في إحدى حصص مناهج البحث في العلوم السياسية بالجامعة الأردنية التي تناولت كيفية صياغة الفرضية، طرح أحد الزملاء فرضية “إن زيادة المشاركة في الانتخابات تتناسب عكسًا مع زيادة الاستقرار السياسي”، لم يُتابع الطالب العمل على الفرضية ومحاولة إثبات صحّتها أو عدمها من خلال إخضاعها إلى منهج بحث علمي، لكن هذه الفرضية ما زالت تدور في ذهني منذ ذلك الوقت حتى ظهرت إحصائيات جديدة عن نسب المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عبر التاريخ يُمكن أن تستخدم في إثباتها.
توقع روبي موك مدير الحملة الانتخابية للمرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون الأسبوع الماضي أن تسجل انتخابات الثامن من نوفمبر القادم أكبر عدد من المشاركين في الانتخابات بتاريخ أمريكا، تاريخيًا، تراجع عدد المصوتين في انتخابات رئاسية أمريكية عن الانتخابات السابقة ست مرات فقط منذ عام 1856، واحدة من هذه المرات كانت في عام 2012 بعد أن سجّلت الانتخابات في عام 2008 رقمًا قياسيًا من حيث العدد، بإدلاء 131 مليون ناخب أمريكي بأصواتهم، لكن التعداد السكاني ازداد منذ عام 2012 24 مليون نسمة، في عام 2008 أدلى 43% من الأمريكان بأصواتهم، والآن كل ما يتطلبه تجاوز هذا الرقم أن يصوت 40% من الأمريكان كما جرى في انتخابات 2004 و2008 و2012.
ذا فيكس/ واشنطن بوست: نسبة عدد المشاركين في الانتخابات إلى التعداد السكاني للولايات المتحدة
يرى فيليب بامب الكاتب في مدونة ذا فيكس التابعة لصحيفة واشنطن بوست أن هناك شكوك مشروعة في رغبة الأمريكان بالإدلاء بأصواتهم، بالنظر إلى الاستراتيجية المُنفّرة التي تتبنّاها حملة دونالد ترامب التي تُعاني لإيجاد آلية ناجعة لجذب مزيد من الناخبين لصالحها، إلا أن المشهد العام يوحي بأن كثيرًا من الناخبين ينوون للتصويت لاعتراضهم على المرشح في المعسكر الآخر، ويمكن القول أن عددًا مُعتبرًا من الجمهوريين سيصوتون لمحاولة منع هيلاري من الفوز كما سيصوت كثير من الناخبين الديمقراطيين للحيلولة دون فوز ترامب.
وعلى الرغم من أن انتخابات 2016 قد تحطم الرقم القياسي من حيث عدد الناخبين، إلا أن تسجيل رقم قياسي بنسبة المشاركة في الانتخابات بين من يحق لهم التصويت لا يزال بعيدًا جدًا عن نسب المشاركة في القرن التاسع عشر التي كانت تُناهز 80% ممن يحق لهم التصويت في فترة لم يكن يحق فيها للنساء أو السود التصويت في الانتخابات، كما أنها لن تصل إلى مستوى عام 1960 حين كانت مواجهة حركة الحقوق المدنية للعنصرية ضد السود في ذروتها حين أدلى أكثر من 63% ممّن يحق لهم التصويت بأصواتهم، وهنا نعود إلى الفرضية آنفة الذكر، فإبان أزمة حركة الحقوق المدنية بلغت نسبة المشاركة ذروتها، وكذلك في عام 2008 حين كانت الولايات المتحدة تواجه إحدى كبرى الأزمات الاقتصادية في التاريخ الحديث وكانت متورطة في حربين، وهذان المؤشران الإحصائيان يدعمان فرضية “أن زيادة المشاركة في الانتخابات تتناسب عكسًا مع زيادة الاستقرار السياسي”.
يعتقد بامب أن الانتخابات القادمة ستسجل رقمًا قياسيًا جديدًا في عدد المشاركين في الانتخابات، ولكن ليس بسبب حماسة النّاخبين وإنّما بسبب زيادة التعداد السكاني وزيادة عدد المُهاجرين.
إيليكت بروجيكت: نسبة المشاركين في الانتخابات من الأمريكيين إلى من يحق لهم التصويت
الأسواق تتوقع فوز هيلاري والمستهلكون غير مهتمين
ذكر موقع بيزنس إنسايدر أن هيلاري كلينتون تتقدم في معظم استطلاعات الرأي، مشيرًا إلى أن استطلاعًا لمؤشر يوميك للمستهلكين أعلن أن الأسواق تتوقع فوزها بنسبة 80% ويبدو أن الناخبين يشاركون الأسواق الرأي، قال مدير الاستطلاع ريتشارد كيرتين إن الاستطلاعات تواصل تتبّع أيّ فئة من المستهلكين تتوقع فوز مرشحها في الرئاسة دون أن تكترث للمرشح الذي سيصوت له الناخبون، مضيفًا أن غالبية المستهلكين في كل استطلاع للرأي منذ يونيو الماضي توقعوا فوز هيلاري بنسبة تجاوزت 46% في أكتوبر و34% في سبتمبر و43% في أغسطس.
ولدى سؤال المستهلكين عن المرشح الذي سيحسّن نجاحه النمو الاقتصادي والوضع المالي لهم كانت الإجابات كذلك لصالح هيلاري على ترامب، لكن معظم المستهلكين رأوا وفق الاستطلاع نفسه أن فوز أي من المرشحين لن يشكل فرقًا كبيرًا على وضعهم المالي أو على الاقتصاد الأمريكي، وذلك في وقت سجّلت فيه الأسواق أفضل معدلاتها منذ الأزمة العالمية في عام 2008، فقد سجلت مبيعات المفرد نموًا شهريًا بنسبة 0.6%، يقول نيل دوتا من رينيسنس ماكرو للأبحاث إن الأمريكان يصرفون 0.8% أكثر بمعدل شهري على المطاعم، و1.4% أكثر على تطوير منازلهم، و1.1% أكثر على شراء السيارات.
الجمعية الأمريكية لعلم النفس تُعلن حالة طوارئ
أعلنت جمعية علم النفس الأمريكية مؤخرًا بيانات أشارت إلى ارتفاع معدلات الإجهاد لدى الأمريكان مع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 2016، قالت لين بوفكا المديرة التنفيذية للبحث والسياسة العملية في الجمعية إن الإجهاد يزداد لدى الأمريكان مع اقتراب الانتخابات بغض النظر عمّا إذا كانوا مسجّلين كناخبين لدى الحزب الديمقراطي أو الجمهوري أو غير مسجلين، وأضافت أن 55% من الناخبين الديمقراطيين و59% من الناخبين الجمهوريين يُرجح أن يصرحوا بأن الانتخابات هي مصدر للإجهاد، مشيرةً إلى أن هذا الإجهاد تُغذيه الجدالات والقصص والفيديوهات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي التي تتحول إلى مصدر للقلق والإحباط وخاصة التعليقات التي يتنوع محتواها من سرد الحقائق إلى إظهار العداء والتشويه.
واقترحت الجمعية على الناخبين الذين يتابعون دورة مزاعم المرشحين والرد عليها وتحليلها من قبل وسائل الإعلام 24 ساعة، أن يحدّوا من متابعتهم لوسائل الإعلام، ويقرأوا ما يكفي للاطلاع على التطورات التي تخصّهم، ودعت إلى إطفاء وسائل التواصل الرقمية وأخذ استراحة منها بين الحين والآخر وممارسة المشي أو تمضية وقت مع الأصدقاء والعائلة، وحذّرت من الانخراط في النقاشات المتعلقة بالانتخابات التي يبدو أنها ستتصاعد وتتحول إلى صراع، داعية إلى إدراك مستوى النقاش حول الانتخابات مع الأصدقاء وأفراد العائلة أو زملاء العمل.
وقالت الجمعية في بيان لها: “بغض النظر عن النتيجة في 8 نوفمبر، فالحياة ستستمر، نظامنا السياسي والفروع الثلاثة لسلطتنا تعني أنّك ينبغي أن تتوقع درجة كبيرة من الاستقرار فورًا بعد حدوث انتقال كبير في الحكومة، تجنّب فكرة الكارثة، وحافظ على منظور متوازن، صوّت، فصوت الناخب مهم في الديمقراطية، من المأمول أنك يكون تصويتك نشاطًا إيجابيًا ومشاركة فيما رآه كثيرون دورة انتخابية مُجهِدة، ابحث عن معلومات متوازنة للتعرف على المرشحين والمواضيع التي ستصوت بشأنها (وليس فقط السباق الرئاسي)، اتخذ قرارات مبنية على معلومات والبس شعار “أدليت بصوتي” بكل فخر”.