصري جراء حدوث ارتفاع كبير في معدلات التضخم لم تشهده البلاد منذ سنوات.
إلا أن السيسي وفي لقاء مع وسائل إعلام محلية أول أمس الجمعة 14 أكتوبر/ تشرين الأول، ذكر أنه لا يوجد خيار بديل عن برنامج إصلاح حقيقي يستهدف وصول الدعم لمستحقيه وخفض فاتورة خدمة الدين، وقال عن موجات الغلاء إن “أجهزة الدولة تعمل جاهدة لضبط الأسواق”، وأضاف أن الحكومة تعمل على توفير احتياطي من السلع الاستراتيجية يكفي لـ 6 أشهر على الأقل حتى تكون متوافرة بأسعار مناسبة دون أي نقص، والهدف حسب تعبيره “التخفيف على المواطنين” من خلال زيادة حجم المعروض من السلع من الإنتاج المحلي حتى يكون في متناول من يشتري بالجنيه المصري.
ربع السكان يعانون من الفقر أي بما يعادل 24 مليون مواطن
مصري يضرم بنفسه النار
قبالة أحد أندية القوات المسلحة المصرية في الإسكندرية، صرخ سائق تاكسي مصري 30 عامًا “مش لاقي آكل” ومن ثم سكب على نفسه بنزينًا وبعدها أشعل بنفسه النار محاولاً الانتحار، احتجاجًا على غلاء الأسعار وسوء الأحوال المعيشية.
جملة من الحوادث الاقتصادية ساقت الأسعار في الأسواق المصرية للصعود نحو مستويات فلكية بشكل لا يتوافق مع الحالة المعيشية التي يعيشها الملايين من المصريين، وإحدى أبرز تلك الحوادث هي قرض صندوق النقد الدولي الذي من الممكن أن يكون قد “اشترط” على الحكومة لمنحها قرض قدره 12 مليار دولار على مدى 4 سنوات، إجراء إصلاحات هيكلية في الاقتصاد تضمن للصندوق قدرة الحكومة على السداد في المواعيد المحددة، وهذا ما جعل الحكومة تبدأ خطوات تدرجية للتخلي عن سياسة الدعم للمواد والخدمات الأساسية التي تقدمها للسكان ومن بينها الكهرباء والبنزين والسولار والماء وأنواع مختلفة من السلع والخدمات.
والأخطر من هذا هو تعويم سعر صرف الجنيه مقابل الدولار والذي يعد أحد الأسباب المهمة لارتفاع الأسعار في الأسواق والتي قاربت بعضها 100%، وفي بعض الأحيان ارتفعت 200%، وأشارت تقارير أن أسعار بعض السلع الغذائية زادت خلال السنوات الثلاث الأخيرة بنحو 300%، فمصر تستورد من حاجياتها الغذائية المختلفة نحو 60%، وهذا ما يجعل تلك السلع عرضة لتقلبات سعر الصرف.
في حين صدر تصريح عن وزارة التموين والتجارة الداخلية في مصر على لسان المتحدث الرسمي للوزارة، ذكر أن أسعار السلع شهدت ارتفاعات طبيعية نتيجة العرض والطلب، لافتًا إلى أن زيادة المواد البترولية والدولار من الطبيعي أن تؤثر على زيادة الأسعار.
الجدير بالذكر أن أكثر من ربع السكان يعانون من الفقر بما يعادل 24 مليون مواطن، بالإضافة إلى وجود ما يزيد عن 3.5 ملايين عاطل عن العمل في البلاد، وهذه الأرقام تمثل الوضع المزري الذي وصل إليه الوضع الاقتصادي والاجتماعي المصري على مدى السنوات الماضية.
رفع الدعم عن السلع والخدمات قادم كما أعلن ذلك السيسي بقوله “عندما تباع السلع بثمنها..”، أما عن سعر الصرف فقد تجاوز سعر صرف الجنيه 15 جنيهًا لكل دولار في السوق السوداء، بينما لا يزال البنك المركزي يعرضه بـ 8.87 جنيهًا لكل دولار، وهي فجوة كبيرة جدًا من الصعب علاجها بضخ الأموال.
وكان فيديو سائق التوكوك الذي انتشر خلال اليومين الماضيين معبرًا عن الحالة التي وصلت إليها مصر من فقر وبطالة وهوان، متسائلاً عن كيف بدولة كمصر فيها مؤسسات ووزارات تصل للمستوى الذي وصلت إليه الآن! وهاجم الإعلام المصري الذي يظهر مصر بمظهر مثالي على عكس الواقع تمامًا.
كما قارن الرجل بين فترة الرئيس الحالي والفترة التي سبقته قائلاً كان هناك يكفي من السكر وكانت مصر تصدر الأرز وتساءل عمّا يحدث الآن؟ في إشارة إلى أزمة السكر والأرز والزيت التي تشهدها مصر في الأوقات الحالية.
وختم شكواه قائلًا “ألا يوجد أحد ممن يحبون مصر يقول لا لما يحدث فيها اليوم، يقول لا للتجار الذي يتاجرون بأحلام الناس في العدالة والديقراطية؟!”.
مظاهرات 11/11
انتشرت خلال اليومين الماضيين دعوات عديدة للخروج في مظاهرات يوم 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل تحت اسم “ثورة الغلابة” ردًا على الأوضاع الاقتصادية الأخيرة والأزمات التي تعصف بمصر.
إلا أن تلك الدعوات لاقت تحذيرات من قبل جهات رسمية في الدولة من المشاركة فيها، حيث رفض العديد من أعضاء مجلس النواب دعوات التظاهر، مؤكدين أن مطالب الدعوات غير واضحة وغير معروف أصحابها، ما عدوه خطرًا على استقرار البلاد بحسب تعبير أحدهم، ومنهم من اعتبرها “قلة أدب”، وآخرين قالوا إن الهدف منها التخريب والفوضى وليس البناء والتعمير، أما الرئيس السيسي فقد سبق ووجه رسالة غير مباشرة بأن القوات المسلحة مستعدة للنزول للشارع خلال 6 ساعات.
أما أصحاب الدعوة فقد أصدروا بيانًا ذكروا فيه أن الهدف من الدعوة للتظاهر في ذلك اليوم هو التصدي للارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات ومقاومة الفساد والمفسدين والوصول إلى عيشة كريمة للشعب المصري مثل بقية شعوب العالم، وإيقاف الظلم والذل والقمع والاستعباد الذين ذاقهم الشعب بسبب فساد الحكام كما جاء في البيان الذي نشره موقع المصريون المحلي.